ككل سنة، تجدد النقاش في المغرب حول طقوس تجديد بيعة الملك محمد السادس خلال احتفالات الذكرى ال19 لعيد العرش، والتي أقيمت أمس الثلاثاء بالمشور السعيد في مدينة تطوان، بحضور العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية والأجنبية، يتقدمها مستشارو العاهل المغربي ورئيس الحكومة ورئيسا غرفتي البرلمان ووزير الداخلية ووفود من الدول الأجنبية. وأثار حفل الولاء، الذي دام قرابة عشر دقائق، نقاشاً متبايناً على منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب؛ حيث دعا نشطاء إسلاميون ويساريون إلى ضرورة حذف بعض مراسيم الطقوس التي يعتبرونها تنطوي على "إهانة" للمشاركين فيها، بينما أكد رأي آخر أن "الحفل يعكس أصالة الشعب المغربي وتشبّثه بأهداب العرش العلوي". وتُوجت احتفالات الذكرى التاسعة عشرة لتربع الملكِ محمد السادس على عرش أسلافه بحفل الولاء، وكان مُناسبة لمُمثلي الجهات الاثنتي عشرةَ للمملكة للتأكيدِ من جديد على أن "الصلة التي تجمع العرش بالشعب تظل متجذِرة في عُمق تاريخ البلاد، وشكلت على الدوام الأساس المتينَ للأمة المغربيةِ والتعبير الأسمى عن مدى تلاحُمِها واستمرارها". وفي وقت شارك برلمانيون ورؤساء جماعات وبلديات ومسؤولون محليون في حفل تجديد البيعة، خلق النائب البرلماني اليساري عن فيدرالية اليسار الديمقراطي عمر بلافريج الحدث هذه السنة، بغيابه عن حفل الولاء الذي نظم بتطوان، مبررا غيابه بأنه لم يتوصل بدعوة من القصر الملكي؛ وهو الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي السياق ذاته عبر عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، التابع لحزب العدالة والتنمية الذي يقود حكومة المغرب، عصام الرجواني، عن امتعاضه من طقوس البيعة وحفل الولاء الذي يُقام كل سنة في احتفالات عيد العرش. وقال الرجواني، في "تدوينة" على حسابه بموقع "فايسبوك": "طقوس قبيحة وشنيعة في مغرب القرن 21.. الركوع لغير الله منكر في الدين وسلوك حاط بالكرامة وقيمة المواطنة..ذلة ما بعدها ذلة". بدورها عبرت جماعة العدل والإحسان الإسلامية، على لسان عدد من نشطائها، عن رفضها طقوس بيعة ملك المغرب. وقال منير الجوري، القيادي في التنظيم ذاته: "في الحقيقة أحس بأن أشياء كثيرة تنقصنا...أولها الكرامة الآدمية"، مرفقا تعليقه هذا بصورة لحفل الولاء. في مقابل ذلك، أكد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن المغاربة أكرمهم الله بالحفاظ طوال قرون على رسم البيعة، أي بيعة أمير المؤمنين. وعن دلالات حفل الولاء، أوضح المسؤول الحكومي أن "البيعة تجمع بين الدين والدنيا..وبين التعاقد على شروط المشروعية التي هي متأصلة بجذورها في الإسلام، وذلك بأن أمير المؤمنين يحفظ لهذه الأمة أمنها ونفوسها ونظامها العام والعدالة الاقتصادية وكرامة الناس". وتابع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: "هذا ما يسمى في الشرع بالكليات الدينية، وعليها تدور البيعة، وهي عقد مكتوب محفوظ"، وأكد أن المغرب يفتخر بطقوس البيعة "لأنه البلد الوحيد الذي كتب هذا العقد الذي يستمر به العهد النبوي".