أشعلت أزمة الهجرة التي تعرفها الجارة إسبانيا حرب التصريحات بين مختلف الشركاء السياسيين بشبه الجزيرة الإيبيرية، حيث اعتبر نائب سكرتير الحزب اليميني، خافيير ماروتو، أن طريقة تعامل الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة الإسبانية مع ملف الهجرة تعتريه مجموعة من النواقص، موردا: "الحزب الاشتراكي نسي أن المغرب طرف أساسي في مشكل الهجرة السرية، وأن رئيس الحكومة الإسبانية بطريقة تعامله هذه يعطي إشارات إلى العصابات التي تتاجر بالبشر". وأضاف ماروتو أن الظرفية الحالية تستوجب من الرئيس سانشيز الدخول في حوار جدي مع المغرب، لمعالجة مجموعة من القضايا العالقة بين البلدين، كما دعاه أيضا إلى سماع وجهة نظر المغرب بخصوص ملف الصحراء واتفاقية الصيد البحري كما هو متعارف عليه في طبيعة العلاقات بين البلدين منذ سنوات، في تلميح إلى زيارة رئيس الحكومة الإسبانية المؤجلة إلى المغرب. وشدد المسؤول من الحزب اليميني على أن غياب الحوار بين الرباطومدريد يسبب عوائق ومشكلات كثيرة، مشيرا إلى أن بدرو سانشيز "نسي دور الجار الجنوبي لإسبانيا، نظرا لتموقعه على الحدود مع سبتة ومليلية، كما أن شواطئه تطل على السواحل الإسبانية". وانتقد ماروتو بشكل لاذع خطاب رئيس الحكومة الإسبانية، خصوصا استقباله وأخذه صورة مع سفينة المهاجرين أكواريوس، قائلاً: "خطاب الرئيس سانشيز غير مسؤول، وإعلان التضامن مع المهاجرين نشترك فيه جميعا، لكنه ليس حلا للمشكل. إذا كانت الهجرة غير قانونية ومنظمة ولا تحترم قوانيننا ومرتبطة بعمل فهناك خطأ في تدبير هذا الملف". ورد خافيير ماروتو على تصريحات اليسارية أدا كولاو، رئيسة بلدية برشلونة، ودعاها إلى عدم الخلط بين المواقف المتطرفة لبعض التيارات السياسية اليمينية في أوروبا وموقف الحزب الشعبي الذي لا تربطه أي صلات بالتمييز والعنصرية ضد المهاجرين، مؤكدا أن "الأحزاب اليمينية المتطرفة معروفة بمواقفها ضد الوحدة الأوروبية، وترغب في الانفصال وغلق الحدود"، وزاد: "أما نحن على عكس ذلك نعلن تضامننا مع المهاجرين"، مضيفا: "إذا كان هناك من سياسي يؤمن بالأوروبية ومبادئ التضامن والحرية والمساواة، فهو بابلو كاسادو، الأمين العام الجديد للحزب الشعبي". وفي وقت سابق قال بابلو كاسادو، الأمين العام الجديد للحزب الشعبي، على موقع "تويتر": "ليس من الممكن تقديم أوراق للجميع؛ كما يصعب على أي دولة رغم كل إمكانياتها أن تستقبل العدد الكبير من الأفارقة الذين يريدون المجيء إلى أوروبا"؛ وهو ما أثار موجة من التساؤلات من الطرف المهتمين بالشأن الإسباني، متخوفين من أن يجعل كاسادو من مشكل الهجرة نقطة مركزية لمعارضة حكومة بيدرو سانشي. وقال مراقبون إن هذه الخطوة يمكن أن يدعمها حزب المواطنون اللبرالي "سيودادانوس"، ما يعزز فرضية الاستخدام السياسي لمشكل الهجرة، خصوصا بعد الزيارة الأخيرة لكل من ألبرت ريفيرا وبابلو كاسادو إلى سياج سبتةالمحتلة. هذا وعبر مسؤول سام من المفوضية الأوروبية عن قلقه إزاء احتدام النقاش بين مختلف الأحزاب السياسية بإسبانيا، مبديا تخوفه من احتمال أن يقع عضو آخر في الاتحاد الأوروبي فريسة لخطاب شعبي من الصعب جداً إيقافه، خصوصا في ظل الوضع الهش الذي يعرفه الاتحاد الأوروبي؛ ناهيك عن المواقف المتباينة والمترددة لحكومة مجموعة من الدول الشركاء في المشروع الأوروبي، كإيطاليا وهولندا وبولندا أو المجر، مضيفا أنه يصعب في الوقت الحالي تحمل خسارة حليف إستراتيجي كإسبانيا. كما حذر المفوض الأوروبي ديميتريس أفراموبولوس، بدوره، من قلب العاصمة مدريد، من اتباع الشعوبيين، وتبني خطابهم، داعيا الأحزاب إلى أن تدافع عن مواقفها وتبقى مخلصة لمبادئها. إلى ذلك، وفي غياب تحاور وتوافق حول أزمة الهجرة بين الأحزاب الإسبانية، ستستمر زيارة زعماء السياسيين إلى معبر "تارخال" على الحدود مع المغرب لاستخدام مشكل الهجرة في كسب أصوات الناخبين استعدادا للانتخابات المقبلة. *صحافي متدرب