وِفق طرح دراماتورجي مقتبس عن روايتي محمد برادة "امرأة النسيان" و"لعبة النسيان"، أخضع المخرج المسرحي مسعود بوحسين مسرحية "النسيان" في صياغتها الإخراجية لمسار روائي لا ينسلخ عن محور "الكتاب والرواية". أحداث متشابكة ومصائر شخصيات متباينة في قالب فني يجمع بين المتعة والإفادة، والمسرحية التي ألفها السيناريست والكاتب المسرحي عبد الإله بنهدار، ضمن مشروع تحويل الرواية المغربية إلى مسرح، وأخرجها بوحسين، تسافر بالمتلقي من الكتاب إلى الكاتب والشخوص والأحداث وحدود التماس بين الواقع والخيال، عبر مشاهد سلسة وممتعة. هذه اللعبة بدأها الروائي المغربي محمد برادة في ثنائيته "لعبة النسيان" و"امرأة النسيان"، واشتبك بها الكاتب والسيناريست عبد الإله بنهدار لينقل شخصية ثانوية رمز لها برادة ب "فاء باء" إلى شخصية معدة للحركية من خلال النص المسرحي. في رواية "لعبة النسيان" للروائي الدكتور محمد برادة، ترد شخصية "فاء باء" شخصية عابرة، لكنها في روايته الثانية "امرأة النسيان" تصبح بطلة رئيسة؛ إذ عبرها تمرر عدة رسائل فكرية وثقافية وسياسية عن جيل الستينات والسبعينات. ومن خلال الروايتين اختار الكاتب لمسرحيته هاته اسم "نسيان"، وهي شخصية منفتحة ومتحررة إلى أبعد الحدود، تابعت دراستها في باريس، ثم انتهى بها مسارها أن تصبح حبيسة نفسها في معزبة (كارصورنيير) بساحة فيردان بالدار البيضاء، وقد تغيرت نظرتها إلى الحياة تغييرا جذريا عما كانت عليه في مرحلة الشباب، وبعد قراءتها لعبة النسيان طلبت من صديقتها "أضواء" أن تبحث لها عن كاتب الرواية لتصارحه بأن كل ما جاء في روايته يعنيها هي بالذات والصفة. عن شخصية "فاء باء"، قال عبد الإله بنهدار: "ما أثارني في هذه الشخصية أنها تشرح مأساة جيل الستينات والسبعينات. هذا الجيل الذي عاش على أحلام وردية وشعارات فكر يساري غربي معتقدا أنها الأمل في تحديث المجتمع وتغيير عقليته وأفكاره ونظرته إلى الأشياء من حوله في مرحلة شبابه، لكن، وللأسف، سيجد نفسه مخدوعا ملعوبا عليه بعد تقدم العمر، وبصفة أخص لمّا يتعلق الأمر بامرأة في مجتمعات زعموا أنها نامية، كالمجتمع المغربي". وبخصوص الانتقال بالنص الروائي من اللغة العربية الفصحى إلى "الدارجة"، قال بنهدار: "في أول لقاء لي بالدكتور محمد برادة سألني: بأي لغة ستكتب هذه المسرحية؟ فقلت له: بالدارجة المغربية المنتقاة بعناية، فقال لي: لغة وسطى إذن؟ فأجبته: نعم". وأبرز المتحدث، في تصريحه لهسبريس، أن "الدارجة المغربية ليست سهلة كما يظن البعض، والكتابة بها ليست متاحة لكل من هبّ ودبّ. على الكاتب بالدارجة المغربية أن يكون له اطلاع كبير جدا بالموروث الثقافي المغربي من شعر، خصوصا فن الملحون والأشعار الصحراوية والأمازيغية، على الأقل مترجمة لمن لا يتقن الأمازيغية مثلي، وأدب بشتى أجناسه، وأمثال، وكتب السير والرحلات، وكتب التاريخ". تجدر الإشارة إلى أنّ مسرحية "نسيان"، التّي قدم عرضها ما قبل الأول بمدينة القنيطرة، شارك في تشخيصها: حسنة طمطاوي، حسن مكيات، عبد الله شكيري، نزهة عبروق، وسارة عبد الوهاب الإدريسي.