واجه ديفيد فيشر، السفير الأمريكي المعين في الرباط، جملة من الأسئلة؛ من بينها الأحكام التي صدرت في حق معتقلي لريف، من لدن أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي خلال جلسة استماع عُقدت الأسبوع الجاري بالكونغرس قبل الموافقة النهائية على تعيينه في العاصمة الرباط. ومثل فيشر، وهو رجل أعمال عيّنه البيت الأبيض في نونبر 2017 سفيراً للولايات المتحدةالأمريكية في الرباط، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، وقدم عرضاً تضمن تعهدات بتوطيد علاقات بلاده مع المملكة، كما سأله أعضاء اللجنة عن عدد من القضايا المثيرة للجدل في المغرب. أبرز هذه الأسئلة التي أثيرت أمام السفير المعين كانت حول الأحكام القضائية التي صدرت في حق المحتجين من حراك الريف، حيث أشار أحد أعضاء اللجنة إلى أن بعض النشطاء السلميين حُكم عليهم بعشرين سنة سجناً، في إشارة إلى ناصر الزفزافي ورفاقه الذين كانوا من القياديين في الاحتجاجات التي عرفها الريف في السنتين الماضيتين التزم فيشر، في حال تأكيد تعيينه سفيراً للولايات المتحدةالأمريكية في العاصمة الرباط، أن يعمل على إثارة موضوع الأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي الريف مع الحكومة المغربية بالطريقة المطلوبة، إضافة إلى دعم جهود النهوض بالعدالة والديمقراطية والمساواة وحرية التعبير واستغلال الفرص الاقتصادية بين البلدين. ومثل إلى جانب فيشر، أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس، سفراء آخرون معينون من لدن دونالد ترامب في كل من بنغلاديش وأوزباكستان وعدد من المنظمات الدولية، حيث لا يمكنهم يبدؤوا مهامهم كسفراء إلا بعدما موافقة مجلس الشيوخ بعد جلسات استماع لهم يحضرها أيضاً أفراد عائلاتهم. وخلال جلسة الاستماع، طُلب من السفير الأمريكي المعين في الرباط أن يدرج في ملفه المقدم إلى مجلس الشيوخ تفاصيل دعوى قضائية سبق أن لعب فيها دوراً مهماً، دون الإشارة إلى تفاصيلها، وتم الاكتفاء بالإشارة إلى أن لها علاقة بالمجموعة التي يديرها، والتي تعمل في مجال السيارات الفارهة. وخلال عرض قدمه أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، قال ديفيد فيشر إن «المغرب هو أحد أقدم حلفائنا، حيث تجمع بيننا معاهدة الصداقة والتي تم توقيعها سنة 1787، وتعد أقدم معاهدة ما زالت سارية المفعول موقعة من قبل الولاياتالمتحدة مع دولة أخرى". وقال السفير المعين إن "هناك فرصا اقتصادية كبيرة في مجالات المبادلات التجارية مع المملكة"، مورداً أن المغرب هو أحد البلدان القليلة المرتبطة بالولاياتالمتحدة بموجب اتفاقية للتبادل الحر، ويتموقع كمنصة للشركات الأمريكية نحو الأسواق الأخرى. وتعهد فيشر بالعمل بشكل وثيق مع لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي من أجل توسيع نطاق الاستفادة من الفرص المتاحة أمام الشركات الأمريكية، حيث قال: «إذا تم تأكيدي في منصب سفير الولاياتالمتحدة في المغرب، فإنني أتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع هذه اللجنة وكذلك مع مختلف الإدارات والوكالات الفيدرالية". وجرت الإشادة من لدن فيشر كما من لدن أعضاء اللجنة على الدور الذي يقوم به «المغرب في المجال الأمن، خصوصاً أن المغرب يعد من الدول الإفريقية الأوائل التي انضمت إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش، فضلاً عن توليه للرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى الدور دور عالمي في مكافحة الإرهاب". وكانت قضية الصحراء حاضرةً أيضاً في جلسة الاستماع، حيث قال السفير الأمريكي المعين إنه يتعهد بدعم جهود الأممالمتحدة الرامية إلى المضي قُدماً نحو حل سياسي عادل ودائم ومقبول لقضية الصحراء. وأقر الدبلوماسي الأمريكي بأن بلاده تواجه تحديات معقدة في السياسة الخارجية حول العالم، معتبراً أن تعزيز التعاون مع المغرب سيكون ذات أهمية قصوى على اعتبار أنه جسر عبور إلى إفريقيا والشرق الأوسط والعالم الإسلامي. وبعد هذه الجلسة التي عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، يتعين على فيشر تزويد لجنة الخارجية بالمعلومات المطلوبة لإضافتها إلى ملفه؛ وهو الأمر الذي سيؤخر تأكيده كسفير معتمد في الرباط بضعة أسابيع أو أشهر. وتعمل هذه اللجنة على فحص ملفات السفراء المعينين من لدن البيت الأبيض وتفصل في كل صغيرة وكبيرة قبل إعطائها الضوء الأخضر للالتحاق بالبلد المعين فيها، لمباشرة عمله الذي سينتهي مع انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب. ويسود اعتقاد واسع بين الجمهوريين بأن إدارة ترامب لا تفعل الكثير لفحص مرشحيها من السفراء، حيث أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" أن أعضاء مجلس الشيوخ يكتشفون وجود دعاوى قضائية مرتبطة بالسفراء المعينين من خلال عمليات بحث بسيطة في غوغل والتي لا يذكرونها في ملفاتهم المفترض أن تكون شاملة لكل التفاصيل. ولاحظت الصحافة الأمريكية أيضاً أن إدارة الرئيس ترامب عرفت بطئاً شديداً في تأكيد تعيين دبلوماسيها عبر العالم، إذ توجد إلى حد الساعة 43 سفارة بدون سفير عبر العالم؛ من بينها دول ذات أهمية من الناحية الاستراتيجية، على رأسها المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر وباكستان وأستراليا.