"فرحتنا وفرحة أبنائنا بالدخول المدرسي تنغصها أسعار الكتب المدرسية"، ملاحظة أجمع عليها آباء وأمهات في تصريحات متطابقة لهسبريس؛ حتى كادت هذه المناسبة تصبح لصيقة بأوصاف ك"الخوف والجحيم" لدى الأسرة الفقيرة ومحدودة الدخل، وحتى المتوسطة منها، خاصة أن بداية الموسم الدراسي تزامنت هذه السنة مع عيد الأضحى والعطلة الصيفية، وهو ما جعلها شبحا مخيفا لا ينفع معه حتى التقشف بسبب ارتفاع أثمان الكتب المدرسية. فاطمة، موظفة بالقطاع العمومي وأم لطفل بإحدى مدارس التعليم الخصوصي بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، حيث تنتشر الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية والفئة المتوسطة كذلك، قالت لهسبريس: "الدخول المدرسي يؤرقنا بسبب ارتفاع أسعار الكتب المدرسية التي أضحت تتغير مع كل موسم". ولم يخرج تصريح عمر، وهو حرفي بالمنطقة نفسها، وأب لتلميذة بمدرسة عمومية، عما قالته الأم السابق ذكرها، إذ أورد أن "سوق الكتب المدرسية القديمة لم يعد يلبي حاجات الأسر". وأضاف هذا الأب لهسبريس: "أتذكر مرحلة تمدرسي في المستوى الابتدائي، وإخواني وأخواتي الذين تابعوا دراستهم إلى المستوى الجامعي..لم يكن الأمر مكلفا، لأن تبادل الكتب وسوق القديم منها لعب دورا كبيرا، ما أصبح من سابع المستحيلات اليوم"، وزاد: "لا أخفيك أنني أفكر مرارا في حرمان فلذة كبدي من متابعة دراستها، لأن مصاريف التعليم أصبحت جد مرتفعة وأنا لا حول لي بها ولا قوة". محمد قرنيفا، رئيس النادي الثقافي محمد عابد الجابري، والمعروف بسوق الكتب القديمة بباب دكالة ب"الغريسي"، قال هو الآخر لهسبريس: "تغير الحال كثيرا بسبب المقررات الدراسية الجديدة، ما أدى إلى فقدان السوق وظيفته التي كان يؤديها خلال سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث كان الأخ الأكبر يدرس بمقرر ويرثه عنه إخوته وأخواته وأبناء الجيران". وأضاف هذا الكتبي: "تجديد الكتب المدرسية وتنقيحها كل سنة جعل من المقررات سلعة غايتها الربح المادي، وأصبحت لا تحمل مضمونا معرفيا كما كانت الكتب القديمة، ما أصبح يثقل كاهل ذوي القدرة الشرائية الضعيفة". ما جاء على لسان الكتبي المذكور أكده عبد الصادق لفراوي، عن جمعية حماية المستهلك بجهة مراكش أسفي، الذي أشار إلى أن سوق الكتب المدرسية القديمة لم يعد كما كان سابقا، لأن تغيير المقررات أفقده دوره، ما يضطر أولياء الأمور إلى اقتناء المقررات الجديدة، مطالبا لجان المراقبة بضرورة إشهار المكتبات لائحة الأسعار الخاصة بالكتب الموجهة للتعليم الخصوصي، والتي يجب أن تطبع فيها الأثمان، وكذا الدفاتر والأدوات، حتى يكون الآباء والأمهات على علم بها. وزاد لفراوي: "التحدي الكبير الذي أصبحت تطرحه الأدوات المدرسية لا يكمن فقط في ثمنها المرتفع، بل كذلك في جودتها"، منبها إلى "ضرورة اقتنائها من مكتبات ومحلات تتوفر على فاتورة، لأن بعضها تشكل خطرا كبيرا على الأطفال، نظرا لانتشار سلع بها مواد ملوثة، ما يفرض على الجهات المعنية بالحكومة المغربية، كقطاع الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والجمارك ومصالح المراقبة على الحدود، التدخل لتحليل هذه الأدوات وبعض أغلفة الكتب المدرسية كيميائيا للتأكد من مطابقتها للمعايير الصحية". "الإفلاس لم يعد مقتصرا على سوق الكتب المدرسية القديمة، بل طال حتى المكتبات التي تبيع المقررات الجديدة"، يقول عبد العزيز القصيري، صاحب مكتبة بمقاطعة جليز، بحرقة وحسرة كبيرتين، مشيرا إلى أن مهنة الكتبي أصبحت تعاني من عدة مشاكل وعراقيل بسبب التغيرات المستمرة التي تبرز مع كل سنة دراسية، ما ينتج عنه تراكم الكتب بعد إصدار طبعات جديدة مختلفة مع بداية كل دخول مدرسي جديد. وقدم صاحب المكتبة المذكور نموذجا من الدخول المدرسي لهذه السنة (2018/2019) التي لم يتم فيها إصدار كتب المستوى الأول والثاني ابتدائي (كتابي في اللغة العربية والمفيد في اللغة العربية)، مضيفا أن "هذين المستويين صدر بخصوصهما 44 عنوانا من الكتب المدرسية، على خلاف السنوات السابقة، حيث كانت الكتب المدرسية موحدة بكل من التعليم العمومي والخصوصي"، على حد قوله.