بين عشية وضحاها جاء الأمر من فرنسا فاجتمعت الحكومة خارج اجتماعاتها المعهودة وأصدرت مرسوم ترسيم الساعة الإضافية، وفتحت الأمانة العامة للحكومة طابِعاتها خارج أوقات العمل وأصدرت المرسوم في الجريدة الرسمية ليُطبق على العباد في هذه البلاد.. فما أحوجنا إليك يا فرنسا لاستنهاض مثل كل هذه الهمم في وزرائنا وفي مسؤولينا الكسالى الخمولين؟! ما أحوجنا إلى أن تتدخل فرنسا لإصدار أمرها المطاع في قطاع الشغل والوظيفة، فتتحرك الإدارة بمثل السرعة الآنفة فتوظّف جيوش العاطلين عن العمل من أبناء هذا الشعب المهمشين.. ما أحوجنا إلى فرنسا وهي التي تشيد خط القطار السريع "تي جي في"، أن تصدر أمرها الذي سيطاع وتصبح هي المشرفة على كل سككنا الحديدية، وتنتزع من مسؤول مدفوع غير كفء كالسيد ربيع لخليع سلطة إدارة القطاع التي سيطر عليها 14 سنة بدون حسيب أو رقيب، وتُجنّب بالتالي الشعب المغربي ويلات وكوارث كثيرة من قبيل كارثة قطار بولقنادل التي ذهب ضحيتها 7 أبرياء، ولولا الألطاف الإلهية لقضى العشرات! ما أحوجنا إلى قرارات فرنسية عاجلة كقرار إضافة الساعة، في القطاع الصحي مثلا، فتتحول مستشفياتنا إلى مستشفيات حقيقية تتوفر على تجهيزات وأسِرة كافية قادرة على استقبال وعلاج المرضى من المواطنين، وعلى استقبال آدميين تَم العثور عليهم في قارعة الطرق ينخرهم الدود من شدة المرض! وعلى تجنيب السيدات الحوامل أن يلدن في الطرقات وفي وسائل النقل البدائية بالمغرب المنسي والمناطق النائية! ما أحوجنا إلى فرنسا لتُصدِّر لنا بقرار سامي تجربةَ برلمانها المنضبط الذي يحرص أشد الحرص على خدمة مصالح دافعي الضرائب، لا أن يتهافت نوابه على سرقة الحلوى وحتى أواني الشاي والقهوة من داخل القبة التشريعية، ويحل عندنا مجلس الشيوخ الفرنسي الموقر محل مجلس النواب غير المحترم، والجمعية العامة الفرنسية المبجلة محل مجلس المستشارين المنغمس حتى النخاع في الريع! ما أحوجنا إليك يا فرنسا يا بلاد الثالوث المقدس: الحرية-المساواة-الأخوة، لأننا ما أحوجنا ببساطة إلى هذا الثالوث الذي مرغه الساسة عندنا والمسؤولون في مستنقع مصالحهم الخاصة وفي خدمتها، وجعلوا من "الحرية" صكا يقود إلى السجن، ومن "المساواة" حقا يراد به باطل، حيث لا مساواة لا في التوظيف ولا في التطبيب ولا في العدل ولا حتى في الانتماء لهذا الوطن وامتلاك قبر الحياة (سكن)، وأما "الأخوة" فوحدها أخوة أفراد نفس الأسرة ما يعرفها المغاربة، لأن الوطن المفروض أنه (الأم) أنجب "إخوة" كبارا شدادا قاسية قلوبهم يُطلقون عليهم ظلما وزورا اسم "خدام الدولة" وما هم بخدام إلا أنفسهم وزبانيتهم! ما أحوجنا إليك يا فرنسا أن تعودي مرحَّبا بكِ من الباب إلى هذه الأرض التي قيل لنا أنكِ خرجت منها ذات يوم من العام 1956، ولا تَبقي تذكُرينا وتُصدري لنا الأوامر فقط من النوافذ وفي جنح الظلام؛ فخيرك وريادتك وقدرتك على جعلنا متحضرين وأن نواكب زمن التقدم وساعة التحضر يعترف بها ساستنا ومسؤولونا جهارا نهارا! فمرحبا بك يا فرنسا يا "ماما"نَا جميعا.. فما أحوجنا إليك وإلى قراراتك السديدة التي لا راد لقضائها! [email protected] https://www.facebook.com/nourelyazid