بعد إعلان حزب الاستقلال استعداده التام للاعتذار للريفيين في حالة ما ثبت تورط قياداته في أحداث 1958، يواصل التنظيم السياسي جمع معطياته بخصوص الوقائع؛ فبعد تعيينه شيبة ماء العينين، رئيس المجلس الوطني، على رأس اللجنة المكلفة بالمصالحة الحزبية مع الريف، باشر نزار البركة، الأمين العام لحزب "الميزان"، زيارته للمجلس الوطني لحقوق الإنسان للتداول بخصوص ضلوع قيادات حزبية تاريخية فيما وقع من أحداث في السنوات الماضية. خطوة حزب الاستقلال، التي فرضتها تداعيات الأحكام الصادرة في حق نشطاء "حراك الريف"، دعت الحكومة بدورها إلى ضرورة تحمل كامل مسؤوليتها والتسريع باستكمال ورش جبر الضرر الجماعي في شقيه التنموي والرمزي في أفق تثبيت المصالحة بشكل نهائي، من خلال إحداث القطيعة مع مسببات الاحتقان الاجتماعي بالمنطقة وتسريع أوراش التنمية بما يضمن الكرامة والشغل للشباب والعيش الكريم للساكنة. وكانت مسؤولية بعض الأحزاب في أحداث 1958 بالريف قد شكلت على الدوام مطلبا ملحا للجمعيات الحقوقية التي رأت في مرحلة ما بعد الاستقلال نقطة سوداء أضرت بعلاقة الريف بالمركز، بسبب كمية القمع الذي تعرض له الريفيون إبان انتفاضة 1958، حيث تفيد كثير من الروايات التاريخية بأن المنطقة كانت ضحية تعسف كبير من لدن الحكومة التي كان جزء كبير من حزب الاستقلال داخلها. وفي هذا الصدد، أوضح شيبة ماء العينين، رئيس اللجنة المكلفة بالمصالحة الحزبية بمنطقة الريف، أن "زيارة المجلس الوطني لحقوق الإنسان لا يمكنها أن تكون إلا طبيعية في أعقاب ما بادر إليه حزب الاستقلال بشأن استعداده لإجراء مكاشفة حول علاقة الحزب بما وقع من أحداث أليمة في 58 و59 بمنطقة الريف، واستعداده لممارسة النقد الذاتي". وأضاف ماء العينين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الحزب مستعد لتقديم الاعتذار إذا ثبتت مسؤولية الحزب في هذه الأحداث، في أفق مصالحة مستدامة للحزب مع ساكنة هذه المنطقة وطي نهائي لهذا الماضي، ولكي نتجاوز الاحتقان الحالي الذي يتغذى في جانب منه من جراح الأمس، وحتى لا يعوق ذلك انخراطنا جميعا في نداء المستقبل بقيادة الملك". وأردف المتحدث أن "جلسة العمل مع الرئيس والأمين العام وباقي أطر المجلس الحاضرين جاءت للتأكيد على أهمية العمل الذي قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة في هذا الصدد، ولا سيما على مستوى جبر الضرر الفردي والجماعي وتحريات كشف الحقيقة، وهي تشكل خبرة مغربية وازنة ورصيدا وثائقيا مهما سنعتمد عليهما كثيرا في أشغال اللجنة التي شكلها الحزب لهذا الغرض". تجدر الإشارة إلى أن أهداف خطوة اللجنة المكلفة بجمع المعطيات، حسب بلاغ سابق للقيادة الاستقلالية، تكمن في تسليط الضوء على علاقة بعض رموزه التاريخيين بما جرى وإزاحة الكثير من الغموض والمغالطات المحيطة بهذا الموضوع ومحاولة استجلاء الحقيقة من أجل طي الصفحة وفي أفق مصالحة تتوجه نحو المستقبل.