مِثْلَ ترنيمةٍ سحرية، حوّل الأداء البطولي الكبير الذي قدَّمه أسودُ الأطلس أمام "بحارة البرتغال" أحْزانَ المغاربة وأتراحهم جرّاء الإقصاء المُبكّر من "المونديال" إلى طبقات سميكة من الأمل والفرح، وأَوْقَد من جديد شُحنات الحماسة في نفوس المشجعين الذين تفاجؤوا بالقتالية العالية التي أبان عليها رفاق "بنعطية"، مُحوّلةً بذلك ساعات الأسى والحزن التي كانت ستخيِّم على المغاربة ليلة الأربعاء جراء الإقصاء إلى أعراسٍ من الفرحة والانتشاء. وقدّم الأسودُ طبقاً كروياً رفيعاً أشادت به كبريات الصحف الدولية، فيما ظل منتخب "البرطقيز" شارداً طوال أطوار المقابلة، التي انتهت بفوز رفاق "رونالدو" بهدف في الدقيقة الرابعة قتل أحلام كتيبة "رونار" في الذهاب بعيداً في المسابقة. ورغم "قساوة" الهزيمة، رحّب المغاربة بالأداء الرجولي الذي أبان عنه لاعبو المنتخب، الذين استطاعوا التًّحكم في مُجريات اللعب، مُهددين مرمى الخصم في مناسبات عديدة. وكان لافتاً تغيّر طريقة لعب الأسود في مباراة البرتغال، مقارنةَ بالمباراة الأولى التي خسرها ضد المنتخب الإيراني؛ إذ استحوذت الكتيبة الوطنية على الكرة طيلة تسعين دقيقة، وقدمت لعبة حديثة تنهل من المدارس الأوروبية الاحترافية، ودفعت الخصم البرتغالي إلى الانزواء في مناطق الدفاع، بعدما انفجر الأسود كبركان جارف للظفر بفرصة توصلهم إلى مرمى "روبرتو بارتسيو". واعتبرت التعليقات المتناسلة على موقع "فيسبوك" أن "اللاعبين قدَّموا ما في ذخيرتهم وشرفوا الوطن أحسن تشريف، خاصة اللاعب نور الدين أمرابط، الذي تحوّل إلى أيقونة وطنية، بعْدَ الرّوح القتالية التي أبان عنها، رغم إصابته الخطيرة في الرأس، إلا أنه بصم على واحدة من أفضل مبارياته في مسيرته الكروية مع المنتخب، ليخطف بذلك قلوب المشجعين المغاربة والأجانب. وقال أحد المعلقين: "التاريخ سيكتب مرة أخرى إقصاء منتخب عربي من الدور الأول لكن بعد حفر بصمة فرح أمل للجيل الجديد من اللاعبين، إنهم يحتاجون دعما أكبر في السنوات القادمة. برافو الدراري رغم الخسارة والله إحنا فرحانين رفعتوا راسنا.. مباراة ولا أروع"، فيما قال آخر: "صدقوني لست أدري بأي عبارة أعلق على مشاركة هذا المنتخب العملاق، هل أقول هارد لك أم خالص التهاني. صحيح الأسود خسروا اللقاء وأقصوا مبكرا لكنهم فازوا باحترام بل وبحب الجميع. ومن هذا المنبر باسمي وباسم الجزائريين الأحرار أقول للشعب المغربي واصلوا دعم هذا المنتخب لأنه يستحق كل التقدير". ودعا قطاع كبير من النشطاء المغاربة إلى تنظيم استقبال شعبي يليق بمستوى المنتخب الوطني خلال عودته إلى أرض الوطن، وقال أحد متتبعي جريدة هسبريس: "علينا جميعاً أن نقف وقفة إجلال لهذا المنتخب الشهم وأن نحيي بحرارة كل اللاعبين الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل رسم الفرحة في وجوه المغاربة"، وقال آخر: "سنستقبلكم بحرارة يا أسود وسننتظر زئيركم في أدغال إفريقيا مع كأس الأمم". وكان المنتخب الوطني قد انهزم أمام نظيره البرتغالي بهدف لصفر، اليوم الأربعاء، في المباراة التي جرت بملعب لوجنيكي في العاصمة الروسية موسكو، في إطار الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثانية من "مونديال روسيا 2018". وجاءت الهزيمة بمثابة صدمة قوية للمنتخب المغربي وجماهيره بعد أن قدم "أسود الأطلس" واحدا من أفضل العروض منذ بداية "المونديال"؛ إذ تفوق على نظيره البرتغالي في الناحية الهجومية بشكل كبير، كما نجح في الاستحواذ على الكرة لفترات طويلة من المباراة.