بالرغم من الدعوة الصريحة التي وجهها الملك محمد السادس في خطاب سابق إلى الإدارات والمؤسسات العمومية بضرورة التفاعل مع شكايات وتساؤلات المواطنين، فإن عدداً مهماً من تلك الإدارات والمؤسسات لم يتفاعل بعد مع إجراءات التواصل مع البوابة الوطنية للشكايات التي أطلقتها الحكومة منذ خمسة أشهر. إن حوالي 20 في المائة من المؤسسات والإدارات والشركات المحسوبة على الدولة لم تنخرط في تنفيذ مقتضيات المرسوم المتعلق بتلقي ومعالجة شكايات المواطنين، والذي أشرفت عليه وزارة إصلاح الوظيفة العمومية بشراكة مع وزارة التجارة والصناعة. وكان الملك قد وجّه، في خطاب افتتاح البرلمان سنة 2016، انتقادات شديدة اللهجة إلى الإدارة المغربية، حيث قال إنه "من غير المقبول أن لا تجيب الإدارة على شكايات وتساؤلات الناس وكأن المواطن لا يساوي شيئا، أو أنه مجرد جزء بسيط من المنظر العام لفضاء الإدارة". وشدد الملك محمد السادس، في خطابه الذي خصص حيزاً كبيراً منه للإدارة، على أن "المواطن من حقه أن يتلقى جوابًا عن رسائله، وحلولاً لمشاكله، المعروضة على الإدارات العمومية وأنها ملزمة بأن تفسر الأشياء للناس وأن تبرر قراراتها التي يجب أن تتخذ بناء على القانون". وحسب معطيات حصلت عليها هسبريس من لدن وزارة إصلاح الوظيفة العمومية، فإن عدد الإدارات العمومية المنخرطة في تنفيذ مقتضيات المرسوم المتعلق بتلقي ومعالجة شكايات المواطنين بلغ 76 إدارة عمومية اتخذت الإجراءات اللازمة بشأن تفعيل نظام البوابة الوطنية للشكايات. ويحذو وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية تخوف من ألا تتفاعل باقي الإدارات والمؤسسات العمومية مع البوابة الوطنية "شكاية. ما"، خصوصاً أن الأمر يتعلق ببوابة وطنية وليست وزارية، وأن وظيفتها الأساسية لن تتحقق إلا إذا التحقت بها كافة المؤسسات العمومية. إن عشرات المؤسسات العمومية، التي تضطلع بدور اقتصادي بارز في المغرب، لم تتفاعل إلى حد الساعة مع البوابة الوطنية للشكايات، بالرغم من المراسلات العديدة التي وجهتها مصالح وزارة إصلاح الوظيفة العمومية المكلفة بالمشروع. ويبلغ عدد المؤسسات العمومية بالمغرب أكثر من 250، وتضطلع بدور اقتصادي بارز في المغرب وتمثل أول مستثمر عمومي، إذ تبلغ استثماراتها المتوقعة برسم سنة 2018 ما يفوق 107 مليارات درهم، على رأسها صندوق الإيداع والتدبير والمجمع الشريف للفوسفاط والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للسكك الحديدية ومجموعة التهيئة للعمران والخطوط الملكية المغربية. وتفيد إحصائيات البوابة الوطنية للشكايات، على موقعها الإلكتروني، بأن عدد الشكايات الواردة من المغاربة منذ انطلاقها قبل أشهر حوالي 31310 شكايات تمت معالجة نسبة كبيرة منها ب69.74 في المائة منها، أي ما معدله 11 شكاية يومياً، فيما أعيد فتح حوالي 2596 شكاية. وتكشف الأرقام الإحصائية أن المغاربة يتقدمون بمعدل 5000 شكاية شهرياً عبر البوابة الوطنية منذ تاريخ انطلاق البوابة في يناير الماضي، وبلغت الشهر الأول ذروته بحوالي 6734 شكاية وملاحظة واقتراح. ويتوجب على القطاع العمومي، ويضم الإدارات والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية، أن تنضم إلى هذه الآلية لفتح المجالات لمأسسة شكايات المغاربة بخصوص خدماتها، لكي تكون مجبرة على التفاعل والبت فيها. أما فيما يتعلق بتخصيص أرقام هاتفية رهن إشارات المرتفقين، فتفيد أرقام البوابة الوطنية للشكايات بأن ثلاث وزارات فقط تفاعلت مع هذه الخدمة؛ وهي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ووزارة العدل، وزارة الصحة.