"اجتياز مباريات التسجيل في سلك الماستر والدكتوراه في الجامعات المغربية يشوبها غموض، وتشوبها عدة خروقات أستحيي أن أذكرها؛ عيب أن يكون طالب له ثلاث أو أربع ميزات ولا يُقبل في الماستر، في حين أن طالبا لا يتوفر على أية ميزة يتم قبوله لأنه نهج سلوكا لا يليق بسمعة التعليم العالي". الكلام أعلاه ألقاه مستشار برلماني على مسامع خالد الصمدي، كاتب الدولة في التعليم العالي الحالي، خلال إحدى جلسات مجلس المستشارين في السنة التشريعية الماضية، وكان جواب الوزير أن طلب من المستشارين "مدّ وزارته بكل ملف تشوبه شبهات ونحن مستعدون لفتح تحقيق في الموضوع حماية لسمعة الجامعة". ويبدو أن الإجراءات التي توّعد كاتب الدولة في التعليم العالي باتخاذها لم تُثن بعض الأساتذة الذين ألفوا ابتزاز الطلبة الراغبين في التسجيل في سلك الماستر أو الدكتوراه من الاستمرار في المتاجرة بالدبلومات داخل الجامعات المغربية، وكان آخر هذه الوقائع التسجيل الصوتي الذي راج قبل يومين، والذي يساوم فيه أستاذ طالبا حول مبلغ أربعة ملايين، اشترط عليه دفعها لضمان تسجيله في الماستر. الواقعة الأخيرة المسجلة في كلية الحقوق بفاس "مظهر من مظاهر الفساد العارم الذي يعتري جامعتانا بدون استثناء، حيث الرشوة والزبونية والمحسوبية وأحيانا الابتزاز الجنسي أضحت قاعدة أساسية في الولوج إلى سلك الماستر والدكتوراه، عوض اعتماد مبدأ الاستحقاق الذي أصبح استثناء من القاعدة داخل جامعتنا، التي ترزح تحت وطأة أزمة خانقة على جميع المستويات والأصعدة"، حسب محمد بنساسي، رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب. ويعزو بنساسي، في تصريح لهسبريس، سبب "الفساد" الذي قال إنه ينخر الجامعة المغربية إلى سوء التدبير والتسيير الذي يشوب مختلف المؤسسات الجامعية، حيث التضييق الممنهج الحاصل على مستوى الحق في الولوج إلى التعليم العالي بها، والمكفول بمقتضى الدستور والقوانين المصاحبة لتطبيقه؛ وهو ما "يفتح الباب أمام بعض عديمي الضمير من أشباه الأساتذة إلى التلاعب بطموحات وأحلام وآمال الطلبة عبر ممارسات بئيسة من هذا القبيل"، على حد تعبيره. ويرى بنساسي أن بعض "الممارسات اللاأخلاقية والمنافية للقانون داخل الحرم الجامعي ما كان لها أن توجد لو كان الوضع ميسرا على أرض الواقع ويحتكم لمبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص والمساواة". من جهته، قال كمال لعرف، رئيس منظمة الطلبة التجمعيين، إن حالات ابتزاز الطلبة من لدن بعض الأساتذة لتسجيلهم في سلك الماستر أو الدكتوراه مستفحلة داخل الجامعة المغربية، مشيرا إلى أن هذا الواقع "جعلنا دائما نطالب وزارة التعليم العالي بفتح رقم أخضر للتبليغ عن الفساد الجامعي، مثل الرشوة والتزوير والبيع والشراء في الشهادات الجامعية". وجوابا عن سؤال حول المسؤول عن هذه الوضعية، قال كمال لعرف إن المسؤولية تتحملها كافة مكونات المنظومة الجامعية؛ "لأن مثل هذه السلوكات المشينة أحيانا يقبل بها الطالب بعد عرض الأستاذ، الذي تكون من ورائه مصالح ولوبيات متجذرة في المؤسسة الجامعية، تخدم مصالحها بهذه الطرق منذ سنوات". "البيع والشراء" في التسجيل في الماستر والدكتوراه عدّه الكثير من المتابعين لواقعة "المال مقابل الماستر" بفاس من بين الأسباب التي أدت إلى تردّي مستوى التعليم الجامعي، حيث إن الطالب الذي يدفع المال يضمن ليس فقط التسجيل، بل يضمن الحصول على شهادة الماستر أو الدكتوراه، حتى وإن كان مستواه ضعيفا. في هذا الإطار، قال رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب إن المفروض في الأستاذ داخل المؤسسة الجامعية "أن يكون ذلك الصمام الحريص على توطين الشفافية والنزاهة والأخلاق الحميدة وقيم المواطنة وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الطلبة؛ لكن أن يتحول إلى حلقة من حلقات الفساد داخل الحرم الجامعي، فيحق لنا كطلبة باحثين أن نقول بصوت عال إن جامعاتنا ليس بخير وأن مرمى الإصلاح لا يزال بعيدا".