في الوقت الذي سادتْ فيه موجة تنديد واسعة بالأحكام الصادرة في حق 53 معتقلا من نشطاء الحراك الاحتجاجي الذي شهدته مدينة الحسيمة ونواحيها، والذي دام حوالي سنة، وتراوحت مُددها بين سنة واحدة و20 سنة سجنا نافذة، واعتبرها الكثيرون أحكاما قاسية جدا، قال المحامي محمد كروط إن هذه الأحكام الصادرة عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالبيضاء تظل مخففة، مقارنة مع العقوبات التي تنص عليها فصول القانون الجنائي. وقال المحامي كروط، الذي يوصف ب"محامي الدولة"، في حوار مع هسبريس، ينشر لاحقا، إن "هذه الأحكام القضائية صادرة باسم جلالة الملك ويُفترض احترامها، ولا يمكن تقييمها؛ لأن الجهة المختصة قانونا للقول بالإدانة أو البراءة وتقدير العقاب هي السلطة القضائية، ونحن نعيش عهد استقلال السلطة القضائية، وفصل السلط يلزمنا باحترام السلطة القضائية، واحترام الأحكام الصادرة باسم جلالة الملك". وجوابا عن سؤال حول ما إن كانت الأحكام الصادرة في حق معتقلي حراك الريف قاسية وثقيلة، كما عبر عن ذلك عدد من الهيئات السياسية والمدنية والمواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال كروط: "ما هو المعيار المعتمد للقول بأن هذه العقوبة قاسية أو مخففة، إذا كان رأيي الشخصي انطباعي أو حتى عاطفي؟ فأنا أتضامن مع المحكوم عليه، سواء في ملف أحداث الحسيمة أو في باقي الملفات، ولكن من الناحية القانونية لا يجب أن ننسى أن هناك ضحايا هم أولى بالتعاطف". واعتبر المتحدث ذاته أن الآراء التي وصفت الأحكام الصادرة في حق معتقلي حراك الريف بالقاسية "رأي غير مؤسس؛ لأن القانون هو الذي يحدد العقوبة.. وإذا قلنا إن عقوبة ما قاسية، فالقسوة من القانون وليس من القضاء؛ لأن القضاء يبني أحكامه وفق فصول القانون الجنائي"، مضيفا "هناك من هو متابع بعقوبات تصل إلى المؤبد والإعدام، وحُكم عليهم بعشرين سنة. العقوبة هنا إذن مخففة وليست قاسية، بالنظر إلى القانون". وردا على سؤال حول ما إن كان يَعتبر الأحكام الصادرة في حق معتقلي حراك الريف "عادلة"، أجاب كروط: "لست أنا من يقول هذا، بل القانون هو الذي يقول إن الأحكام كانت عادلة. وبالنظر إلى ما تنص عليه فصول القانون الجنائي فإن القاضي متّع المتهمين بظروف التخفيف. وهذا ليس رأيي الشخصي، بل رأي القانون، الذي يجب على الجميع أن يمتثل له". وفي مقابل الآراء القائلة بأن أعمال العنف التي اندلعت في الحسيمة، وانتهت باعتقال مئات النشطاء من قادة حراك الريف، جاءت كرد فعل من المتظاهرين على العنف الذي مارسته قوات الأمن في حقهم، قال كروط إن "الحسيمة شهدت 143 مظاهرة، ولم تتدخل قوات الأمن، ولم تمنع منها السلطات سوى ثلاث مظاهرات، وبالقانون". وأضاف: "لما تضرم النار في عمارة، ويضطر رجال الأمن إلى الهروب، ويغلق المتظاهرون الطريق حتى لا تصل سيارات الإسعاف والمطافئ، وحين تُضرم النار في سيارات الشرطة، وتعتدي على رجال الأمن... يقال إن مطالب المحتجين اجتماعية، فهل هذا يبرر إضرام النار؟ وهل هذا يبرر الاعتداء على رجال القوات العمومية؟ إذا كان لك مطلب سلمي فليس لك مبرر لارتكاب الجرائم، والقانون في كل الدول يقول الدافع إلى ارتكاب الجريمة لا يبررها".