في وقت تستنفر المفوضية الأوروبية مكاتبها وتكثف من جهودها لاحتواء أزمة الهجرة التي تخيم على الاتحاد الأوروبي، أعاد ترحيل إسبانيا الأسبوع الماضي مائة وستة عشر مهاجرا من دول جنوب الصحراء اقتحموا السياج الحدودي لسبتة المحتلة إلى المغرب، الذي قَبِل بهذا الترحيل، الجدل، كما أثار مجموعة من ردود الفعل المتباينة داخل وخارج الاتحاد الأوروبي. وتفاعل "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني الشعبوي، والمعروف بمواقفه المتطرفة، خصوصا في مجال الهجرة، مع القرار الإسباني القاضي بترحيل المهاجرين، إذ نوه بالخطوة التي قامت بها الحكومة الإسبانية، معتبرا إياها "جريئة وتستحق الدعم". وقال "أليس فريدل"، القيادي في الحزب اليميني الألماني، إن رئيس الحكومة الإسبانية، بدرو سانشيز، يعتبر نموذجا في التعامل مع تدفق المهاجرين على أوروبا، داعيا في الوقت نفسه إلى السير على نهجه، في إشارة صريحة إلى طرد المهاجرين غير الشرعيين من أوروبا، أسوة بترحيل إسبانيا 116 مهاجرا إلى المغرب. وأضاف فريديل أن إسبانيا بهذا القرار تعلم أوروبا كيفية التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، مستغلا الفرصة لتوجيه سهام النقد ومهاجمة حكومة ميركل، واصفا سياستها وطريقة تعاملها مع ملف الهجرة بالفاشلة. تصريحات المسؤول الألماني أثارت قلق العديد من الحقوقيون الأوروبيين، لتضاف إلى موجة السخط والقلق التي تعالت في وقت سابق، منددة بالخطوة التي أقدمت عليها إسبانيا والمغرب، والتي تم تبريرها بالاتفاق الذي يجمع البلديين بتاريخ 13 فبراير 1992، إذ عبرت مجموعة من المنظمات، من بينها منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشيونال"، فرع إسبانيا، عن قلقها مما اعتبرته انتهاكا لحقوق المرشحين للهجرة وطالبي اللجوء. وأبرزت العديد من المواقع الإعلامية الإسبانية أن مواقف الرئيس الإسباني، الذي استقبل بشكل إنساني قبل أشهر سفينة المهاجرين "أكواريوس"، تتناقض مع قراره الأخير ترحيل المهاجرين إلى المغرب، كما أضافت أن اتخاذ حزب عنصري لبدرو سانشيز كقدوة، خصوصا مع تنامي موجة العنصرية ضد المهاجرين، سيؤثر على علاقات دول الاتحاد الأوروبي. وتبقى أزمة الهجرة قنبلة موقوتة قد تفجر العلاقات داخل الاتحاد الأوروبي، في حين عبر المستشار النمساوي زيباستيان كورتس بدوره، قبل يومين، عن أن النمسا ستعمل من خلال رئاستها الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي على الحد من الهجرة لتعزيز العلاقات بين الدول الأوروبية. *صحافي متدرب