يبدو أن الحوار الداخلي لحزب العدالة والتنمية، الذي انطلقت فعاليات ندوته الوطنية الأولى الأسبوع الماضي بالخميسات، جلب على التنظيم السياسي الكثير من المتاعب بسبب تحول الأنظار إلى المداخلة المُثيرة للجدل التي أدلى بها القيادي في الحزب عبد العالي حامي الدين، ووجه فيها انتقادات قوية إلى طبيعة النظام الملكي بالمغرب. وكشفت مصادر من حزب العدالة والتنمية أن عضو الأمانة العامة عبّر لقيادات الحزب عن غضبه الشديد من نشر بوابة الحزب الإلكترونية لمقطع تفاعلي داخلي ظهر فيه حامي الدين ينتقد المؤسسة الملكية، مقرراً تعليق مشاركته في "حوار الإخوان الداخلي" الذي أطلقه سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب، في محاولة منه لرأب الصدع بعد مرحلة بنكيران التي كادت أن تتسبب في "تفجير التنظيم الإسلامي". ولتدارك الأمر، قامت بوابة الحزب الرسمية بحذف مداخلة حامي الدين من قناة "البيجيدي" على موقع "يوتيوب"، كما حذفت مداخلات وعروض بلال التليدي ومصطفى الرميد وعزيز رباح ومحمد الحمداوي وعبد العزيز أفتاتي. وأضافت مصادر هسبريس أن "حامي الدين استغرب نشر المُشرفين على إعلام الحزب تعقيبا له دون نشر المداخلة الرئيسية التي توضح سياق انتقاده للمؤسسة الملكية، وهو الأمر الذي اعتبره فعلاً مقصوداً للنيل منه، خصوصا وأنه لا يتردد في انتقاد حكومة العثماني وبعض وزراء الحزب، كما أنه كان من أشد مناصري الولاية الثالثة لبنكيران". ويرى مراقبون أن "الحوار الداخلي" الذي أطلقه العثماني بصفته أميناً عاماً للحزب أعطى مفعولاً عكسياً، ويُرتقب أن يعمق الخلاف بين قيادات التنظيم بعد ردود الفعل الواسعة التي خلفها فيديو حامي الدين المنتقد لطبيعة المؤسسة الملكية. وكان عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، قال إن "الملكية بشكلها الحالي معيقة للتقدم وللتطور وللتنمية"، مضيفا: "أومن بأنه إذا لم يحصُلْ أيّ تغيير في شكل النظام، فإنه لن يكُون مفيداً لا للملكية نفسها ولا للبلد"، وفق تعبيره. وأورد حامي الدين، في مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية الأولى للحوار الداخلي، نظّمت مؤخرا، أن "الملكية بالمغرب هي مؤسسة مركزية في الحياة السياسية، لكن هذا لا يعني أن الشكل الذي يتخذه النظام الملكي الحالي مفيد للديمقراطية وللحياة السياسية بالبلاد"، قبل أن يضيف: "يجب أن نساهم في تغييره على ضوء مرجعية مكتوبة". ووجد حزب العدالة والتنمية نفسه في "ورطة كبيرة"، بحسب المصادر ذاتها؛ إذ إنه لم يستطع إصدار أي موقف رسمي من المواقف الراديكالية التي عبر عنها حامي الدين تُجاه المؤسسة الملكية، والتي لا تنسجم مع طبيعة حزب يقود الحكومة، وهو ما دفع سعد الدين العثماني إلى إعطاء أوامره بسحب الفيديو من موقع الحزب، بينما طالب حامي الدين بفتح تحقيق رسمي في تسريب كلامه لمعرفة ما إذا كان الأمر يدخل في إطار تصفية حسابات أم مجرد خطأ.