صدرت للكاتب سفيان الروكي رواية اختار عنونتها ب"ما تخبئه لنا الحياة". ويعد هذا الإصدار الأول من نوعه للأديب ابن مدينة وزان، ورأى النور عن دار القرويين للنشر والتوزيع بالقنيطرة. "من المفروض أن أكون أنا وحدي من يقرر ويختار طريقة عيشه، بل كل شيء آخر: حتى الموت، لكن في الحياة التي عشتها أنا، لم يكن ذلك متاحا على الأقل بالنسبة لي. بكل بساطة فعلت الحياة كل شيء من أول يوم عبرت فيه إلى هذا الوجود الملوث إلى آخر يوم.. لماذا؟ وكيف حصل ذلك؟ هذا ما لم أجد إجابة عنه"، تورد الرواية الراصدة لمعاناة الشباب المغربي. الكاتب المغربي، الذي ترعرع بين أحضان "دار الضمانة المحافظة"، خاض تجارب عدة، كما تواجد في عدد من المناسبات التي تعنى بالقصة القصيرة، إلى جوار مواظبته على كتابة مقالات بمنابر إعلامية، وتوج مسيرته بنيل جائزة "صندوق الدنيا" للقصة في نسختها الثانية، صنف القصة القصيرة "في المنتصف"، وهو الموعد المنظم من طرف دار زين للنشر والتوزيع بجمهورية المصر العربية. رواية الروكي تحاول رصد وقائع على امتداد صفحاتها ال180، بعدما دارت ميدانيا حول شخصية شاب مغربي، هو صديق الكاتب، وصراع سيزيفي مع مرض السرطان الخبيث..شاب عاش أشد أنواع الغربة داخل وطنه، شاب حالم بوطن يتحمله بكل أخطائه وعاهاته، وطن يحتوي أبناءه بكل عيوبهم. فعندما يصير الوطن كوحش هائج يتلذذ بعذابات شعبه، آنذاك لا يعود في الإمكان الحديث عن الوطنية، وبين مفهوم الوطن والوطنية تفتح آلاف الأقواس في "ما تخبئه لنا الحياة". بلغة بسيطة قريبة إلى الواقع، تعبر عن معاناة جيل بأكمله، خط الكاتب معاناة شباب في عمر الزهور، لم تتح لهم حتى فرصة العيش، شباب ماتوا دون أن يشعروا بذلك وهم يبحثون عن ذواتهم المسلوبة في وطن مسلوب اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، بل حتى دينيا... شباب أغرقه الوطن بالواجبات دون أن يعطيه حقا واحدا يجعله يحس بشكل فعلي بوطنيته.. وطن لا مكان فيه للفقراء... تنطلق الرواية بإحراق وتنتهي باحتراق؛ إحراق الكتب بالانتفاضة على حصاد السنين، وتنتهي بانتحار غير معلن، لتحيل على عذابات أجيال حاصرها الإحباط وسدت أمامها السبل، ما عدا تلك التي تفضي إلى الموت؛ الذي إن لم يكن غير معلن عند البعض، فهو معلن عند البعض آخر، منهم من اختار أن يلقي بنفسه إلى أحضان البحر، ليصير وجبة دسمة لأسماك القرش، وآخر اجتاحه مرض السرطان كما حصل مع شخصية الرواية، لتكون "ما تخبئه لنا الحياة" تعبيرا صادقا عن معاناة شاب ولد مجهولا ومات مجهولا في وطن مجهول.. أغلب الأقواس التي رصدها الإصدار الأدبي ل"شباب أجمل بلد في العالم" تقود إلى رفع شعار "إسقاط الجنسية"؛ وهو بالذات الشعار الذي رفعته الجماهير الشعبية المغربية، التي رأت في الهجرة سبيلها الوحيد نحو الكرامة والعدالة الاجتماعية، التي لم يمنحها الوطن الأم؛ وهو نفسه موقف شخصية الرواية، فمن لا سكن له...لا وطن له، تاركا لكل قارئ فرصة عيش تفاصيل النص بكل ما يتخلله من مشاعر وأحاسيس.