هذه القضية فيها جانبان: الجانب الأول: إعلامي "ميدياتيك" واستقصائي يتداخل فيه عمل الصحافي مع عمل البرلماني والسياسي والحزبي والباحث الاجتماعي والفاعل الجمعوي... الخ. وهو جانب مفيد فقط من الناحية السيكولوجية للتخفيف من معاناة هؤلاء العاملات "المسكينات"، باعتبار أن هذا العمل يدخل في خانة "العلاقات العامة" والتواصل للتعريف والتحسيس بهذه القضية لا أقل ولا أكثر. ولكن ماذا بعد؟ لا شيء ملموس من حيث إنصاف هؤلاء العاملات. الجانب الثاني: قانوني حقوقي وقضائي وحكومي لإنصاف هؤلاء العاملات لا مناص من رفع سيل من الدعاوى الجنائية والمدنية والإدارية أمام القضاء المختص، سواء في مدريد أو الرباط. كما يجب استغلال المعايير الدولية للشغل ولحقوق الإنسان، ويجب أن ترفع الشكاوى إلى المنظمة الدولية للشغل، والمنظمة الدولية للهجرة، ورفع التظلمات إلى هيئات حقوق الإنسان الأوروبية بستراسبورغ وبروكسيل وجنيف. كما يجب عقد لجان حكومية ثنائية بين الرباطومدريد تشارك فيها الوزارات المختصة (الداخلية، الخارجية، العدل والشغل). ولتحقيق هذه الأهداف يتطلب الأمر تجنيد جيش من الخبراء والقانونيين والأساتذة الجامعيين والقضاة والمحامين الاختصاصيين، فأين هو هذا الجيش؟ وعلى فكرة، هذه المنهجية هي التي تتبعها الدول المتقدمة لما تكون مقبلة على مفاوضات دولية ثنائية أو متعددة الأطراف وأمام الهيئات الدولية. هذا الجانب الثاني أو التصور الثاني، أي الجانب القانوني والحقوقي والقضائي والحكومي، هو الكفيل بإحقاق الحق، وإنصاف هؤلاء المسكينات اللواتي "تلاّ بهن الزمن". أما الجانب الأول فهو شكلي ثانوي يساعد على الحل ولا يعطي حلا، أو هو كمشروب "شويبس" يخفف عن النفس فقط مؤقتا، لكن لا يحل مشاكل نظام التغذية. قضية عاملات الفراولة قضية معقدة لن تحل ب"الطليب ولا بالرغيب" ولا بالفاتحة، ولكن بالنصوص والتقارير والمساطر والدعاوى حتى تتحقق النتائج الملموسة والقابلة للتنفيذ على أرض الواقع. والله أعلم. قد أكون مخطئا بعد أربعة عقود من الممارسة. من يدري؟