لم يكن وصول هسبريس إلى منزل عائلة المكي النادي، سهلا ويسيرا؛ إذ تطلبت رحلتنا قطع طريق متربة، وسرنا على الأقدام مسافة لا تقل عن كيلومترين وسط الأوحال والبرك المائية، التي تنتشر ب"لابيست" المؤدي إلى منزل الأسرة بحي مسوسة وسط جماعة آسجن بإقليم وزان. المكي النادي عسكري متقاعد، راكم 26 سنة من الخدمة في صفوف الجيش بعدما ولج القوات المسلحة الملكية في سن مبكرة، وهو أب لأربعة أطفال، اثنتان منهم تعانيان إعاقة جسدية، وهو أمر صعب تقبله، يقول المكي لكونه يتعلق بإعاقة اثنين من فلذة كبده، قبل أن يضيف "العين بصيرة واليد قصيرة. هذا جهدي الغالب الله". فقر وإعاقة وأمراض يغادر المكي، الذي لا يزال يتذكّر بعضا من التفاصيل عن حياة الجندية والمعارك المسلّحة، يوميا منزله المتواضع للبحث عن قوته. وبالرغم من تخطّيه الستين عاما، بمعاناة مع أمراض متعددة وكذا نقص في البصر، يستمر المكي في إعالة أسرته، المشكّلة من خمسة أفراد، مستعينا في ذلك بمعاش لا تتخطّى قيمته ال2000 درهم، يتوصّل به شهريا عن سنوات لعلعة الرصاص ذودا عن حوزة الوطن. "هذا المسكن هو كل ما أملك، فأنا وأسرتي لا مكان يؤوينا غير هذا"، يقول الأب المكلوم، قبل أن يردف "لا نمتلك أرضا ولا شيئا آخر يمكنه أن يعيننا على مرض ابنتيّ، وهما بحاجة إلى مساعدة دائمة حتى لقضاء أبسط الحاجيات، من أكل وشرب وتغيير الملابس، بل حتى في النوم إذا ماقلبتيهمش هاهما تماك." تعاني هناء (30 سنة) وأميمة (20 سنة) إعاقة جسدية جعلت منهما مقعدتين، وانعكس ذلك على كامل جسديهما بالرغم من ولادتهما الطبيعية؛ لكن ما إن كبرتا حتى اكتشف الأطباء أن لديهما خللا جينيا وراثيا يحول جسدهما إلى كتلة غير متحركة. "بداو يتقالو شوية بشوية حتى أصبحت حركتهما بطيئة، وشلت أرجلهما"، يقول الأب . أميمة وهناء حرمتا من المدرسة ومن حقهما في التعليم بسبب المرض أولا، وكذا لغياب سبل الوصول إليها بسبب افتقار بلدتهما إلى مؤسسة تعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة. ورغم الألم الذي خلفه هذا الوضع لم تستلما، فأميمة الصغيرة نالت الشهادة الابتدائية بعد سنوات من القطيعة مع القسم، وتطمح إلى اجتياز امتحانات السنة الثالثة إعدادي لنيل شهادة الإعدادية. أما هناء التي غادرت المدرسة من مستوى الأولى ثانوي، فاختارت غرفة صغيرة من المنزل حولتها إلى روض بسيط يستقبل صغار الحي، الذين يتلقون على يديها أبجديات القراءة التي حرمت منها. ورغم بساطة المكان، فإن رغبة كبيرة تعتريها لامتلاك روض أطفال بمقومات أكثر يعينها هي وأختها في المحنة التي تعيشانها، ويوفر مردودا ماليا يعين على مستلزمات الحياة والتنقل إلى مراكز الترويض الذي وقف المال سدا منيعا أمامهما. مطالب ملحة مؤجلة "قصدت غير ما مرة عمالة الإقليم، كما راسلت ديوان الأميرة وملك البلاد والجهات المسؤولة للحصول على "كريمة" أو هبة تساعد الطفلتين، أما أنا اللي عطا الله عطاه. هما بحاجة إلى كرسي متحرك أوتوماتيكي وحصص الترويض والمتابعة الطبية، وأنا لا طاقة لي بهذه المصاريف. أخاف أن لا يجد أبنائي من يكون رحيما بهم بعد مماتي"، يقول المكي النادي لهسبريس. وتوجه الأسرة الفقيرة نداء إلى الملك، وإلى كل من بإمكانه تقديم العون والمساعدة والتخفيف من معاناتها، واضعة رهن إشارتهم الرقمين التاليين: رقم الأب: 0671208872 - رقم هناء: 0684952750