لا يتنازع اثنان في كون جهة بني ملالخنيفرة من أفقر جهات المملكة رغم ما تتوفر عليه من طاقات بشرية وموارد طبيعية ومؤهلات سياحية من المفترض أن تساهم في تنميتها وإشعاعها، لكن واقع الحال غير ذلك لما تعيشه من تهميش وتفقير حالا دون تقدمها. وكان سكان الجهة استبشروا خيرا بالالتفاتة الرامية إلى إصلاح الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين بني ملالوخنيفرة؛ وهي الطريق التي عانى مستعملوها الأمرين منذ سنين لضيقها ومنعرجاتها الخطيرة التي تسبب في حوادث سير تودي بأرواح عشرات الأبرياء سنويا رغم كونها طريقا ذات أهمية قصوى، لأنها تربط بين أعرق المدن المغربية فاس ومراكش. غير أن هذا الاستبشار لم يطل، إذ سرعان ما توقف الزمن وتعطلت عجلة الإصلاح، وهذا ليس بغريب عن المسؤولين الذين اعتادوا التماطل في العمل؛ إذ كيف لبضع كيلومترات من الطريق أن تستغرق مدة طويلة دون أن تظهر معالم انتهاء الأشغال؟. هذا ولازالت عجلة إصلاح الطريق الوطنية رقم 8 التي تربط بين بني ملالوخنيفرة، خصوصا المقطع الطرقي بين تيغسالين وزاوية الشيخ، الذي لا يحمل من الطريق سوى الاسم، تدور ببطء شديد، إذ إن الأشغال تراوح مكانها منذ أكثر من سنة، والطريق مليئة بالحفر والمطبات والمنعرجات الخطيرة، وأقل ما يقال عنها إنها "طريق الموت" بامتياز. قبل مدة أعطيت انطلاقة الأشغال بهذه الطريق، نظرا للحالة المزرية التي كانت تعرفها، ليستبشر مستعملوها خيرا بهذه الإصلاحات التي طال انتظارها، إلا أن تأخرها وتوقفها أكثر من مرة خلف استياء كبيرا. لم يكن أكثر المتشائمين ممن اعتادوا سلك الطريق بين بني ملالوخنيفرة يتوقع أن هذه الأشغال التي من المفترض أن تسهل عملية السفر وتنقل الشاحنات ستكون وبالا على السائقين، خصوصا أن الأمر يتعلق بأنشط الطرق الوطنية، إذ تعبر منها أكثر من 10 آلاف عربة. يقول سائق اشتغل لسنوات في النقل بين مدينتي خنيفرةوبني ملال: "عيينا مع هاذ الطريق، راه عيب هاذي تكون طريق وطنية، سنوات وهي على هاد الحالة، نهار بداو فيها الخدمة كلنا لباس، مي هنتوما كتشوفو الحفاري وبيستا، مرة كيخدمو ومرة كيخلوها هاكا". حالة الطريق تزداد سوءا، خصوصا أن المنطقة التي تتواجد بها تعرف أمطارا رعدية في فصل الصيف، كما أن عدد مستعمليها يعرف ارتفاعا كبيرا لتزامن العطلة الصيفية مع عيد الأضحى، ما يسبب عدة حوادث.."هاد الطريق ديما فيها كسايد، عامرة فيراجات، ومع هاذ الإصلاحات ل فيها تزادو الكسايد، خصوصا بالليل، لكيدوز منها أول مرة بالليل كيصحابو مصايبة حتى كيلقا راسو وسط شي حفرة ولا قنطرة"، يقول متحدث آخر. ويورد سائق آخر مستنكرا: "هذه الأشغال التي لا تعدو أن تكون نبشا وحفرا تثير سخط كل مستعملي الطريق، وخاصة سائقو الحافلات وسيارات الأجرة والشاحنات"، ليضيف: "المثير هو صمت المسؤولين وهذه اللامبالاة؟". وأكد عبد المنعم أبو نجاح، المدير الإقليمي للتجهيز والنقل واللوجستيك بإقليم خنيفرة، في تصريح لهسبريس، أن تأخر الأشغال بطريق الوطنية رقم 8 يعود بالأساس إلى التساقطات المطرية التي عرفتها المنطقة على طول السنة (خصوصا الأمطار الرعدية)؛ ما يؤدي إلى توقف الأشغال بشكل مستمر، وكذا إلى طبيعة تربة المنطقة وتضاريسها، وأضاف أن العدد الكبير لمستعملي الطريق يلعب هو الآخر دورا كبيرا في تأخر الأشغال. وأشار المسؤول في وزارة التجهيز والنقل إلى أنه تم عقد اجتماع مؤخرا، تمت فيه مناقشة وضعية الطريق، كما أعطيت التعليمات لتوفير جميع الشروط والمستلزمات الضرورية لتسريع وتيرة الأشغال التي من المتوقع أن تنتهي شهر دجنبر من هذه السنة. وأضاف المتحدث ذاته أن الأشغال تعتمد نظام أشطر، إذ يتم الانتهاء من شطر للانتقال إلى شطر آخر، نظرا لطبيعة المنطقة وتعدد المنعرجات، إضافة إلى الأمطار الرعدية التي تكثر في فصل الصيف.