يرتكز تصور حزب العدالة والتنمية للمرحلة المقبلة على العمل من أجل جعل الدولة في خدمة المواطن، والتأكيد على مركزية الإنسان باعتباره محورا وهدفا لبرامج التنمية ،وتحرير طاقات الإنسان المغربي في التنافس والإنتاج والقطع مع اقتصاد الريع والاحتكار، وإرساء نظام فعال في التضامن والتوازن الاجتماعي وتصحيح الفوراق والعدالة في توزيع الثروة. وحسب البرنامج الذي أعده لدخول غمار الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر المقبل، فإن مقاربة الحزب التي وصفها بالجديدة ترمي إلى "بناء مجتمع مستقر ومتضامن ومزدهر، قوامه طبقة وسطى واسعة مع نظام تضامني يحقق العيش الكريم لفقرائه ويوفر الأمان وشروط الفعالية والمسؤولية الاجتماعية لأغنيائه". ويشدد الحزب في برنامج الانتخابي الذي يحمل شعار"من أجل مغرب جديد مغرب الحرية والكرامة والتنمية والعدالة"، على أن السياسات المتبعة أدت إلى وضع المغرب على طريق القطيعة بين فقرائه وأغنيائه مع الإضعاف المتزايد للطبقة الوسطى، "وما يؤدي إليه من انتشار للفساد والنهب والريع ومصادمة اختيارات المجتمع وهويته وتآكل القيم الإيجابية فيه". إن إيقاف هذا المسار أصبح برأي الحزب "خيارا حتميا لا مفر منه لاسيما في ظل الربيع الديموقراطي"، مبرزا أنه سيعمل من أجل دعم انخراط المغرب في هذا المسار الجديد المنبثق من تطلعات الشعب المغربي و"الذي رافقناه مع الخطاب الملكي ل9 مارس وبعده المراجعة الدستورية وحاليا ونحن نستعد لخوض الانتخابات النيابية ل 25 نونبر 2011". غير أن نجاح هذه الاختيارات يتوقف حسب الحزب على ثلاث دعامات تتمثل في تجديد نظام القيم في نطاق المرجعية الإسلامية، والهوية المغربية المتعددة المكونات، وإصلاح فعلي لقطاعي التعليم والقضاء. وينطلق برنامج الحزب من القناعة بأن المغرب بإمكاناته البشرية ورصيده الحضاري وقدراته الطبيعية وموقعه الجغرافي، مؤهل لضمان الكرامة لأبنائه وتحقيق التنمية واكتساب موقع متميز ضمن الدول الصاعدة، وإحياء وتجديد نظام القيم المغربية الأصيلة على أساس من المرجعية الإسلامية والهوية المغربية. ويهدف حزب العدالة والتنمية، في برنامجه الانتخابي إلى "التمكين للحكامة الجيدة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية، والقائمة على الديمقراطية الحقيقية والمسؤولية والمنافسة الشريفة والشفافية والنزاهة، من أجل استثمار أمثل للإمكانات والفرص". كما يهدف البرنامج إلى اعتماد سياسات إرادية موجهة إلى فصل نظام الإنتاج عن نظام التضامن، والعمل على إدماج الفئات المهمشة والتكفل بالشرائح في وضعية صعبة، وإدماج فعال وتشاركي للمستوى المحلي والمجتمع المدني في إعداد السياسات العمومية. وأفادت أرقام تضمنها البرنامج الانتخابي للحزب أن هذا الأخير يراهن على تحقيق معدل نمو بنسبة 7 في المائة ، وخفض معدل البطالة بنقطتين، وتقليص معدل الفقر بالنصف، فضلا عن رفع الدخل الفردي ب`نسبة تصل إلى 40 في المائة في الخمس سنوات القادمة، والتحكم في عجز الميزانية في حدود 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وتحسين ترتيب المغرب في مؤشر التنافسية إلى 60، ومضاعفة مردودية الاستثمار العمومي. كما رسم الحزب مجموعة من الأهداف تتمثل في توسيع استفادة المشاريع الاستثمارية من التحفيزات الاستثنائية بخفض حد الاستثمار المؤهل من 200 مليون درهم إلى 100 مليون درهم، وإشراك المقاولات الوطنية المتوسطة والصغرى في تنفيذ الصفقات العمومية الكبرى بنسبة 30 في المائة. ويركز برنامج الحزب أيضا على القيام بإصلاح ضريبي فعال يمكن من تخفيف العبء من الضريبة على الدخل عن الفئات الدنيا والمتوسطة، ورفع مساهمة ذوي الدخول العالية، وخفض نسبة الضريبة على الشركات في أفق اعتماد 25 في المائة، وتشجيع إدماج القطاع غير المهيكل، وتقوية مساهمة المقاولات المتوسطة والصغرى في مجهود التشغيل عبر رفع سقف المعاملات اللازمة لتطبيق نسبة 15 في المائة إلى 5 مليون درهم ،فضلا عن إقرار منظومة جديدة للضريبة على القيمة المضافة في أفق إعفاء المواد الأساسية على المستويين الغذائي والطبي. وعلى صعيد آخر، يؤكد حزب العدالة والتنمية في برنامجه الانتخابي أنه يعتزم الانكباب على العمل من أجل اعتماد مقاربة مندمجة وفعالة في تعزيز الوحدة الترابية للمملكة ومعالجة قضية سبتة ومليلية المحتلتين، وإدماج المغاربة المقيمين في الخارج في الإستراتيجية الدبلوماسية والسياسات الوطنية، والمحافظة على العلاقات المتميزة مع الفضائين الأوربي والأمريكي، واعتماد سياسة أكثر توازنا في تدبير الشراكات وضمان المصالح المتبادلة والعادلة. وإلى جانب ذلك، يركز الحزب على ضرورة تعزيز علاقات المغرب مع الفضاء العربي والإسلامي والإفريقي باعتباره عمقه الاستراتيجي والتاريخي والجغرافي، وتجديد الدبلوماسية الوطنية من خلال إعادة النظر في طريقة أدائها وتسييرها واعتماد نظام للحكامة الجيدة وتبني مقاربة ديموقراطية وتشاركية ومهنية. وفي ما يتعلق بقطاع الإعلام سطر الحزب برنامجا يهدف إلى "دعم اعلام ديمقراطي وحر ومسؤول يعكس التعددية السياسية والثقافية ويخدم الهوية الوطنية" وينخرط في التنمية المجتمعية وتأهيل الموارد البشرية، والعناية بالعاملين في القطاع الاعلامي، ودعم الإنتاج الوطني والمقاولة الصحفية، ومراجعة قانون الصحافة من أجل تعزيز مبدأ الحرية والمسؤولية في ممارسة المهنة والولوج إليها. كما يدعو البرنامج إلى حذف العقوبات السالبة للحرية المرتبطة بحرية الرأي والتعبير، وتحسين صورة المرأة في الإعلام، وإقرار إجراءات فعلية للحد من توظيف جسد المرأة كسلعة تجارية تكرس دونية المرأة وتختزلها في بعدها الجنسي.