بينما كنت أتسوق في أحد المحلات التجارية استرعت انتباهي "ماركة" من زيت الزيتون تحمل صورة لشخصية أدبية وفكرية إيطالية مشهورة محليا وعالميا، وهو الأديب والفيلسوف دانتي الغييري (1321-1265) الذي ولد في مدينة/ جمهورية فلورنسا المحسوبة اليوم على إيطاليا. وقد اشتهر دانتي بعمله: "الكوميديا الإلهية"، الذي يعدّ أعظم الأعمال الأدبية في مرحلة العصور الوسطى، وينظر إليه أيضا بكونه أساس اللغة الإيطالية وإحدى تحف الأدب العالمي. وقد عبّر دانتي عن موقفه السلبي من الإسلام ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في "الكوميديا الإلهية"، حيث وضع رسول الإسلام في الدرك السابع من الجحيم، معتبرا إياه مهرطقا ومنشقا عن الديانة المسيحية. وقد أسهمت هذه النظرة في تشكيل الصورة النمطية السلبية حول الإسلام منذ القرون الوسطى. بغض النظر عن هذا الموقف السلبي الذي تناولته في أحد بحوثي بالتحليل والدحض، أود أن أعرب هنا عن مدى التقدير الذي يكنه المجتمع الأوروبي والغربي لأدبائه وفلاسفته وشخصياته، التي لم تعد أسماؤها تطلق على الشوارع والساحات العمومية والمؤسسات التربوية والثقافية فقط؛ بل تعدت ذلك إلى مختلف الأغراض الأساسية في حياة المواطنين العادية... وهكذا، يسهم هذا الاهتمام بالتكريم المتواصل لكل شخصية شاركت بشكل أو بآخر في نهضة مجتمعها وخدمته، ومن ثم التعريف المخطط بدورها الريادي ليس من خلال المدرسة فحسب، وإنما بواسطة مختلف الطرق والآليات المتاحة. ترى متى نعمل نحن بشكل جدي على رد الاعتبار إلى شخصياتنا الدينية والأدبية والفكرية التي أسهمت عبر مختلف الأحقاب في بناء الحضارة الإسلامية التي ألهمت أوروبا غب نهضتها؟ ويذكر بأن دانتي نفسه تأثر في تأليف كوميدياه الإلهية ب"رسالة الغفران" للشاعر العربي أبي العلاء المعري؟ ترى هل فكرنا في توظيف شتى الآليات التكنولوجية والإعلامية المواتية في التعريف بمختلف شخصياتنا القديمة والمعاصرة، لا سيما للأجيال الصاعدة التي تكاد لا تعرف شيئا عن تاريخها الأصلي، بالرغم من تعاطيها المستمر مع عالم الأنترنيت الذي يشكل مجالا خصبا للاطلاع والمعرفة؟