تستقبل الأمة الإسلامية عيد الأضحى بسلوكيات ومظاهر احتفالية تتكرر كل سنة؛ وهي المناسبة التي لازال المغاربة والمسلمون عموما يتعاملون معها بكثير من الاحترام والاستعداد القبلي. أطباق عديدة تؤثث موائد المغاربة تزامنا مع مقدم عيد الأضحى، إذ تتغير العادات الغذائية، فيكثر الإقبال على تناول اللحوم، في حين تغيب الخضر والفواكه عن الموائد، ما قد يعرض حياة الكثيرين للخطر. تشكل اللحوم مادة أساسية في النظام الغذائي للمغاربة خلال عيد الأضحى، وهي مسألة عادية بالنظر إلى طبيعة الثقافة السائدة في شمال إفريقيا؛ لكن أن تجد فئة تخشى اللحم وتحرم من تناوله، وقد يكون سما زعافا لها، فالخطب هنا ليس بالهين. البعض يتقبلون المرض ويتأقلمون معه بالاستعانة بنصائح المختصين، والبعض الآخر يرون في الأمر اختلافا وحرمانا، فيتغاضون عن ذلك مرددين: "اللي مات على شبعة لهلا يرحمو"، أو "موت وحدة اللي كاينة"؛ وهو أقل ما يمكن رصده من معاناة لدى مرضى السكري. سمية بولعساس، أخصائية في الحمية والتغذية، قالت إنه بحلول عيد الأضحى تتجدد معاناة مرضى السكري وتظهر حيرتهم بجلاء في اتباع نظام غذائي في مناسبة تغزو فيها اللحوم، بمختلف أنواعها، موائد المغاربة، وتتفنن النساء في إعداد ما لذ وطاب منها، مشيرة إلى أن هذه "الشهيوات" قد تشكل سما لمن يستهلكها. ودعت الأخصائية ذاتها مرضى السكري إلى احترام نصائح المختصين لتجنب المشاكل الصحية والمضاعفات السلبية التي قد ترافق عدم احترام الحمية الموصى بها، والتي قد تنغص فرحة استقبالهم للعيد المبارك. وفي هذا الصدد أوصت بولعاس مرضى السكري باقتناء الأضاحي التي ترعى في الجبال والحقول عوض تلك التي يقدم لها العلف داخل الحظائر. المتحدثة ذاتها أضافت في تصريح لهسبريس أن لحم الغنم من أكثر اللحوم احتواء على الدهون مقارنة مع باقي أنواع اللحوم الحمراء، داعية إلى ضرورة طبخه جيدا، مع تخليصه من الدهون الظاهرة، مؤكدة في الوقت نفسه أن "بولفاف" ممنوع منعا كليا على مرضى السكري. ونصحت أخصائية التغذية مرضى السكري بإعداد أطباق لحم صحية مرفوقة بصحن خضروات أو سلطة تتماشى ونوعية المرض، مفضلة سلق و"تفوير" اللحم، بعيدا عن الشي أو القلي، كما أكدت أن لحم الخروف غير مناسب لمرضى السكري، نظرا لغناه بالدهون المشبعة. وأوردت بولعاس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، جملة من النصائح التي يتوجب اتباعها خلال "العيد الكبير"، منها تجنب أكل لحم الأضحية خلال اليوم الأول من الذبح، وكذا تفادي المشروبات الغازية التي يكثر استهلاكها، مع تعويضها بكوب شاي بدون سكر بعد 30 دقيقة من تناول الوجبة. ودعت خبيرة التغذية إلى ضرورة تغيير أسلوب الضيافة لمرضى السكري، وتقديم الفواكه الجافة بدلا عن حلويات العيد التي يتوجب تفاديها، مع احترام مواعيد أخذ الأنسولين، مشددة في الوقت نفسه على ضرورة قياس نسبة "الجليكوز" في الدم بشكل مكثف، مع الإكثار من شرب الماء دون انتظار الإحساس بالعطش. وضمانا لمرور أيام العيد المبارك في ظروف جيدة، نصحت سمية مرضى السكري باحترام مسافة زمنية لا تقل عن ساعتين بعد وجبة العشاء قبل الخلود إلى النوم، مع الابتعاد عن الأطعمة المملحة. من جانبها دعت الدكتورة أم كلثوم حرتي إلى تفادي شي اللحوم أكثر من اللازم، لكون ذلك يساهم في تكون طبقة سوداء مسرطنة، موردة أن مرضى السكري لا يجب أن يتجاوزوا وجبة لحم واحدة في اليوم. وأوصت الطبيبة ذاتها بضرورة تجنب "المقليات"، وتفضيل "المبخر"، وزادت: "هناك مفهوم خاطئ ومتداول بشكل كبير مفاده أن المشروبات الغازية تسهل الهضم"، مؤكدة في هذا الباب أن المشروبات الغازية "سم قاتل يفاقم أخطار أمراض القلب والشرايين"، داعية مرضى السكري إلى ممارسة الرياضة أو المشي بمعدل 30 دقيقة في اليوم.