على بُعد نحو عشرة كيلومترات من مدينة تزنيت، تقع جماعة اثنين أكلو، التي اكتسبت إشعاعا وطنيا، من الناحية العلمية، باحتضانها إحدى أقدم الزوايا بالمغرب (زاوية سيدي وكاك)، إضافة إلى ما حباها الله من واجهة بحرية، تُشكل الاستثناء، على الأقل في الجهة التي تنتمي إليها هذه الجماعة (جهة سوس ماسة) لمواظبة القائمين على تدبير الشأن العام على الحفاظ على تلك الصورة الإيجابية عن هذا الشاطئ، من حيث جماليته ونظافته. ولم يكن سهلا أن ينال شاطئ سيدي موسى أكلو علامة اللواء الأزرق للسنة السابعة على التوالي، في الوقت الذي فقدته، خلال موسم الاصطياف الجاري، إحدى أكبر الوجهات السياحية العالمية (شاطئ أكادير). ولم يكن الإقبال الكبير للأسر المغربية منقطع النظير على شاطئ أكلو، خلال فترات الاصطياف، وليد الصدفة، بل إن ما يُتيحه هذا الفضاء من إمكانيات الإيواء والأمن والنظافة واستجماع الأسر، بعيدا عن بعض السلوكيات المنتشرة على شواطئ أخرى بالجهة، خاصة الأخلاقية، وانتشار النفايات، وكل المظاهر المقلقة لراحة المصطافين، يدفع من يستهويهم الاستجمام في هدوء وبيئة نظيفة إلى التوجه إليه. استثمارات مهمة للخواص نبتت في شاطئ أكلو، وأخرى لمؤسسات الدولة، وإن كانت لا تزال عدة عقبات تقف حجر عثرة أمام نمائها كإشكاليات الملك الغابوي والبحري والمائي وغيرها. لكن ذلك لم يمنع عددا من أبناء المنطقة من تشييد دور للإيواء ومآوى سياحية وفنادق، تعزز بنيات الاستقبال، وتساهم في توفير ظروف مثلى للمصطافين، فضلا عن المساهمة، بطرق مباشرة أو غير مباشرة، في تنمية المنطقة. كما أن النشاط الجمعوي، التنموي والثقافي والعلمي، له الفضل في إشعاع هذه المنطقة، الذي تجاوز الحدود الوطنية، واتخذ أبعادا دولية. جمال البركاوي، الفاعل الجمعوي بجماعة أكلو، قال، في تصريح لهسبريس، إن جمعية "الإشعاع الثقافي"، التي تأسست منذ حوالي 25 سنة، والتي تهتم بقضايا الطفولة والشباب بمنطقة أكلو، "تحاول قدر الإمكان المساهمة في البحث عن أجوبة لأسئلة التنمية المحلية في علاقتها بمجال تدخلها، الخدمة الثقافية والتربوية لفائدة الطفولة والشباب، باعتبارها حركة مدنية في خدمة التنمية المحلية، وتشتغل على ثلاث شعب، هي العمل الثقافي والتربوي، والأنشطة الرياضية، والعمل الاجتماعي الخيري، وكلها أنشطة تُساهم في تحقيق إشعاع لمنطقة أكلو، وتخدم الجانب السياحي لهذه الجماعة". وأضاف أن جماعة أكلو "تُعدّ بوابة إقليمتزنيت على المحيط الأطلسي، بشاطئ ممتد على مساحة واسعة جدا، يُتيح إمكانيات هائلة لتحقيق إقلاع تنموي يعود بالنفع على الساكنة المحلية. ووفق منظورنا المتواضع، فإن محدّدات التنمية المجالية بالجماعة، محددة في ثلاثة مرتكزات: أولها، أن بالمنطقة منطقة لتفريغ المنتوج السمكي، وهي مرتبطة بالأحوال الجوية، مما يجعل الساكنة المشتغلة في مجال البحر، تكون مرتبطة بتغيرات البحر، ومن شأن إحداث مرفأ للصيد التقليدي أن يجعل الجماعة منطقة لصناعة فرص الشغل، تتسم بالاستدامة وليس الموسمية. والمرتكز الثاني هو الورش السياحي، باعتبار الجماعة منفذا للإقليم نحو المحيط الأطلسي، وهذا يقتضي تبسيط المساطر أمام المستثمرين، ومحاولة جلب الرأسمال المحلي والدولي، من أجل خلق فرص استثمار محلية، ولتحقيق مزيد من الإشعاع للمنطقة، باعتبارها واجهة بحرية متميزة على المستوى الوطني، تجلب أعدادا كبيرة من الزوار والمصطافين، ينبغي مواكبته بمزيد من الفضاءات والمرافق، الكفيلة بجعل الشاطئ يُحافظ على صورته، باعتباره شاطئا نظيفا. ويتعلق المحدّد الثالث بقضايا الطفولة والشباب، على اعتبار أن نسبة هذه الفئة مرتفعة بين صفوف الساكنة المحلية، والمنطقة، اليوم، في حاجة إلى توفير مجموعة من الفضاءات والمرافق التي تليق بالاشتغال مع هذه الفئة، في الجوانب الثقافية وملاعب القرب والمخيمات الصيفية، التي ستشكل فضاءات للمواكبة والتتبع والاستثمار في العنصر البشري، باعتباره رافعة للتنمية المحلية. كما يمكن التفكير في إبداع آلية لإشراك أبناء المنطقة من الجالية، وانخراطهم في أوراش التنمية المحلية، وتجاوز تلك الصورة النمطية المتجاوزة عنهم". وفي تصريح لهسبريس، أوضح عبد المالك الديوان، نائب رئيس المجلس الجماعي لأكلو، أن "شاطئ أكلو يحصل للمرة السابعة التوالي على اللواء الأزرق، وهو تحدّ بالنظر إلى المعايير المختلفة الواجب توفرها من أجل نيل هذا اللواء". وأضاف أن "التحدّي الأكبر يكمن في المحافظة على هذا اللواء، وهو ما دفع الجماعة إلى مضاعفة جهودها، مع شركائها والمحتضن، من أجل توفير كافة الشروط والمرافق اللازمة ليكون الشاطئ مستوجبا لمتطلبات المصطافين". وقد توجت مؤسسة محمد الخامس لحماية البيئة شاطئ أكلو باللواء الأزرق للمرة السابعة على التوالي، من بين 21 شاطئا على الصعيد الوطني، اعتمادا على عدة معايير، أهمها جودة المياه ونظافتها وسلامة المصطافين، إضافة إلى عدد من الشروط التي يتم تتبعها بشكل مستمر، على مدار السنة، من طرف مصالح المؤسسة المذكورة، فضلا عن مواكبتها ومساهمتها المستمرة في عمليات تأهيل الشاطئ، وهي كلها مجهودات متواصلة أهّلت شاطئ أكلو ليكون الوحيد الذي حصل هذه السنة على هذا التتويج على مستوى جهة سوس ماسة. وساهم مختلف شركاء جماعة اثنين أكلو، من سلطات إقليمية ومحلية ومصالح الدرك الملكي والوقاية المدنية والقوات المساعدة ومستثمرين خواص، في الارتقاء بهذه الوجهة السياحية إلى مصاف المناطق الأكثر جلبا لساكنة الإقليم والجهة. كما ذاع صيتها على الصعيدين الوطني والدولي، ذلك أن أهم خصوصية ينفرد بها هذا الشاطئ تكمن في غياب المشاكل البيئية، التي يمكن أن تعرقل حصوله على اللواء الأزرق، وتجعل المصطافين ينفرون منه. وفي هذا السياق، قال المسؤول الجماعي المنتخَب، إن "الانعدام الكلي لربط قنوات الصرف الصحي بالبحر يجعل مياه شاطئ أكلو نظيفة بامتياز. وإن كانت هناك مشاكل تتعلق بالنفايات المنزلية، فإن الجماعة، بتنسيق مع جمعيات المركز والدواوير المجاورة، يتم دعمها من أجل تنظيم حملات للنظافة على امتداد الأودية، التي غالبا ما تكون نقطا سوداء ومطارح عشوائية، من أجل تفادي انتقال تلك النفايات إلى البحر، وبالتالي تلويثه". وأضاف أن فترة الصيف تشهد تهافتا على فضاءات الإيواء والاستقبال والدور المعدة للكراء والفنادق والإقامات، وأن هناك عرضا كافيا في هذا الجانب، مؤكدا أن أثمنة الإقامة تخضع لمنطق العرض والطلب، على غرار باقي المناطق السياحية. في المقابل، فإن المصطافين يُعبرون عن اقتناعهم بالمتوفر حاليا، وبالأثمنة المناسبة والمشجعة بمختلف المرافق المتوفرة. وإذا كانت الشواطئ المجاورة تمتص عددا كبيرا من المصطافين، فإن شاطئ أكلو يبقى الوجهة التي تشهد إقبالا كبيرا. إنه واجهة بحرية توفّر إمكانية قضاء أوقات ممتعة في الاستجمام، واستطاع أن ينتزع علامة اللواء الأزرق للمرة السابعة على التوالي، وهي العلامة التي لم يستطع شاطئ أكادير الحفاظ عليها هذه السنة. وبالإضافة إلى قربه من مدينة تزنيت، وكرم أهلها، وحفاوة الاستقبال الذي يحظى به زائرو هذه الوجهة، يبقى شاطئ أكلو مفضلا لدى الأسر السوسية، وحتى خارج سوس، والتي لا يكتمل برنامج عطلها دون البصم على قضاء وقت ممتع في هذا الشاطئ.