يستعد الرئيس السوري بشار الأسد للقضاء على المعارضة في البقعة التي انطلقت منها أول شرارة للانتفاضة على حكمه، قبل أكثر من سبع سنوات، مع بدء المعارضين في درعا محادثات مع حلفائه الروس بشأن الانسحاب أو قبول عودة سلطة الدولة. وسيطرت القوات الحكومية، بدعم روسي، على أغلب محافظة درعا في إطار حملة بدأت الشهر الماضي. وطوقت القوات الأجزاء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة درعا ، بداية الأسبوع، واستعادت منطقة الحدود مع الأردن التي كانت المعارضة تسيطر عليها. واستعاد الأسد الآن مساحات كبيرة من أراضي البلاد بمساعدة حاسمة من حلفائه الروس والإيرانيين بعد أن كان نفوذه لا يمتد سوى على نسبة ضئيلة من أراضيها. وشهدت درعا بداية الاحتجاجات المناهضة للأسد التي تحولت إلى حرب أهلية يقدر حاليا أنها أودت بحياة نحو نصف مليون شخص. ودفع الصراع أكثر من 11 مليون للفرار من ديارهم لجأ 5.6 مليون منهم لدول مجاورة ولجأ كثيرون غيرهم إلى أوروبا. وقالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة "أنجز الجيش السوري مهمته، وباتت قواته على تماس مع ما تبقى من مناطق يسيطر عليها داعش في الجنوب، لتكون الساعات القادمة حاسمة على صعيد إنهاء حقبة الإرهاب في مدينة درعا، والانتقال صوب استكمال سيناريو الإنجازات في القنيطرة". ومع تقدم الأسد باتجاه نصر عسكري كامل، لا يبدو أن هناك أملا يذكر في التوصل إلى تسوية سلمية للصراع عن طريق التفاوض. فزع شديد بدأت القوات الحكومية في التدفق على محافظة درعا الشهر الماضي. واستسلم المعارضون، الذين ينقصهم السلاح، سريعا في بعض الأماكن بعد أن أبلغت الولاياتالمتحدة قوات المعارضة، التي كانت تمدها بالسلاح ذات يوم، ألا تتوقع أي تدخل أمريكي. ووافق المعارضون في درعا على اتفاق وقف لإطلاق النار أوسع نطاقا توسطت فيه روسيا يوم الجمعة وعلى تسليم المحافظة على مراحل. وسيطرت القوات السورية والروسية بعد ذلك على المعبر الرئيسي مع الأردن الذي كانت المعارضة تسيطر عليه منذ عام 2015. كما مدت القوات الحكومية سيطرتها إلى حدود درعا مع الأردن حتى جيب يسيطر عليه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية، لتقطع بذلك ما كان ذات يوم شريان حياة للمعارضة مع الأردن. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يراقب الحرب، إن طائرات هليكوبتر تابعة للقوات الحكومية أسقطت منشورات على بلدة الحارة في ريف درعا كتب عليها "لا مكان للمسلحين في محافظاتنا". ومن المتوقع أن يتحول هجوم القوات الحكومية بعد ذلك إلى محافظة القنيطرة القريبة التي تسيطر عليها المعارضة على الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وأطلق الهجوم أكبر عملية نزوح للمدنيين منذ بدء الحرب إذ فر 320 ألف شخص من ديارهم. وتحركت أعداد كبيرة مرة أخرى في الأيام القليلة التي أعقبت الاتفاق على وقف إطلاق النار وعاد البعض إلى قراهم. وقالت ريتشل سيدر، المستشارة بالمجلس النرويجي للاجئين، إن النازحين يعودون إلى مناطق التي يشملها الاتفاق "لأن التوقع الآن هو أن هناك وقفا لإطلاق النار متماسكا وأن هذه ستكون من آمن الأماكن وأكثرها استقرارا". وأضافت: "نعلم كذلك أن الناس يشعرون بفزع شديد. فهم لا يعرفون بدقة من المسؤول عن الأماكن التي جاءوا منها. رأينا ارتباكا كبيرا بين الناس الذين يحاولون اتخاذ قرار بشأن سلامة أسرهم ومستقبلها". ومن المعتقد أن عشرات الألوف من النازحين لا يزالون يقيمون في منطقة تل شهاب بمحافظة درعا وكثيرون غيرهم عند المنطقة الحدودية مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. *رويترز