رغم نصب عدد من اللوحات التحذيرية، مع مطلع كل صيف، تحذر من خطورة السباحة في مياه الأنهار والأودية القريبة من فاس، كما هو الحال بالنسبة لوادي سبو ووادي إيناون، إلا أن الكثير من أطفال وشبان المدينة، خاصة من الأسر الفقيرة، لا يكترثون لهذه التحذيرات، ويختارون تحدي المنع والمغامرة بحياتهم بالاستجمام في مثل هذه الأماكن المحفوفة بالمخاطر. السباحة في الممنوع "إلى أين سنذهب؟ ليس لنا الإمكانيات للدخول إلى المسابح يوميا بمدينة فاس"، هكذا رد أحد الأطفال، في 12 سنة من عمره، اختار وادي سبو للاستجمام صيفا، حين سألته هسبريس عن سبب اختياره السباحة في الوادي، موضحا أنه يتردد، رفقة أحد أصدقائه، راجلين من حي عين النقبي بفاس، على هذه النقطة للاستمتاع بالسباحة والهروب من قيظ مدينة فاس. وبينما ارتمى متحدث هسبريس في مياه وادي سبو منتشيا بالسباحة في مياهه، انتقلت هسبريس إلى سافلة سد إدريس الأول حيث تنساب مياه وادي إيناون، الذي تغري مياهه الصافية الزرقاء، المنبعثة من السد المذكور، بالسباحة، حيث وجدت عددا من الخيام المنصوبة على ضفة النهر، والكثير من المصطافين يستمتعون بالسباحة والاستجمام بعين المكان. "منذ أن كان عمري 12 سنة وأنا أتجه إلى وادي سبو أو وادي إيناون، لقد تعلمت السباحة في الأنهار"، يقول أحد الشباب، الذي جاء إلى نهر إيناون رفقة عدد من أصدقائه من حي صهريج كناوة بفاس، مشيرا لهسبريس إلى أنه واع بمخاطر السباحة في الأودية، ويتقاسم تجربته مع أصدقائه ليجنبهم الخطر. "المسابح بمدينة فاس قليلة، وثمنها جد مرتفع، لا يمكن لنا الولوج إليها نحن أبناء الفقراء، نضطر للمغامرة بحياتنا من أجل الترويح على أنفسنا خلال فصل الصيف في الأنهار والأودية القريبة"، يضيف شاب آخر من مجموعة صهريج كناوة، مؤكدا أنه لو توفرت له ولأصدقائه الإمكانيات لسافر إلى إحدى المدن الشاطئية للاستمتاع بالسباحة في البحر. تحسيس بالمخاطر "مع مطلع كل فصل صيف، نطلق حملة تحسيسية للتوعية بمخاطر السباحة في الأنهار والأودية والسدود والضايات المائية"، تقول سميرة الحوات، مديرة الحوض المائي لسبو، مشيرة لهسبريس إلى أنه يصعب مراقبة الأنهار والأودية ومنع السباحة فيها نظرا لامتدادها على مسافات طويلة. المسؤولة ذاتها، التي أوردت أنه تم تسجيل حوالي 30 حالة غرق في حقينات السدود والأودية بحوض سبو الصيف الماضي، أوضحت أن وكالة الحوض المائي لسبو، منذ مطلع فصل الصيف الجاري، قامت بتنظيم أزيد من 20 حملة تحسيسية، خاصة بالأسواق الأسبوعية، تم خلالها توعية فئة عريضة من الناس بضرورة تجنب السباحة في هذه الأماكن الخطرة غير الآمنة، "خاصة أن منسوب الأنهار والأودية يمكن أن يرتفع بشكل مفاجئ إثر إطلاق مياه السدود"، تقول الحوات. مديرة الحوض المائي لسبو، التي أشارت إلى أنه تم تسجيل خمس حالات غرق خلال الصيف الحالي، أبرزت أن مراقبي المحطات الهيدرولوجية المنتشرة على طول الأودية، من جانبهم، يساهمون، بتواجدهم المستمر بعين المكان، في عملية التحسيس بمخاطر السباحة في مياه الأنهار والأودية؛ وذلك بتحذيرهم للوافدين على الأمكنة القريبة من هذه المحطات بهذه المخاطر. من جانبه، أورد محمد امجاهد، رئيس مكتب التخطيط وتدبير المجال والبيئة بجماعة عير قنصرة المطلة على نهر سبو، أن المجلس القروي لهذه الجماعة قام، بداية هذا الصيف، بالتنسيق مع مكونات المجتمع المدني المحلي، بعملية التحسيس بمخاطر السباحة بوادي سبو، مبرزا أن هذه الحملة تأتي في صلب اهتمام المجلس الجماعي وبناء على مراسلة في الموضوع من عامل إقليم مولاي يعقوب. "في هذه الفترة، يكثر توافد الناس على وادي سبو لأجل السباحة، خصوصا أطفال وشباب أحياء مدينة فاس القريبة، مثل أحياء الجنانات وصهريج اكناوة، يشجعهم على ذلك إمكانية الوصول إلى الوادي راجلين"، يقول امجاهد في تصريح لهسبريس، مشيرا إلى قيام جماعة عين قنصرة بتثبيت لوحات تشير إلى منع السباحة بوادي سبو، كما هو الحال قرب القنطرة المتواجدة على الطريق الوطنية رقم 8، وبمدخل دوار "خولانا" الذي يختار الناس مكانا مجاورا له للاستجمام.