طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور والمادة السادسة من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، اختتمت دورة أبريل للسنة التشريعية 2017-2018 بحصيلة اعتبرها حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، "غنية على مستوى واجهات العمل البرلماني، لا سيما الأدوار الأساسية التي أناط بها الدستور مجلس المستشارين". وأورد بنشماش أن الدورة المنتهية تميزت على المستوى التشريعي بموافقة المجلس على 32 نصا، موزعا ما بين 28 مشروع قانون و4 مقترحات قوانين، مسّت مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعاون مع عدد من الدول والهيئات الدولية والإقليمية. وقال بنشماش: "ما ميّز هذه الحصيلة أنها بقيت وفيّة للمنحى التصاعدي للاتفاقيات الدولية في الرصيد التشريعي خلال السنوات التشريعية اللاحقة لدستور 2011، بعدما وسّع فصله ال 55 من دائرة الاتفاقيات الواجب مصادقة البرلمان عليها، مما جعل أن 14 مشروع قانون موافق عليه خلال هذه الدورة يرتبط بالوفاء بالالتزامات الدولية للمملكة وببروتوكولات للتعاون مع دول صديقة". وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والمهنية بصمت على حضور لافت في الحصيلة، يقول بنشماش، انطلاقا من نصوص تروم تصحيح أو تطوير وضعيات فئات مجتمعية معيّنة، كمشروعي القانونين المتعلقين بنظام الضمان الاجتماعي، ومشاريع قوانين بإحداث مؤسسات للأعمال الاجتماعية لفائدة موظفات وموظفي بعض الوزارات والمؤسسات العمومية. "كما أن المقاولة الوطنية كانت حاضرة بقوة في جدول أعمال المجلس خلال هذه الدورة، انطلاقا من المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالتكوين المستمر لأجراء القطاع الخاص، والإحداث الإلكتروني للمقاولات ومواكبتها، وما تطلبه ذلك من مراجعة للمقتضيات ذات الصلة في الكتاب الرابع من مدونة التجارة، علما بأن المجلس سبق أن أقّر تغييرات جوهرية في الكتاب الخامس من القانون نفسه خلال الدورة الاستثنائية لمارس 2018"، يؤكد كبير المستشارين. وشدد رئيس الغرفة الثانية على أن تفعيل مضامين النصوص المذكورة وغيرها يستلزم، بصورة أو بأخرى، تدخل عدة أجهزة للمراقبة، وبالتالي فإن مصادقة المجلس في الجلسة التشريعية التي سبقت الجلسة الختامية على مشروع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي-بعد إدخاله لكمّ هائل من التعديلات الجوهرية عليه في جو طبعه التعاون بين الحكومة والمجلس-يعد بمثابة خطوة أساسية لتمكين السلطة والإدارة القضائيتين من آليات قانونية قويّة للقيام بالأدوار الملقاة على عاتقهما، تماشيا مع المقتضيات الدستورية المستجدة والقوانين المكملة له. ولعل ما ميّز هذه الدورة كذلك، يقول بنشماش، هو مصادقة المجلس على أربعة مقترحات قوانين تتعلق بالغرف المهنية، تروم ملاءمة أحكامها مع القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية الصادرة خلال سنة 2015، إلا "أن ذلك لم يمنع من تسجيل هذه العلامة البارزة في حصيلة المجلس، باعتبار محدودية المبادرات التشريعية البرلمانية التي يكتب لها النجاح في تخطي العقبات الموضوعة أمامها، رغم ما فتئنا نقوم به كمكتب من تنسيق مع الحكومة واللجان الدائمة المختصة والفرق والمجموعات صاحبة هذه الاقتراحات، من مبادرات قصد برمجتها وتحديد الموقف منها والبت فيها، في سبيل التفعيل الأمثل لمقتضى الفصل 82 من الدستور". وكشف الرئيس أن القوانين المذكورة خضعت لتمحيص معمق من لدن الأجهزة المختصة، وبصفة خاصة في اللجان الدائمة، قصد تجويد مضامينها وجعلها أكثر فعالية في التطبيق، وقد تجلى ذلك في العدد الوفير من التعديلات المقترحة حولها التي بلغت 260 تعديلا على مشاريع القوانين التسعة التي عدّلها المجلس خلال الدورة. كما تجلى أيضا، يقول رئيس المجلس، "في مختلف الأيام الدراسية التي نظمت من لدن الفرق والمجموعات بالمجلس حول النصوص والقضايا المطروحة على جدول أعماله، فضلا عن الإعداد للمناقشة نتيجة الإخبار المتبادل بين مجلسي البرلمان بالتوصل بمشاريع ومقترحات القوانين الجديدة المتوصل بها، أو انطلاقا من التقارير والدراسات الصادرة عن المؤسسات والهيئات الوطنية ذات الصلة، مما أثّر على نتيجة التصويت النهائية على النصوص بالإجماع، التي بلغت نسبة قيّاسية، بالموافقة على 30 نصا بالإجماع من أصل 32، أي بنسبة تقارب 94 في المائة". وأورد بنشماش أن المجلس وافق خلال الفترة الممتدة من منتصف أكتوبر 2015 إلى 24 يوليوز 2018 على 219 نصا قانونيا، موزعا على 209 مشاريع قوانين، و10 مقترحات قوانين، منها مشروعا قانونين درسهما المجلس في قراءتين اثنتين. وقد تباينت الحصيلة المسجلة بحسب السنوات، بين السنة الأولى 2015-2016 التي سجلت أكبر حصيلة خلال هذه الفترة ب 111 نصا موافقا عليه، لتزامنها مع آخر سنة من ولاية الحكومة السابقة ولحجم القوانين الرامية إلى تنزيل أحكام الدستور الجديد، و47 مشروع قانون خلال السنة التشريعية 2016-2017، التي تأثرت بتأخر مسلسل الإعلان عن الحكومة الجديدة في أعقاب الاستحقاقات الانتخابية لأكتوبر 2016، وانتهاء ب 61 نصا تشريعيا في السنة التشريعية الحالية. كما أن معالجة الحصيلة من زاوية طبيعة النصوص الموافق عليها خلال الفترة نفسها، يقول رئيس الغرفة الثانية، يبيّن أن مشاريع قوانين القاضية بالموافقة على اتفاقيات دولية تحظى بالصدارة؛ بحيث بلغت 103 مشاريع قوانين، تلتها مشاريع القوانين العادية التي بلغ عددها 93 مشروعا، ثم مشاريع القوانين التنظيمية ب 10، سواء المؤسسة منها أو المعدّلة لقوانين قائمة، ثم مقترحات القوانين التي لم تتجاوز 10 مقترحات، ومشروعي قانونين اثنين يقضيان بالموافقة على مراسيم قوانين تم إقرارها بالاتفاق مع اللجان الدائمة المختصة خلال الفترات الفاصلة بين الدورات، ومشروع قانون إطار واحد يتعلق بالإعاقة. وبخصوص تفكيك التوجهات الكبرى للنصوص الموافق عليها، يتبين أن مجال الشؤون الخارجية يأتي في مقدمة القضايا الموافق عليها ب 104 مشاريع قوانين (حوالي 47 في المائة)، متجاوزا المجال الاقتصادي والمالي والبيئي ب 38 نصا (حوالي 17 في المائة)، والمجال الإداري والحقوقي ب 32 نصا (حوالي 15 في المائة)، ويلي ذلك المجال الاجتماعي ب 27 نصا (حوالي 12 في المائة)، ثم مجال الشؤون الداخلية والبنيات الأساسية ب 18 نصا (حوالي 8 في المائة). وعن مشاريع القوانين المودعة بالأسبقية لدى مجلس المستشارين، كشف الرئيس أنها لم تتجاوز 12 مشروعا خلال السنة التشريعية الحالية، مقابل 10 خلال السنة التشريعية الأولى (2015-2016)، و3 فقط خلال السنة التشريعية الثانية من عمر نصف هذه الولاية، بما مجموعه 25 مشروع قانون من أصل 219 الموافق عليها خلال هذه الفترة، بنسبة لم تتجاوز 12 في المائة، موردا أن مشاريع القوانين المحالة بالأولوية على مجلس النواب تأخذ الحصة الكبرى في المبادرة التشريعية للحكومة المودعة لدى البرلمان، والتي بلغت 184 مشروع قانون، بمعدل 44 مشروع قانون خلال كل سنة من السنتين التشريعيتين الأخيرتين، بنسبة 84 في المائة. وخلص حكيم بنشماش إلى كون المبادرة التشريعية لأعضاء البرلمان ما تزال تتسم بالضعف من الناحية الكمية، بحيث لم تتجاوز مساهمة النواب والمستشارين 10 مقترحات قوانين، بنسبة 4 في المائة. وبالنسبة لمقاربة الحصيلة من زاوية الإسهام البرلماني عبر آلية التعديل، فإن ما يميزها، بحسب بنشماش، هو الحيّز الوافر لمشاريع القوانين غير القابلة للتعديل بحكم القانون، التي قاربت نصف عدد النصوص الموافق عليها خلال نصف ولاية المجلس ب107 مشاريع قوانين (بنسبة 49 في المائة)، "مما يجعل مختلف مكونات المجلس تسعى إلى المساهمة في تجويد التشريع عبر مقترحات التعديلات لباقي النصوص، والتي أفضت إلى التعديل الجوهري ل 43 مشروع قانون (17 منها في السنة التشريعية الجارية) ومقترحي قانونين، علما بأن باقي النصوص غير المعدلة بلغ 67 نصا"، يقول المتحدث. وأكد بنمشاش أن السمة البارزة في الحصيلة هي الصبغة التوافقية التي يتميز بها منحى التصويت على مستوى الجلسات العامة، بحيث إنه من أصل 219 تصويتا خلال نصف الولاية وافق المجلس بالإجماع 186 مرة، بما نسبته 85 في المائة، علما بأن مقترحات القوانين تمت الموافقة عليها جميعها بالإجماع، مقابل 33 مشروع قانون صودق عليه بالأغلبية. وعلى مستوى مراقبة العمل الحكومي، أكد رئيس المجلس أن الأسئلة الشفهية تظل مناسبة أسبوعية للتفاعل بين أعضاء المجلس والحكومة حول القضايا الراهنة، حيث عقد المجلس خلال دورة أبريل 2018 إحدى عشر جلسة للأسئلة الشفهية، تميزت القضايا الآنية المعالجة خلالها بالتنوع على مستوى مجالاتها، وكذا بالتجاوب مع الحاجيات والقضايا المجتمعية الملحة وفي مقدمتها: إضرابات الأطباء والممرضين، توفير الماء الصالح للشرب بالمناطق الجافة، تجدد ظاهرة العنف بالجامعات المغربية، الموسم الفلاحي، معايير إحداث الجامعات بالجهات، عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن مختلف محاكم المملكة، عملية مرحبا 2018. كما عقد المجلس ثلاث جلسات شهرية خاصة بتقديم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، حيث بلغ عدد الأسئلة الشفهية المتوصل بها خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين ودورة أبريل 2018 ما مجموعه 743 سؤالا، أجابت الحكومة على 206 منها خلال 11 جلسة عامة، من ضمنها 23 سؤالا آنيا و183 سؤالا عاديا. بينما بلغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال الفترة نفسها ما مجموعه 393 سؤالا، أجابت الحكومة على 199 سؤالا منها، أي بمعدل 49 في المائة. أما بالنسبة للحصيلة الشاملة لفترة نصف ولاية المجلس، فقد تقدم أعضاء المجلس ب 3564 سؤالا شفهيا، أجابت الحكومة على 1225 منها خلال جلسات الأسئلة الشفهية، وب 1266 سؤالا كتابيا تمت الإجابة على 722 منها. وبالإضافة إلى ذلك، تميزت الدورة بتقديم ومناقشة تقريري اللجنتين النيابيتين اللتين شكلهما المجلس حول المكتب الوطني المغربي للسياحة وترخيص الحكومة باستيراد النفايات، فضلا عن هيكلة لجنة مؤقتة أخرى للتقصي حول "مآل الاتفاقية الاجتماعية الموقعة بتاريخ 17 فبراير 1998 والبرنامج الاقتصادي المصاحب لها، المرتبطين بإغلاق شركة مفاحم المغرب بجرادة وتصفية ممتلكاتها وعلاقة ذلك بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة". وبخصوص الدور الرقابي للجان الدائمة، فقد قامت لجنة التعليم بتنظيم مهمة استطلاعية حول واقع الصحة بجهة درعة-تافيلالت، ومن المنتظر أن تتعزز هذه الممارسة في المستقبل القريب بالمزيد من المهام، بعدما حظي عدد منها في وقت سابق بموافقة الحكومة، علما بأن مكتب المجلس يشجع على تفعيل جميع الآليات التي يتيحها النظام الداخلي لأعضائه وأجهزته. وتطبيقا لأحكام القانون التنظيمي لقانون المالية، فقد عقدت لجنة المالية اجتماعا مشتركا مع نظيرتها بمجلس النواب للاستماع لعرض وزير الاقتصاد والمالية حول تنفيذ قانون المالية لسنة 2018 والإطار العام لإعداد قانون مالية السنة المقبلة، وهو العرض الذي حظي بنقاش مستفيض صباح يوم أمس الاثنين. وسعيا نحو تفعيل الصلاحيات الجديدة للمجلس، فقد واصلت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية حول المرفق العمومي أشغالها عبر طرح استراتيجيات القطاعات الحكومية المعنية في ضوء المستجدات الأخيرة، المتسمة بتحيين جزء كبير منها، في انتظار استكمال صورة الإصلاحات المرتقبة بخصوص جميع المحاور موضوع التقييم. وأعلن بنشماش أن ممارسة الأدوار التشريعية والرقابية للمجلس اقتضت عقد 26 جلسة عامة خلال هذه الدورة، 11 منها خصصت للأسئلة الشفهية الأسبوعية، وثمانية جلسات للتشريع، وثلاث جلسات شهرية، فضلا عن جلستين لتقديم ومناقشة تقارير لجان التقصي، وجلستي الافتتاح والاختتام، بمساحة زمنية قدرها 42 ساعة ونصف. وبعد إضافة 35 جلسة عامة عقدها خلال دورة أكتوبر المنصرمة وثلاث جلسات خلال الدورة الاستثنائية، فإن مجموع الجلسات العامة التي عقدها المجلس خلال السنة التشريعية الحالية هو 64 جلسة عامة. كما استعرض بنشماش في كلمته مختلف اللقاءات الثنائية التي أثمرت التوقيع على مذكرات تفاهم مع مجالس البرلمانات في البلدان الصديقة، إضافة إلى الزيارات واللقاءات التي قام بها المجلس على المستوى الثنائي، والمنتديات والمؤتمرات التي شارك فيها أو احتضنها المجلس على مستوى العلاقات متعددة الأطراف.