ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع البؤس والقهر يؤجل أحلام ساكنة تيفلت في العيش الكريم
نشر في هسبريس يوم 10 - 08 - 2018

على بُعد 56 كيلومتر من مدينة الرباط، تقع مدينة تيفلت، "قرية" في السابق، ومنطقة فلاحية بامتياز، عَرفت ملامح التمدّن اليوم، لتصيرَ من أهم المراكز الحضرية لإقليم الخميسات، إذ لا تفصل بينهما سوى 25 كيلومتر.
تيفلت أو "وادي النخلات"، كما كانت تسمى في السابق، لما كان يعبُرها وادٌ صغير، لتُسمى بإسم "تيفلفلت"، الذي يعود لمبادرة رجل عادَ من مناسك الحج، ثم زرع بذرة فلفل على ضفة الوادي، فأينعت غلة وفيرة، ولتسهيل نطق اسم المدينة، وقع الاختيار، في ما بعد، على اسم "تيفلت".
في مدخل المدينة، الواقعة بين الرباط وفاس، وتحت درجة حرارة بلغت 40 درجة، من فصل غشت الحار، عقاربُ الساعة تشيرُ إلى الواحدة بعد الزوال، حركة طفيفة للسكان، لا شيء يُزاحمُ مدخل تيفلت، غير حركة السيارات القادمة أو المتوجهة إلى الرباط.
عدسة كاميرا هسبريس رصدت رذاذ ماء يتطاير في سماء تيفلت، لتكتشفَ، بعد الاقتراب، تجمّع مجموعة من الأطفال والشباب حول مدار المدينة، يسبحون في ثلاث من نافورته، ويتراشقون بالماء، ليبددوا حرّ الجو، بعدما لفحت أشعة الشمس وجوههم الصغيرة. تساءلنا حولَ سبب سباحة الأطفال في مكان، غير صالح لذلك، خاصة أن الأمر يتعلق بمدار المدينة، الشيء الذي قد يُعرِّض حياتهم للخطر، لقربهم من الشارع الرئيسي، هدفنا من السؤال كان هو التحقق من فرضية غياب مسابح بلدية بالمدينة، وهو السؤال الذي، دفعنا لمعاينة الساكنة، ورصدِ معيشهم اليومي بتيفلت، بدء بالنقل، والخدمات الصحية، والأنشطة الثقافية، والسكن.
آهاتُ الساكنة
أكثر ما يؤرق ساكنة أي مدينة بالمغرب، هو قلة المواصلات، أو تأخرها، غير أنه في "تيفلت"، وبالضبط في المحطة الطرقية الخاصة بالمدينة، كل حافلات النقل متوفرة، سواء سيارات الأجرة، أو "الطاكسيات" الكبيرة، التي تُقل إلى المدن المجاورة، أو الحافلات، التي يظل وقتها رهين باستيفاء العدد الكامل للركاب، لتنطلق الرحلة.
محطة طرقية بمساحة صغيرة، تَعكس العدد القليل للساكنة، الذي يبلغ 87 ألف نسمة، محطة يؤثثها بائعوا المأكولات السريعة أكثر من الحافلات وسائقيها، يتواجد بباحتها عدد كبير من الرجال والنساء الذين يُرتبون عرباتهم في المكان، لمباشرة بيع مأكولات جاهزة، يحتاج إليها المسافرون.
بالقرب من حافلة متوجهة إلى الخميسات، تجلس السيدة فاطمة، امرأة مسنة، تبيع فاكهة التين الهندي، تجمع دريهمات، بعد استكمال بيع عدد حبات التين التي أحضرتها بالرغم من الحرارة المفرطة، التي تُواجهها بدعوة المسافرين لأكل الفاكهة.
فاطمة، لم يُعقها مرضها، ولا العملية الجراحية التي أجرتها، أخيرا، تأتي كل يوم لتشتغل من أجل بناتها الخمس، لتُوفر لهن القوت اليومي، وهي التي تشتكي من غلاء المعيشة بتيفلت، وغلاء الأسعار، علاوة عن عدم توفير وسائل نقل مدرسية تُقل بناتها اللواتي يدرسن، من مقر سكناهن الذي يبعد عن تيفلت بأربعة كيلومترات.
تقول فاطمة، بنبرة هادئة، يلفها القهر، في تصريح لهسبريس "طرف ديال الخبز مساهلش هنايا ف تيفلت، كلشي كيجي يخدم على ولادو، عيينا ولكن معندنا منديرو"، لتُقاطعها سيدة تُقاسمها نفس العمر المتقدم، ونفس تضاريس الوجه، التي تخفي وراءها ملامح البؤس والقهر، بالقول"أنا يوميا كنفيق مع 4 د صباح، باش نجي نبيع الحرشة هنايا ف المحطة، مكنستافدو من والو، مشاريع دعم الفقراء والمعوزين مكنستفدوش منها".
وفي نفس المكان، الذي تشتغلُ فيه السيدتان، يجلسُ سبعيني، خطفَ الزمان بصره، ولم يعد يرَ إلا بقلبه، يتحسرُ على بيعه للتبغ، قائلا " 17 عام وأنا هنا، كنبيع الكارو ومحاملش راسي، ولكن الغالب الله، الله يسمح لينا، كلشي غالي الماء والضو، الفاتورة غاليا علينا بزاف، والمدينة صعيبة، وجهدنا ضعيف".
بنبرة يائسة من مكابدة صعوبات الحياة، يختمُ الرجل تصريحه، ليتجمهرَ حولنا بقية المسافرين، لتتحول لحظة الحوار مع الرجل، إلى لحظة تكاد تشبه وقفة احتجاجية، تعالت معها أصوات الناس، يشتكون صعوبة المعيشة بتيفلت، والبطالة، والخدمات المزرية، بما فيها الصحية، إذ قال أحد المسافرين "المستشفى لا يلبي احتياجات المدينة، وليس هناك أدوية، والنساء الحوامل يتم إرسالُهن إلى الرباط، من أجل الولادة".
ولم يكف المتحدثون عن سرد معاناتهم بالمدينة، إذ توقفت سيدة عند الخدمات الإدارية، التي وصفَتها ب"البطيئة" والمرتبطة ب"المحسوبية والزبونية".
"شبح" البطالة
مقاهي تيفلت ممتلئة عن آخرها، بين مقهى ومقهى آخر، يوجد مقهى، وكل كراسيه شاغرة برجال المدينة، هذه الملاحظة التي تثير الداخل إلى المدينة، مع تسجيل غياب شركات ومعامل صناعية ومراكز ترفيهية للأطفال وملاعب القرب.
"القهاوي عامرين، كل واحد يشكي على الآخر"، هذا ما قاله لنا أحد المارة، وهو يتأسف، على مدينته، التي تغيب فيها كل سبل العمل لطرد "شبح البطالة" الذي يتربص بحاملي الشهادات العليا؛ فشبابُ المدينة لا يجدون أين يعملون، لغياب شركات ومعامل بالمنطقة وضعف الخدمات، وهو ما يَعتبرونه "ضررا على منطقة تيفلت وإقليم الخميسات".
وتظل الفلاحة المعيشية المورد الاقتصادي الوحيد للمدينة، بفضل المناخ الذي يساعد على زيادة الإنتاجية والمردودية، إذ أن تيفلت تعرف، بشكل سنوي، هطول الأمطار الذي يُنعش نشاط الفلاح الزراعي، فتُمكنه من توفير الكلأ للماشية مما يخفف الضغط عليه من أجل شراء الأعلاف والتبن.
غير أن هذا النشاط الاقتصادي الذي تعرفه تيفلت، لا يُعتبر كافيا لامتصاص البطالة التي تنخر أوساط الشباب، ما يفتح الباب أمام البعض منهم لمزاولةِ مهن حرة، ومنها مهنة "الفراشة"، التي يقتاتون منها، ما يجعل إمكانية بيع وترويج المخدرات واردة، حسب أحد سكان المنطقة.
ويعيبُ سكان المنطقة عدم اكتراث المسؤولين، المُشرفين على التدبير المحلي لتيفلت، لمآلِ المدينة؛ من أجل إنقاذها من "الأفول الاقتصادي" الذي تعيشه، غير أن رئيس المجلس البلدي لتيفلت، عبد الصمد عرشان، كان في وقت سابق، قد أكد على أن الوضع الاقتصادي بالمدينة "لا يخالفُ ما هو عليه بالمغرب"، مشيرا إلى أن الاستثمار والإنعاش الاقتصادي يفرضُ تهيئ البنيات التحتية الأساسية.
وأردفَ عرشان، أن المجلس البلدي ساهم في بلورة مشروع "عين الجوهرة"، باعتباره مركبا صناعيا، سيغير وجهَ المدينة إلى الأحسن، لتواكب حاجيات الساكنة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
عمل ثقافي "ضعيف"
يُشكل الجانب الثقافي للمدينة، جزءا من التنمية المحلية، من خلال تنظيم التظاهرات الثقافية، ودعم الكفاءات والمواهب الفنية، وتشجيعها على الإبداع والتميز.
وقد كانت تيفلت، على موعد مع النسخة الأولى للمهرجان الثقافي والرياضي والفني لمدينة تيفلت، احتفالا بعيد العرش، إذ كان مناسبة لعرض منتوجات الصناعة التقليدية للمنطقة، وعرض لوحات تشكيلية أعدها فنانون محليون ووطنيون، إلى جانب أمسيات شعرية ألقيت خلالها قصائد شعرية وزجلية.
وكانت التظاهرة مناسبة لسبر أغوار إرث منطقة "زمور" و"تيفلت" خاصة، لاستحضار إرث الماضي وأوراش الحاضر، من خلال ندوات ثقافية، ومناسبة كذلك لإحياء الأغنية الأمازيغية، مع سفراءها، أمثال ميمون أورحو، ونور الدين أورحو، وبوعزة العربي، ومحمد سلواح.
وفي هذا الصدد، قال ادريس عامري، فاعل جمعوي بتيفلت، إن "المهرجان الأخير كان مناسبة من أجل إحياء أمسيات الزجل والشعر، إلى جانب معارض الفن التشكيلي، وتقديم مواهب مدينة تيفلت".
وأضاف عامري، في تصريح لهسبريس "جمعيات المجتمع المدني تُواكب عمل تأطير الشباب ذكورا وإناثا في المجال الثقافي للرقي بمواهبهم، ولكن هناك نقص، يجب استقطاب عدد كبير من المواهب في الزجل والقصة والمسرح".
وبالرغم من هذه المبادرات، يسجل الكثير من الفاعلون بالمدينة، ضعف اشتغال الجمعيات على الجانب الثقافي والرياضي من أجل دمج الشباب، ومكافحة الإدمان في صفوفهم، واكتشاف مواهبهم ودعمها.
مستشفى "القرب"
توجّهنا نحو مستشفى القرب بتيفلت، لنرصد حالته، وترصدَ كاميرا هسبريس حالة المرضى المُتوافدين عليه، غير أن التوقيت، الذي كان يُقارب الثالثة زوالا، بالإضافة إلى الحرارة المرتفعة، حالَ دون توافد أي مريض، باستثناء الممرضين وبعض التقنين بالمستشفى وعاملي النظافة.
أسِرّة قاعة العلاجات وقاعة الملاحظة فارغتين من أي مريض، صمتٌ مطبق يعم بهوَ المستشفى، ليكشف عن ما وراء الصورة المبهمة، حديثنا إلى بعض المسؤولين الإداريين والمستخدمين الذين التقينا بهم، وأكدوا لنا على جملة من المشاكل التي يتخبط فيها المستشفى.
طه تعديس، رئيس قطب الشؤون الإدارية بمستشفى القرب بتيفلت، قال إن " المستشفى يعاني من مجموعة من المشاكل، على رأسها قلة الموارد البشرية، وبعدما غادرَ مجموعة من الأطباء والأطر الإدارية، أصبحنا نعيش مأزقا في قلة الموارد في جميع الأقسام ومصالح المستشفى".
وأضاف تعديس، في تصريح لهسبريس " يعاني قسم المستعجلات من قلة الأطر الطبية، ولدنيا عدد لا بأس به من الأطر الشبه طبية الذين نحاول تجنيدهم لسد الخصاص من أجل تلبية احتياجات ساكنة تيفلت"
قسمُ الولادة بمستشفى القرب بتيفلت، يعاني هو الآخر من قلة الموارد البشرية، خاصة غياب الطبيب المدعوم، الذي يشكل، حسب تعديس، مشكلا كبيرا في السير العادي لعمل المستشفى، بالإضافة إلى أن عدد القابلات لا يُلبي حاجيات النساء الحوامل.
من جهته، وصفَ محمد الحسيني، رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية للدفاع عن كرامة المواطن بتيفلت، الواقع الذي يعرفه المستشفى بالكارثي والمُزري، باعتبار أن "الساكنة كانت تطمح ليكون مستشفى إقليمي، وليس محلي، لأنه عندما كان محلي، كان يعرفُ ظروفا قاهرة، ونحن كمجتمع مدني نطالب بلائحة الأطباء الرسمين الذين لم يلتحقوا بعد".
وأضاف الحسيني، في تصريح لهسبريس "الساكنة تتساءل كيف تحول المستشفى من محلي إلى مستشفى قرب، لأنه عندما نقول قرب، نتكلم عن تحديد الاختصاصات، كيف يعقل أن 100 ألف نسمة إلى جانب كل الجماعات المحيطة بالمدينة، التي تبلغ30 ألف نسمة، كلها تصب في هذا المستشفى".
غياب طبيب مداوم بقسم الولادة، واكتفاء المستشفى فقط بمتدربين، ألقى بالمسؤولية الكاملة على طبيبة وحيدة، نادية، تتكلف بالتشخيص الكامل للمرضى، وبقسم المستعجلات.
احتقان داخل المستشفى
ومنذ يوليوز الماضي، اشتد احتقان داخل المستشفى بين بعض أطر وموظفي المستشفى ورئيسة قطب العلاجات التمريضية، حول ما عُرف ب"إفشاء أسرار مهنية لجهة خارجية عن المستشفى"، بعد بث فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، الشيء الذي دفع الأطر التمريضية إلى توقيع عريضتين استنكاريتين، قبل إرسالها إلى المدير الجهوي للصحة.
مصدرٌ من داخل المستشفى، أكد، في تصريح لهسبريس أن المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة بالخميسات، طالبَ بإعفاء رئيسة قطب العلاجات التمريضية، خاصة بعد "تشكيل وزيارة لجنة تقصي البحث والتقصي الإقليمية لمستشفى القرب بتيفلت"، مشددا على أن سبب المطالبة بإعفاء المسؤولة يعود ل"تواطؤ وتخابرها مع جهات خارجية لإشاعة الحقد والتفرقة بين أطر وموظفي المستشفى، خاصة على مستوى قسم الولادة، لما يعرفهُ من حساسية وأهمية استثنائية".
"بيوت القزدير" تُعري تيفلت
بينَ المشاريع التنموية والشعارات الفضفاضة والواقع الذي يعيشه سكان تيفلت، تنجلي الحقيقة، التي عرتها أحياء الصفيح، في وقت يؤكد فيه المجلس البلدي للمدينة تظافر جهوده من أجل القضاء على دور الصفيح، أو "برارك" الدواوير.
ورغم خطاب الملك الذي أكد، في كثير من المناسبات، على الحاجة المُلحة للقضاء على السكن غير اللائق والتعمير العشوائي، بالانكباب على إعداد مشاريع وطنية ومنها مشروع "مدن بدون صفيح"، الذي أعُلن عنه سنة 2004، أي بعد 14 سنة، لم يتحقق، إلى غاية اليوم.
خلف القصر البلدي لمدينة تيفلت، بالضبط بحي "الرشاد"، يوجد دوار "الشعبة الحرشة"، الذي يخفي من وراءه بيوتا من "قزدير"، تلفها الصدأ، وبيوتا أخرى من قصب، وخشب اكتوى واسودّ بفعل درجة الحرارة المرتفعة، بيوتٌ غارقة في ملامح "العنف البصري"، تُحيطها الأشواك والأحجار والحديد، غارقة في مجاري مياه الصرف الصحي، إذ تعم في المكان روائح كريهة، تكاد تخنق الأنفاس.
في بيت صغير، مبني بالقصب، كأنه بهو خاص للضيوف، يجلس رجل متقدم في السن، يمنح لعينيه لحظة تأمل، يسترق بهما النظر بعيدا، يخفي من وراءه حياة صعبة لا تطاق، ليتحدث إلينا، بصوت متشنج "منذ 34 سنة ونحن هنا، لم نعد نطيق العيش هنا، حتى أولادنا يهربون ويرفضون البقاء في هذا المكان".
ويحكي الرجل، معاناة أسرته مع الماء، الذي يبحثون عنه، بعد قطع كيلومترات بشكل يومي، قائلا "كنتعذبو كل يوم، معذبين ف الشتاء والصيف، بغينا غير البلان باش نبنيو ونبدلو السكن"، هذا بالرغم من الميزانية التي رَصَدها صندوق التجهيز الجماعي لمحاربة دور الصفيح.
"فيلا العابدي رقم 100"، هو اسم "براكة" في دوار حي الرشاد، وهو بيت شابة طالبة، تدرس بمدينة الرباط، سئمت الحياة داخل "البراكة"، ولم تعد تطيق المكوث في نفس المكان، لأنها "تخجل دعوة صديقاتها من أجل التحضير والدراسة"، بالإضافة إلى مخاطر العيش، التي تتسببُ في اشتعال الحريق بسبب خيوط الكهرباء.
وتعاني ساكنة دوار حي الرشاد في صمت، منتظرين تدخل المسؤولين، الذين "لا يطرقون أبوابهم إلا عند اقتراب الانتخابات، ليقدموا لهم أوهام الوعود المؤجلة"، ليظل حلم السكان هو الحصول على رخصة البناء، للخروج من بيوتهم "القزديرية" التي تغطيها عجلات السيارات، لتمنع تسرب أشعة الشمس وأمطار الشتاء.
ويعودُ سبب تماطل حصول الساكنة على رخص للبناء، حسب فاعلي مدني بتيفلت، إلى إشكالية الشواهد الإدارية؛ التي بلغت عددا يفوق العدد المحدد، الشيء الذي حرم الكثير مِن مَن له أصل الملكية من حق الحصول عليها.
ويُحمل نفس المصدر، المسؤولية، لقسم التعمير والإسكان للمجلس البلدي الذي "همش سكان دور الصفيح، ولم يتدخل من أجل وقف كل الخروقات الإدارية، وإيقاف سماسرة العقار، الذين يتوفرون على شواهد إدارية دون حصولهم على ملكية أصلية".
ولم ينقذ مجلس مدينة تيفلت حياة الكثير من سكان دوار شعب الحرشة ودواوير أخرى مثل أرض الزيتونة ودوار ولاد كبور ودوار ولاد كزار، الذين ينتظرون حلا آجلا لا عاجلا.
*صحافية متدربة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.