نظارات منصف المرزوقي تحظى بتأييد التونسيين حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ... العلمانية دون عداء الإسلاميين تنتصر إذا كان تصدر حركة النهضة الإسلامية في انتخابات المجلس التأسيسي في تونس لم يكن مفاجئا للمراقبين الذين توقعوا تفوق الحزب الإسلامي فإن الصعود اللافت لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية لمؤسسه منصف المرزوقي كان مفاجئا بكل المقاييس ، وتشير النتائج الأولية أن الحزب حصل على ما يقارب من 15 بالمئة من أصوات الناخبين التونسيين في الانتخابات التي جرت يوم الأحد . ولم يحصل حزب المعارض التونسي منصف المرزوقي على الترخيص إلا بعد الثورة التي أطاحت بنظام بنعلي في الرابع عشر من يناير رغم تأسيسه في الرابع والعشرين من شهر يوليوز من سنة 2001 بسبب رفض نظام بنعلي السماح له بالعمل لكن ذلك لم يثنه عن مواصلة العمل بشكل سري ، تأسس الحزب على إثر إلتقاء إرادة مجموعة من المعارضين والمسجونين السياسيين السابقين والحقوقيين المنتمين إلى مشارب فكرية وإيديولوجية مختلفة وتبنى الحزب منهجا منفتحا ومتسامحا أساسه العلمانية المعتدلة المائلة يسارا دون أن يهمل أساس الهوية العربية الإسلامية للمجتمع التونسي . تركزت دعوات الحزب على ما أسماها مبدأ " المقاومة المدنية " في غياب الشروط الكفيلة بالقيام بمعارضة حقيقية في ظل التضييق الذي كان يمارسه النظام البائد ، و طيلة العشرية التي سبقت الإطاحة ببن علي قاد الحزب هذا النضال المدني وتعرضت عديد قياداته لعمليات انتقامية فمنهم من سجن ومنهم من تم تعنيفه وتعذيبه فضلا عن محاولات الاغتيال والمنع من السفر ، ولم يسلم الحزب من هجوم بعض الأطراف في المعارضة التونسية التي كانت تشتكي من راديكالية موقف الحزب الذي كان ينادي صراحة بإسقاط النظام. بعد الثورة حاول الحزب البقاء على توجهاته بعد أن نال ترخيصه في مارس والتي تنص على الاقتراب من الشعب وتفادي الخطاب الاستعلائي الذي كبد الأحزاب الشيوعية واليسارية التقدمية غاليا رغم ماضيها النضالي العتيد ، وعمل بعد ذلك على إعداد برامجه ومشاريعه وتصوراته للمرحلة القادمة لتونس ما بعد الثورة وعزز كذلك صفوفه بعدد من الكفاءات الجديدة قصد تحويله الحزب من حزب طلائعي إلى حزب جماهيري يقترح الحلول ويقدم البرامج تحت شعار الحزب " السيادة للشعب الكرامة للمواطن وشرعية الدولة ". على مستوى العقيدة الفكرية تقول مبادىء الحزب إنها تفرق بين العقيدة والإيديولوجيا والمرجعية الفكرية ، التي لخصها الحزب في القيم والأفكار التحررية التي يزخر بها تاريخ تونس العربي الاسلامي والتاريخ الإنساني ومواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية ، ويقول الحزب في وثيقته التأسيسية إنه يحترم عقيدة كل شخص ولا ينضوي تحت أي راية ايدولوجية ويستند لأخذ مواقفه السياسية إلى مرجعية فكرية تجمع بين الثبات على المبادئ والمنهجية المتطورة باستمرار، ومن ثم سهولة التعايش بين مناضلين لهم خيارات عقائدية مختلفة تجمعهم أهداف سياسية واحدة وطريقة تفكير مبنية على التواضع والبحث المستمر والنقاش الجماعي . منصف المرزوقي .. رجل النظارات : لم يكن كثير من الشباب التونسي الصاعد يعرف من هو منصف المرزوقي صاحب النظارات الطبية الشهيرة التي غدت رمزا لقوائم الحزب الانتخابية في الانتخابات الحالية فقليلة هي القنوات التي كانت تسمح باستضافته وهو الذي لم يكن يجيد لغة المهادنة وعارض بن علي حتى آخر يوم في حكمه والجميع يتذكر خرجته الشهيرة من فرنسا حين قال بن علي أنه سيتنحى في سنة 2013 ليجيبه منصف " عليك أن ترحل الآن ". ولد منصف المرزوقي سنة 1945 من عائلة تتحدر من الجنوب التونسي ودرس بالعاصمة تونس قبل أن يلتحق بعائلته في مدينة طنجة في المغرب التي قضى فيها ثلاث سنوات ليغادرها سنة 1964 ثم سافر بعدها إلى فرنسا وتزوج هناك وتنقل بين عدة محطات لممارسة الطب ليعود سنة 1979 لتونس رغم تحذير أصدقائه وأقاربه ليعمل أستاذا مساعدا في قسم الأعصاب بجامعة تونس . تعرض في فترة بقائه في تونس للاعتقال سنة 1994 وسجن لمدة تزيد عن الأربعة أشهر قبل أن يتم الإفراج عنه بعد ضغوط دولية ثم أسس سنة 1997 المجلس الوطني للحريات ، ليغادر إلى المنفى مجددا سنة 2001 ويعمل محاضرا في جامعة باريس إلى أن عاد إلى أرض الوطن بعد هروب بن علي . تحولت نظاراته الطبية الشهيرة إلى موضوع للتندر في الشارع التونسي ، فعلى سبيل النكتة طالب عديدون من المرزوقي تغيير نظاراته واعتبروه آخرون غير مؤهل لرئاسة لكنه استقبل الأمر بصدر رحب بل وقرر أن يكون رمز لوائح الحزب الانتخابية هو النظارات ، وتعود قصة تشبت منصف المرزوقي بنظاراته إلى كونها هدية من ابنته التي زارت الهند في مناسبة ما وأحضرت له هاته النظارات بعدما كان عاجزا عن اقتناء نظارات جديدة لكونه كان يشتغل في مستشفى متواضع . هكذا استطاع صاحب النظارات المثيرة للجدل أن يكسب بسرعة فائقة قلوب التونسيين ونال نصيبا مهما من أصواتهم رغم أنه لم يحدث ضجيجا كبيرا في الساحة أملا في مستقبل جديد يكتبه الحزب لتونس المستقبل مع بقية الأحزاب المنتصرة كحزبي النهضة والتكتل خصوصا أن النهضة قالت أنها مستعدة للتحالف مع العلمانيين في إشارة إلى حزبي منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر .