عبد الوهاب بن موسى ليس عالم حفريات بالتعليم، لكن عن طريق التجارة. فقد أمضى الرجل (60 عاما) تقريبا ثلاثين عاما الأخيرة في البحث عن أحافير نادرة في أراضي الصحراء الشاسعة بالمغرب وعلى التلال والجبال. ومن المعروف أن المغرب موطن لبقايا كائنات ما قبل التاريخ تعود إلى مئات ألوف السنين، وتشمل أحافير ديناصورات وحيوانات بحرية وبعض أنواع النباتات. وبرزت بلدة الريصاني الصحراوية الصغيرة في منطقة شرق أرفود، في السنوات الأخيرة، كنقطة ساخنة لتجارة الأحافير، وفي الوقت ذاته لاستقطاب السائحين والجيولوجيين والطلاب من أنحاء المعمورة. وأقام بن موسى بيتا صغيرا في وسط أرفود جعل منه مقرا لمهمته من أجل الحفاظ على اكتشافاته، بدلا من بيعها بأعلى سعر. وعن ذلك، قال مستكشف الأحافير عبد الوهاب بن موسى: "اكتشفت حقلا من الكرينويد (زنبق البحر) كان من الممكن أن أربح منه أموالا طائلة، لكن لم أرد ذلك. أردت أن أتركه لأولاد أولادنا، حرام علينا لأننا أضعنا الكثير، من الأحسن أن يعثر عليها جيل يعرف قيمتها ويعمل عليها". ويغامر هواة آخرون في الصحراء للبحث عن ألواح صخرية عليها آثار أحافير مصبوبة بداخلها، بينما يأخذ سكان محليون ما يجمعونه في اليوم إلى ورشة صغيرة لاستخراج الحفريات وبيعها. وتجرى معظم العملية يدويا دون الاستعانة بأي معدات علمية. وقال أحمد عشابو، وهو صاحب ورشة للحفائر: "هناك أناس يعملون هنا منذ الثمانينيات مصابون بأمراض بسبب الغبار، هذا العمل صعب للغاية ولم يحققوا شيئا في حياتهم"، موضحا أن هذه التجارة تقدر بالملايين، وأن كثيرين أُثروا من ورائها. وأضاف: "منهم أيضا من حققوا أهدافا، لكن الأكثرية وضعهم سيئ". وقال عز الدين خياوي، مدير متحف الحفريات والمعادن بأرفود: "دعم المتحف لدينا بعض الأشياء الصغيرة للبيع، والأثمنة تتراوح بين عشرين درهما (2.12 دولار) وخمس مائة درهم إلى خمسة آلاف درهم (529 دولارا) لدعم المتحف وكذلك لاقتناء أشياء جديدة وحفريات جديدة، وكذلك نقوم بإبقاء المجموعة الأولى من الحفريات في المتحف لأنها ملك للمغرب ومعروضة للزوار وطلبة الجيولوجيا وكل من يهتم بحفريات زمن ما قبل التاريخ". وفي 2017 وقرب ساحل المحيط الأطلسي بالمغرب، اكتشف علماء جماجم للإنسان الأول من جنس "هومو سابينس" الذي عاش قبل 300 ألف سنة. وغيّر ذلك الاكتشاف في شمال أفريقيا المفهوم المتعلق بأصل الإنسان، لكون الرفات المكتشف أقدم بنحو 100 ألف سنة من أي رفات معروف لبني البشر. وبالتالي، فإن فكرة تطور الإنسان المعاصر في "مهد واحد للبشرية" في شرق أفريقيا قبل 200 ألف سنة، لم يعد من الممكن الدفاع عنها بعد ذلك الاكتشاف.