إقبال منقطع النظير تعرفه الشواطئ خلال فصل الصيف، وأعداد الوافدين الجدد من الفارين من لهيب الحرارة من وسط المغرب في تزايد مستمر؛ هي فرصة إذن لأبناء المدن الساحلية لامتهان العديد من المهن الموسمية التي تنشط في هذا الفصل هروبا من بطالة سافرة. مداخل مختلف مدن شمال المملكة تستقبل الزوار الجدد على أصوات قرع مفاتيح تصدر من جنبات الطرق، شباب يشتغلون وسطاء يقدمون مقترحات منازل للكراء، أملهم إقناع الزبون بجودة الخدمات المقدمة بغية ربح قدر من المال من الزبون نفسه ومن صاحب المحل. "خ. أ" من مدينة مارتيل، يقول بنبرة متفائلة: "منذ سنين عديدة وأنا أشتغل في هذا الميدان، أربح مبالغ محترمة خلال فصل الصيف، لكن بمروره يقل الزوار وينخفض الطلب على شقق الكراء"، أما "م. د"، فيعتبر هذا العمل: "فرصة لربح المال، عيد الأضحى على الأبواب وأسرتي تنتظر مني المساعدة، إضافة إلى ذلك أنا في حاجة لأشتري ملابس ولوازم الدراسة" قبل الوصول إلى الشاطئ، يلفت انتباه الزوار حضور شباب في مقتبل العمر، يعرضون في طريق كل مقبل خدمات مختلفة، تتنوع بين مظلات شمسية وكراسي وطاولات. اقتربت. أطفال صغار يتجولون بين المصطافين، على أكتافهم ألواح خشبية مليئة ب"البيني" (نوع من السفنج) ومأكولات سريعة، أنساهم الفقر والظروف الاجتماعية حقهم في اللعب والاستجمام. مهنة أخرى تنشط وتنتشر في مختلف الشواطئ تخفف من قلق وخوف الآباء على أبنائهم من الغرق، إنها "التجارة" في لوازن السباحة (سترة تعلم العوم والحماية من الغرق وعوامات الذراعين ونظارات السباحة)، لوازم لا تكلف الآباء كثيرا لكن لها دورا وقائيا هاما، وتذر على أصحابها أرباحا تتراوح بين 150 و200 درهم، بحسب ما صرح لنا به "ك. س". ارتباطا بالموضوع، قال محسن بن زاكور، أستاذ جامعي باحث في علم الاجتماع، إن "الأصل في المهن الموسمية هو إعانة الطلبة فقط لا أقل ولا أكثر، كما هو معمول به في بعض الدول"، مضيفا أن هذه المهن "تستدعي طرح مجموعة من الأسئلة الملحة: ما نوعية الشباب المزاول لهذه المهن؟ بأي صفة؟ ثم هل هذه المهن تمارس بطريقة معقلنة ومشروعة؟". ويرى بن زاكور أن أي نشاط اقتصادي موسمي لا يلعب إلا دورا محدودا، لأن مداخيل الصيف لا تتجاوز مدة شهر أو شهرين على الأكثر، كما أنها لا تغطي تكاليف الحياة اليومية، من كراء المنزل وماء وكهرباء، ولا تضمن للإنسان عيشا كريما. بالنسبة للمجتمع المغربي، يقول بن زاكور: "أنا لا أسميها مهنا موسمية، بل فوضى وابتزاز، لأنه بمجرد محاولة المواطن فتح المظلة الشمسية يتعرض لمختلف أنواع الابتزاز من أشخاص يحتلون الأماكن على الشاطئ ويدعون حصولهم على تراخيص". وتساءل أستاذ علم الاجتماع: "من أعطى لهؤلاء هذه الرخص وبأي صفة؟". أما إذا تحدثنا عن بعض الشقق أو البيوت، يقول المتحدث ذاته، "فهذا يطرح سؤال: إلى متى ستبقى مثل هذه السلوكيات مسكوتا عنها؟ أليس من وظيفة البرلماني أن ينقل مثل هذه التساؤلات إلى البرلمان حتى تصبح مشرعنة ومقننة لأن الذي يؤدي الثمن هو المواطن الذي يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع السماسرة؟". وبحسب عالم الاجتماع دائما، فإن "الخطير في هذه المهن، تضاعف ما يسمى بحراس السيارات؛ فطريقة تعاملهم تسيئ للمواطن وقد تجاوز صداها الحدود"، ليدق في الختام ناقوس الخطر منبها إلى أن "الوضع الاقتصادي يستوجب إصلاحا مستعجلا". *صحافي متدرب