الشبيبة التجمعية تستهجن مسرحية "كرطونة الحماية الاجتماعية" للبيجيدي    التساقطات المطرية الأخيرة ترفع نسبة حقينة سدود المملكة إلى أزيد من 27%    الدوحة .. الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يمنح الجائزة التقديرية لعام 2024 لفوزي لقجع    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    صادرات قطاع الطيران ناهزت 26,45 مليار درهم سنة 2024    بني ملال ينتزع التعادل مع بركان    مشتبه به مغربي الأصل يقتل طفلة إريترية في هولندا يوم عيد ميلادها    إدانة برلماني بالسجن 3 سنوات في قضية فساد مالي.. إلى جانب 9 متهمين آخرين    الشرع: الرياض تريد دعم دمشق    توقيف 6 أشخاص بالبيضاء يشتبه تورطهم في قضية تتعلق بتبادل الضرب والجرح    خبير صحي يحذر: إجراءات مواجهة "بوحمرون" في المغرب "ضرورية ولكنها غير كافية"    المغرب يتسلم رئاسة التحالف الإفريقي للعلوم والتكنولوجيا لتعزيز التنمية المستدامة    إضراب عام في القطاعين العام والخاص احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والغلاء    دراسة: الجمع بين الرياضة والوزن الصحي يمكن من الحد من خطر الإصابة بالسرطان    الاتحاد الأوروبي يحذر من رسوم ترامب.. ستؤدي إلى التضخم وتضر بالاقتصاد العالمي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بعد انضمامه للأهلي.. بنشرقي: اخترت نادي القرن لحصد الألقاب    فتح تحقيق جنائي بحقّ زوجة نتانياهو    تعليق الدراسة ببعض مناطق اقليم الحسيمة تقلبات الاحوال الجوية    الشبكة المغربية لهيآت المتقاعدين تحتج ضد تجاهل الزيادة في المعاشات    طنجة: انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية    "الجبهة المغربية" ترفض "تهريب" نصوص قوانين إلى البرلمان    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    درك شفشاون يطيح ب"ملثم" سطا على وكالة لتحويل الأموال    بعد أيام من الغموض .. الشرطة البريطانية تفك لغز اختفاء تلميذتين مغربيتين    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    تحولات "فن الحرب"    استثمارات كبرى لتعزيز التنمية في الناظور.. البنك الدولي يدعم مشاريع البنية التحتية بقيمة 250 مليون دولار    اقتراب كأس إفريقيا يُسرّع وتيرة الأشغال بملعب طنجة الكبير    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية رائدة أفضت إلى تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صناعة الفخار" بورزازات تواجه احتدام المنافسة وضعف التسويق
نشر في هسبريس يوم 17 - 11 - 2019

تعتبر صناعة الفخار واحدة من أقدم الصناعات التقليدية التي أبدع فيها الإنسان المغربي، وتوارثتها الأجيال، وظلت محافظة على رونقها وشكلها الأصلي مع إدخال بعض التغييرات عليها في الهندسة والديكور.
صناعة الفخار كانت تمثل حاجة ماسة للمجتمع نظرا لعدم وجود الأدوات المنزلية الضرورية قديما، لكنها الآن أصبحت على حافة الاندثار بسبب الإهمال، بالرغم من أن هذه المهنة كانت تحقق لصناعها ربحا وتغطي تكاليف الأسر في الحياة المعيشية.
صناعة الفخار بإقليم ورزازات استطاعت أن تقاوم الزمن والعصرنة، خاصة في ما يتعلق بالأواني الطينية التي ما زالت تستقطب عشاقها، رغم المنافسة التي تفرضها المنتجات العصرية والحديثة، وما تزال أطقم الأكل وأنواع أخرى من الأواني الطينية تزين طرقات بعض مناطق الإقليم، خصوصا واحة سكورة، وتستوقف المارين من هناك والباحثين عن سحر الصناعة التقليدية لتزيين موائدهم وبيوتهم.
صناعة الأجداد تقاوم الاندثار
رغم قدمها وأهميتها في حياة الناس، أصبحت مهنة "الفخارة" بإقليم ورزازات وباقي الأقاليم المجاورة تواجه خطر الاندثار، بعد أن تركها جيل اليوم تختفي من حياته، إلا من رحم ربك. وأغلب "المعلمين" الذين كانوا يزاولون هذه المهنة أو الحرفة عن قناعة ووفاء منهم من مات، ومنهم من تركها لتقدمه في السن أو لزحف الأواني العصرية على كل ما هو تقليدي.
عبد الصمد بنعلي، باحث في التراث المادي واللامادي بإقليم ورزازات، أوضح أن صناعة الفخار ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ، مشيرا إلى أن الشعوب البدائية كانت تستعمل الأواني المصنوعة من الطين في جميع مجالات الحياة، في الأكل والشرب وللاحتفاظ بالحبوب وغيرها، موردا أن "هذه الصناعة لا يمكن تحديد تاريخها بالضبط، لكن ما لا يمكن الاختلاف حوله كونها تعود إلى عصور ما قبل التاريخ"، وفق تعبيره.
وأضاف المتحدث ذاته، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن بعض الأسر بالجبال ما زالت تحافظ على هذه الأواني وتستعملها في حياتها اليومية، مبرزا أن "صناعة الفخار يتعدى مفهومها النطاق المحدد من طرف صناعها أو مستعمليها، بحيث إن الرموز والأشكال الموجودة في هذا الفن لم تبرز إلى الوجود من العدم، وإنما هي خلاصة الحياة اليومية حيث تنجز لتنتقل للأجيال عبر هذه الصناعة ذات الطابع الجمالي المميز".
ولم يخف عبد الصمد أن هذه الصناعة تتجه اليوم إلى حافة الانقراض والاندثار، معتبرا أن "الوضع يتطلب من القطاعات الرسمية المكلفة بالصناعة التقليدية التدخل والعمل على إحياء هذه الحرفة التي تساهم في التنمية المحلية من خلال استغلالها في الترويج السياحي، وكذا الترويج لمنتجات الصناعة التقليدية التي تزخر بها مناطق عدة بإقليم زاكورة، خاصة سكورة".
صناع الفخار يشتكون
اعتاد محمد سكوري، أحد الحرفيين في صناعة الفخار بدوار الكدارة بجماعة سكورة إقليم ورزازات، منذ عقود من الزمن، على صناعة الأواني والأدوات الفخارية التي تستخدم في الحياة اليومية، والتي أصبحت جزءا أصيلا من التراث المحلي، لكنه أكد أن هذه المهنة التي ورثها أبا عن جد "لم تعد كما كانت من قبل بسبب إقدام الناس على اقتناء الأدوات العصرية"، وفق تعبيره.
وأضاف ممتهن صناعة الفخار بسكورة، في تصريح لهسبريس، أن "هذه المهنة لم نعد نستطيع من خلالها توفير ضروريات الحياة، نحن نحافظ فقط عليها كإرث محلي تركه لنا الآباء الذين بدورهم تركه لهم الأجداد"، وزاد: "هناك صراع محتدم اليوم بين الصناعات التقليدية والصناعات العصرية، والناس لم يستوعبوا خطورة وسلبيات الصناعات العصرية وما تكتنزه الصناعات التقليدية من إيجابيات"، وفق تعبيره.
من جهته، أوضح حسن الحمري، مْعلّم الفخار بورزازات، أن هذه الصناعة ستختفي بمجرد وفاة "لمْعلمين" الحاليين الذين ما زالوا يحافظون عليها، مشيرا إلى أن المادة الأولية بدورها أصبحت من المشاكل التي تعرقل عمل الحرفيين؛ بحيث لم يعودا يعثرون عليها إلا بشق الأنفس، مشددا على أن الوزارة الوصية على القطاع لم تهتم بهذه الحرفة أو الصناعة كما تهتم بالصناعات التقليدية الأخرى، "لذلك نشعر بأننا كحرفيين في هذه الصناعة غير مهمين لديهم (المسؤولين)".
ولفت المتحدث ذاته، ضمن تصريح خص به هسبريس، إلى أن "الحرفيين في هذه الصناعة مستاؤون من الإقصاء الذي تنهجه الدولة في حقهم مقابل تمكين باقي الحرفيين في مجالات أخرى من امتيازات وتسهيلات كثيرة وكبيرة"، معتبرا أن "الوقت حان لوضع نهاية لهذه المهنة بالإقليم، ولم لا في المغرب بصفة عامة، والبحث عن حرف أخرى قادرة على توفير لقمة العيش للحرفيين وأسرهم"، وفق تعبيره.
التسويق والمنافسة
أضحت صناعة الفخار تعاني جملة من المشاكل، أبرزها عدم الاهتمام بها بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ما أدى إلى تحول كثير من الحرفيين إلى مهن أخرى لقلة الربح، وساهم في تغيير نشاط كثير من الأوراش الكبيرة التي كانت تتخصص في هذه المهنة، بالإضافة إلى قلة صبر الأجيال الجديدة التي لا تعرف قيمة ذلك الفن الرفيع، أضف إلى ذلك استيراد منتجات صينية تعتمد على الشكل الخارجي فقط، فألوانها تمحى بعد فترة قصيرة من الزمن، وجودتها ضعيفة جدا، لكن أثمانها الرخيصة تجعل الإقبال عليها كبيرا، ما أدى إلى إضعاف هذه الحرفة بصورة كبيرة وتهديدها بالانقراض.
وتواجه هذه الصناعة المحلية عدة إكراهات، في مقدمتها قلة فرص التسويق، والمنافسة التي أضحت تفرضها التكنولوجيا الحديثة، وعزوف أبناء الحرفيين عن الاستمرار في ممارسة الحرفة.
وفي هذا الإطار، يؤكد محمد سكوري أنه غالبا ما يتم توجيه المنتوج المحلي إلى الأسواق في المدن الأخرى والمجاورة، بناء على الطلبات التي يتوصلون بها من حين إلى آخر.
عقود من العطاء
استطاع العشرات من الحرفيين المتخصصين في صناعة الفخار بإقليم ورزازات استقطاب اهتمام عشاق هذا النوع من الصناعات التقليدية، التي تعتبر إرثا مميزا وعريقا.
وتعلم هؤلاء الحرفيون هذه المهنة عن آبائهم وأجدادهم، واستطاعوا بفضل سنوات من العطاء والإبداع أن يحصلوا على شهرة كبيرة في صناعة جميع أنواع الأواني والأدوات الفخارية على مستوى الإقليم.
يقول محمد سكوري، في حديثه لجريدة هسبريس، إن "هذه الصناعة تعرف تراجعا كبيرا بسبب تراجع عدد الحرفيين المعروفين بها بشكل كبير"، مذكرا بأنه "في الثمانينيات من القرن الماضي كان العدد كبيرا، أما اليوم أصبح أقل من عشرة حرفيين".
وبهذا الخصوص، نبهت جميلة بوناصر، طالبة في سلك الماستر ابنة واحة سكورة، إلى "أهمية تواصل الشباب مع ماضيهم والتمسك بهويتهم والالتفات إلى حرف الآباء والأجداد المتميزة والبديعة، التي كانت هي الأساس في ما نشهده اليوم من تطور وحضارة"، مستحضرة أن "العمل الحرفي يتطلب ممارسة جادة وعملا دؤوبا وحبا وتفانيا للحفاظ عليه وتطويره وإيصاله للأجيال القادمة" .
وحسب المتحدثة ذاتها، فإن "صناعة الفخار تشكل مهنة ليس لها وقت أو موسم معين، وغالبا ما يتم الإقبال عليها طوال أيام السنة، خصوصا من قبل الأجانب الذين يقدرونها"، وفق تعبيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.