ظلت عاصمة الصحافة المكتوبة المغربية هي مدينة الدارالبيضاء، فقد سرقت هذه المدينة من العاصمة الإدارية الرباط الريادة في قطاع الصحافة المكتوبة، شهدت المدينة المليونية أول مجموعة صحافية أيام الاستعمار، وهي "صحافة ماس"، كانت تصدر "لافيجي" و"لوبوتي ماروكان" "المغربي الصغير". ظلت المجموعة تتخذ من شارع محمد السادس مقرا لها، حتى بعد أن اقتنتها الدولة وأضحت تحمل اسم "ماروك سوار"، قبل أن تتخلى عنها للقطاع الخاص. وكانت المدينة تصدر صحفا أخرى للمعارضة كجريدة "المحرر" التي أضحت "الاتحاد الاشتراكي" و"البيان" و"بيان اليوم"، في حين كانت صحف أخرى ك"العلم" و"الميثاق" و"المغرب" تصدر في العاصمة الرباط. "" خلال نهاية التسعينات من القرن الماضي، ظهرت الصحف المستقلة، مع "لوجورنال" و"مغرب اليوم" وقبلهما "ماروك إيبدو"، كانت هذه الصحف جميعها تصدر من مدينة الدارالبيضاء، واستمرت ريادة المدينة صحافيا، حتى أضحى لصحافتها شارعا يحتضنها. فشارع الجيش الملكي الممتد من وسط مدينة الدارالبيضاء، بالقرب من الكرة الأرضية، إلى حي "روش نوار" (الصخور السوداء). فقد تحول مع نهاية السنة الماضية إلى أول شارع للصحافة المستقلة بالمغرب، يضم مقرات الصحف والمجلات الأكثر مبيعا في المغرب، فمع بدايته تقع مجلة "نيشان" الموقوفة لشهرين لحكم قضائي غريب أثار درود فعل مدينة من قبل الهيئات المهنية الدولية. بدأت "نيشان" تجربتها شهر سبتمبر الماضي، وحققت نجاحا خاصة في أوساط الشباب. بالقرب من تلك المجلة الناجحة توجد واحدة من أهم التجارب الصحافية الفرنكفونية وهي مجلة "تيل كيل"، فهذه الأخت الكبرى ل"نيشان"، لأنها تنتمي إلى المجموعة نفسها، تتصدر الأسبوعيات الفرنكفونية بالمغرب، ساهمت بقوة في تكسير طابوهات كثيرة، خاصة على المستوى الاجتماعي. جارة هاتين المجلتين بشارع الجيش الملكي، مولود إعلامي جديد يومية "المساء"، ففي فترة قياسية أضحت الصحيفة الأكثر مبيعا في المغرب، يرجع نجاحها بشكل أساسي إلى مدير نشرها صاحب عمود "شوف تشوف" رشيد نيني. بالقرب من فندق "مرحبا"، إحدى معالم المدينة على مستوى الهندسة المعمارية، يوجد مقر مجلة "لوجورنال"، المجلة الأكثر جرأة في تناول المواضيع السياسية، ناشرها بوبكر الجامعي، غادرها قبل أيام تاركا السفينة لصديقه علي عمار، غادر المجلة مكرها بعد أن حكمت عليه المحكمة أداء ثلاثة ملايين درهما، كل دولار يساوي ثمانية دراهم ونصف تقريبا، اعتبر الحكم قاسيا وردد في ندوة صحافية أقامها أن الهدف منه الخط التحريري للمجلة. لا يحتضن شارع الجيش الملكي المغربي المجلات والصحف المنتقدة للنظام ولأسلوب الحكم وللمجتمع، بل توجد مجلات مهادنة مسايرة لخطاب الدولة، كأسبوعية "لاغازيت دي ماروك" وأسبوعية "شالانج" الاقتصادية والمجلة الشهرية للرجل "في آش"، المجموعة التي يملكها كمال لحلو. تحتضن عمارة تابعة للأحباس في الشارع المذكور صحف هذه المجموعة، ومن المتوقع أن تحتضن قريبا إذاعة "راديو إف إم"، بالإضافة إلى إدارة "فاس إف إم" و"مراكش إف إم" و"أكادير إف إم"، على اعتبار أن جميع هذه المحطات الإذاعية تابعة لكمال لحلو. شاءت الصدف أن يكون اسم "الجيش الملكي" مقترنا بكبريات الصحف المغربية، وشاءت الصدف، كذلك، أن يكون أول موضوع/ طابو/ كسرته تلك الصحف هو موضوع الجيش المغربي. موضوع كان وإلى وقت قريب في خانة "ممنوع نشر أخبار عنه" في الصحف المغربية.