اختتام المنتدى المتوسطي لرائدات الأعمال (MEDAWOMEN)    تونس.. استطلاع للرأي يظهر فوز قيس سعيّد بالانتخابات الرئاسية بنسبة 89.2 بالمئة        إعصار يتجه نحو فرنسا وهولندا وبلجيكا مع تأثيرات قوية على باقي الدول الأوروبية    الملك محمد السادس يبعث ببرقية تعزية إلى أسرة نعيمة المشرقي    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    طقس الاثنين .. امطار مرتقبة بالريف والواجهة المتوسطية    الحنودي: اقليم الحسيمة سيستفيد من غرس 3000 هكتار من الأشجار المثمرة خلال الموسم الفلاحي الحالي    مهرجان "الفن" يشعل الدار البيضاء بأمسية ختامية مبهرة    بعد الحكم عليه ابتدائيا ب 20 سنة سجنا.. تخفيض عقوبة استاذ اعتدى جنسيا على تلميذته بالحسيمة    وسط أجواء حزينة.. فنانون يشيعون الفنانة الراحلة نعيمة المشرقي لمثواها الأخير بمقبرة الشهداء (فيديو)    ردا على قرار محكمة العدل الأوروبية.. الجمعية المغربية للمصدرين تدعو إلى تنويع أسواق التصدير    تغييب تمثيلية للريف باللجنة المركزية للاستقلال يقلق فعاليات حزبية بالمنطقة    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    رسميا.. ريال مدريد يمدد عقد كافاخال حتى عام 2026    النمسا تكشف عن موقفها من قرار محكمة العدل الأوروبية    إثر تهجمه على ماكرون.. الإليزيه: تصريحات نتنياهو "مبالغ فيها"    زراعة الفستق تزدهر في إسبانيا بسبب "تكيّف" الأشجار مع التغير المناخي    استقرار سعر صرف الدرهم مقابل الأورو وتراجعه أمام الدولار    كارفاخال يخضع لعملية جراحية بعد إصابته الخطيرة    موكوينا: غياب الجمهور غير مقبول بالمغرب    فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية يقتل مجندة إسرائيلية ويصيب 9 آخرين في بئر السبع    مشروع لغرس 500 هكتار من الاشجار المثمرة ب 6 جماعات باقليم الحسيمة    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني    الآلاف يخرجون في مسيرة في الرباط تضامنا مع غزة وبيروت    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يكشف تفاصيل لقائه مع وزارة الصحة لتنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024    تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها    أستاذ جامعي يلجأ للقضاء بعد تعرض حساباته ومجلته الأكاديمية للقرصنة والاختراق الإلكتروني        غوتيريش يدعو إلى وقف "سفك الدماء" في غزة ولبنان            افتتاح المسبح المغطى السومي أولمبي بتاوريرت    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي    منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)        دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة القصب .. حرفة يدوية عريقة تقاوم الاندثار نواحي ورزازات
نشر في هسبريس يوم 10 - 09 - 2018

تعد صناعة القصب من أقدم الصناعات اليدوية التي عرفتها عدد من المناطق الجنوبية الشرقية للمغرب، حيث كان أهل هذه المناطق بارعين في صناعة سلال القصب وحصير "دوم النيخل" وغيرها من الأدوات التي كانت تستعمل في المنزل والمطبخ وكذا لتعبئة منتجاتهم الفلاحية وعلى وجه الخصوص.
وتعتبر هذه الصناعة، حسب عدد من الحرفيين، من أهم وأعرق الحرف اليدوية التقليدية، التي يشتهر بها الجنوب الشرقي للمغرب، حيث يتفنن الحرفيون في صنع مختلف أنواع السلال والأثاث المنزلي بمهنية عالية، مبرزين أن هذه الحرفة التي ورثوها أبا عن جد تستقطب الأنظار وتلهم الأبصار لجمال وروعة التحف المصنوعة، متأسفين لتراجع نسبة الإقبال عليها من قبل الحرفيين الشباب.
ومن أجل تقريب قرائها من خبايا وأسرار هذه الصناعة، زارت جريدة هسبريس الإلكترونية مجموعة من الورشات المخصصة لهذه الصناعة بمدخل جماعة ترميكت من ناحية مدينة ورزازات، حيث التقت بعدد من الحرفيين والزبناء الذين يقبلون على شراء هذه التحف القصبية بكل شغف وحب ورغبة منهم في تشجيع الحرفيين في تطوير صناعتهم ومنتوجاتهم.
المواد الأولية
لم يخفِ عدد من الحرفيين، في حديثهم مع هسبريس، أن الحصول على المواد الأولية لصناعة السلال وغيرها من الأدوات الخشبية والقصبية أصبح صعبا، موضحين أن الحصول على القصب الصالح لصناعة السلال وأدوات أخرى يتطلب السفر إلى خارج ورزازات، حيث توجد واحات النخيل والقصب، ومنها أيضا يتم جلب المواد الأساسية لصناعة حصير الدوم.
أحمد العبدي، حرفي وصاحب ورشة لصناعة القصب بجماعة ترميكت، ذكر أن إكراهات توفير القصب والدوم تقف حاجزا أمام تطوير هذه الصناعة اليدوية، مشيرا إلى أن توفير هذه المواد الأولية تتطلب من الحرفيين وقتا وجهدا كبيرين، مبرزا أن الحرفيين يشتغلون بمفردهم في غياب دور الوزارة المكلفة بالصناعة التقليدية التي لم تول الاهتمام اللازم لهذه الصناعة التي أصبحت في طريقها إلى الانقراض.
من جانبه، أكد عزيز المجدوبي، حرفي في صناعة القصب، ما ذهب إليه زميله بخصوص الإكراهات المتعلقة بتوفير القصب والدوم، مضيفا أن القصب المستعمل في بعض الصناعات غير موجود بكثرة بترميكت؛ وهو ما يتطلب من الحرفيين الانتقال إلى المناطق المجاورة للبحث عن قصب صالح للاستعمال.
وأوضح الحرفي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، أن صناع سلال القصب وغيرها من الأدوات المنزلية يستعملون القصب ودوم النخيل والدفلة وبعض أنواع الخشب من أجل تطوير منتوجاتهم.
الصناعة تنقرض
سعيد هيلالي، الذي صادفته هسبريس في إحدى ورشات هذه الصناعة وهو منهمك في تنقية القصب، تأسف على ما سماه بغدر الزمان، قائلا: "كانت هذه الصناعة في وقت سابق تجلب عددا كبيرا من الشباب ممن يبحثون عن فرصة لتعلمها. وكانت تؤمن لقمة عيش للمئات من المواطنين، إلا أنها أصبحت مهددة بالزوال، لعدة عوامل؛ منها المتعلقة بالبشرية والتكنولوجية الحديثة"، وفق تعبيره.
المتحدث ذاته أكد أن هذه الصناعة اليدوية التقليدية أصيبت بانتكاسة كبرى في بداية السبعينيات من القرن الماضي، خصوصا مع ظهور السلال والأدوات المشابهة المصنوعة من المواد البلاستيكية والمعدنية، مما أسهم في تقليص نسبة العاملين في هذه الصناعة التقليدية وتراجع الإقبال عليها من لدن المواطنين.
ولفت هيلالي إلى أن "الصناعة المذكورة، وبالرغم من تراجع نسبة الإقبال عليها على مستوى الشراء أو الصناعة في العقود الماضية، حتى أصبحت مهددة بالزوال والنسيان؛ فإنها تبقى من الصناعات التي يمكن وصفها بالصناعات النظيفة وصديقة البيئة"، موضحا أن "المواد الأولية المستعملة خالية من أي نوع من البلاستيك أو شيء آخر يهدد البيئة والمناخ"، وفق تعبيره.
وزاد: "بعد منع الأكياس البلاستيكية بالمغرب، عرفت هذه الصناعة التقليدية، خصوصا السلال، قفزة نوعية؛ وهو ما فتح المجال أمام الحرفيين لتطوير المنتوجات المصنوعة والمعروضة للبيع"، مستدركا أن "الوزارة الوصية على القطاع مدعوة إلى رد الاعتبار إلى هذه الصناعة لضمان استمراريتها وصمودها أمام الصناعات الدخيلة والتي تهدد البيئة".
الضرائب والتغطية الصحية
الحرفيون، الذين استقت هسبريس آراءهم خلال إعداداها لهذا الروبورتاج، أجمعوا على أنهم يعانون مشاكل كبيرة مع فواتير الضرائب التي يتوصلون بها سنويا، موضحين أن أغلب الحرفيين لا يكفيهم ما يجنونه من هذه الصناعة للقمة عيش وتوفير أساسيات الحياة، متسائلين وباستغراب: "كيف لهؤلاء الصناع التقليديين أن يسددوا فواتير الضرائب وهم لا يجنون شيئا منها؟"، مستدركين "أن هناك من يحاول قتل هذه الصناعة لفتح المجالات أمام صناعات أخرى دخيلة ومضرة للبيئة"، وفق تعبيرهم.
الحرفي أحمد العبدي قال: "هاد الناس قتلونا بالضرائب والصبر فات حدو"، موضحا أنه "يجب على الوزارة الوصية على قطاع الصناعة التقليدية أن تتدخل من أجل رفع الضرر الذي لحق الحرفيين بسبب هذه الضرائب"، مبرزا أن "الجهات المسؤولة مدعوة إلى التدخل من أجل دعم هذا القطاع والعمل على تطويره من أجل تقديم منتوجات وصناعات جديدة"، وفق تعبيره.
وإلى جانب الضرائب التي قال الحرفيون إنها لم تعد في متناولهم، شدد العبدي على أن "الحرفيين لا يتوفرون على بطاقة التغطية الصحية مثلهم مثل باقي الحرفيين"، موضحا أن "صناع القصب عندما يمرض أحدهم يضطرون لجمع التبرعات من أجل الاستشفاء واقتناء الدواء"، ملتمسا "توفير تغطية صحية وضمان اجتماعي لهذه الفئة من الحرفيين من أجل الاستفادة من التقاعد"، يضيف المتحدث ذاته.
غياب الدعم
حاولت هسبريس، وهي تعد هذا الروبورتاج، نقل رأي الجهات الرسمية المكلفة بقطاع الصناعة التقليدية بإقليم ورزازات؛ إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، بعد أن ظل هاتف بعض المسؤولين يرن دون مجيب وهاتف البعض الآخر خارج التغطية.
وعلاقة بموضوع الصناعة القصبية، كشف مروان العبدي، طفل حرفي، يتابع دراسته بالمستوى الثاني إعدادي، أنه يساعد والده في ورشة العمل أثناء وقت الفراغ، موضحا،أن طموحه هو تطوير هذه الصناعة اليدوية التي ورثها أبا عن جد، لافتا إلى أن الحرفة لم تعد تجلب اهتمام الشباب الراغبين التعلم إليها.
مروان لم يمنعه صغر سنه من ولوج عالم هذه الصناعة اليدوية، حيث أكد أنه يجد نفسه في هذه الصناعة وتعجبه، خصوصا أنه يكون محاطا بأعواد القصب ويشبك تلك الأعواد بعضها ببعض محولا إياها خلال ساعات إلى سلة جميلة أو كرسي أو أدوات الخبز تفوح منهما رائحة التراث، الذي قال إن أهل المنطقة يتحسرون بعد أن هجر بعض الحرفيين والشباب هذه المهنة بحثا عن فرص عمل في المدن، تاركين وراءهم إرث أجدادهم وآبائهم يئن تحت وطأة النسيان، وفق تعبيره.
واستدرك المتحدث ذاته أن أهم المشاكل التي تواجه صناعة القصب هو غياب الدعم من قبل الدولة، مبرزا أن هاته الصناعة تحتاج إلى دعم متكامل، موضحا أن جميع المواد الأساسية أصبحت مرتفعة الثمن، وأصبح الكثيرون من الحرفيين لا يستطيعون اقتناء هذه المواد ذات جودة، خصوصا أمام غياب الإقبال على الشراء من طرف الزبناء، يقول المتحدث.
مروان العبدي زاد قائلا: "هذه المهنة كان يتوارثها الأجيال في الجنوب الشرقي، ولكنها توقفت عند الجيل ما قبل الحالي، بعد أن اتجه الشباب للعمل في مجالات جديدة"، مشيرا إلى أن "الحرفيين يستخدمون أثناء عملهم أدوات قديمة تحمل تاريخا طويلا من العمل والتصنيع؛ منها المقص والمنجل والمخارز والمطرقة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.