حَمِل الخطاب الملكي الموجه إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء، حسب سعيد خمري رئيس شعبة القانون العام والعلوم السياسية، بكلية الحقوق المحمدية أربع رسائل واضحة ودقيقة، مؤكدا أنه تهم قضية الوحدة الترابية للمغرب، في بُعدها المغاربي والدولي والإفريقي والمحلي. الرسالة الأولى ذات بعد مغاربي، تؤكد على رغبة المغرب الحثيثة من أجل تحقيق الوحدة المغاربية، وفيها يوجه جلالة الملك، بعد استحضاره لواقع التفرقة والتشرذم الذي تعيشه المنطقة، دعوة صريحة ومباشرة للدولة الجزائرية، من أجل العمل المشترك على تجاوز المشاكل العالقة ونقط الخلاف بين البلدين، بما فيها قضية الصحراء المغربية. بل إن جلالة الملك، باعتباره الممثل الأسمى للدولة المغربية، اقترح على الجزائر، إحداث آلية للحوار والتشاور، يُمَثَّل فيها الطرفان بالمستويات المقترحة من كليهما. كما عبر الخطاب الملكي في هذا الصدد، عن انفتاح المغرب على أي مقترح جزائري بهذا الخصوص. أما في ما يخص مجالات عمل الآلية، فإن الخطاب الملكي، دعا إلى انكبابها على كل القضايا وبالأولويات التي يقتضيها العمل المشترك، بدون استثناء أي قضية من القضايا، بما فيها التعاون الاقتصادي ومحاربة الإرهاب وقضايا الهجرة. الرسالة الثانية، ذات بعد دولي أممي، وفيها أكد خطاب جلالة الملك محمد السادس، على المبادئ والمرجعية والثوابت، التي تحكم تدبير المغرب لملف وحدته الترابية، والتي تقوم على الوضوح والطموح والواقعية. وفي هذا الصدد جدَّد الخطاب الملكي التزام المغرب، الواضح والثابت، للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومع مبعوثه الشخصي في الصحراء، من أجل حل سياسي لقضية الصحراء، يحترم ثوابت المغرب، ويأخذ بعين الاعتبار مقترحه للحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية، كحل حظي بالتقدير والاحترام الأممي والدولي، باعتباره يقوم على المصداقية والواقعية، معبرا في ذات الوقت عن رفض المغرب القاطع، لكل محاولة للالتفاف على حقوقه المشروعة في وحدته الترابية. الرسالة الثالثة، ذات بعد إفريقي، وفي هذا الإطار، ذكَّر الخطاب الملكي، بأن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، لم يكن الهدف منها فقط الدفاع عن قضيته الأولى، قضية الصحراء المغربية، بل فضلا عن ذلك، سعى المغرب من خلال هذه العودة تأكيد انتمائه للقارة الإفريقية، والتزامه للمساهمة الفعلية في بناء الاتحاد الإفريقي، وتحقيق التنمية للشعوب الإفريقية، والاندماج الاقتصادي، والعمل في سبيل ذلك مع شركاء آخرين كالاتحاد الأوربي، لتحقيق فرص الاستثمار، ومحاربة الفقر والجوع في هذه القارة، منبها إلى عدم انخراط المغرب في أي عملية لا تحترم وحدته الترابية. الرسالة الرابعة، ذات بعد محلي، يؤكد فيها الخطاب الملكي من جهة، التزام المغرب بضمان حقوق الساكنة الصحراوية في التدبير الذاتي لشؤونها في إطار الجهوية المتقدمة، بما يحقق مبدأ التمثيلية، مع العمل على محاربة كل مظاهر الفساد والريع والاتجار بقضية الوحدة الترابية للمغرب. ومن جهة ثانية يؤكد الخطاب الملكي على مواصلة المغرب مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في الأقاليم الجنوبية، بما يضمن استفادة سكان الأقاليم الجنوبية من كافة حقوقهم، في ظل الحرية والاستقرار. * رئيس شعبة القانون العام والعلوم السياسية، بكلية الحقوق المحمدية.