يشكل عيد الفطر لدى أهالي سوس واحدة من المناسبات الدينية التي تحظى بمكانة وتقدير خاصين، فعلى غرار مختلف المناطق المغربية يجري الإعداد للاحتفال بهذه المناسبة الدينية منذ العشر الأواخر من شهر رمضان؛ وتتزايد وتيرة تلك الاستعدادات مباشرة بعد ليلة السابع والعشرين، التي لا تفصلها غير ثلاثة أو أربعة أيام، على أبعد تقدير، عن فاتح شوال، وهو اليوم الذي يشهد إحياء طقوس وعادات متجذرة، تختزل قيما دينية وحضارية واجتماعية متأصلة ومتوارثة. قبله رواج تجاري أياما قليلة قبل حلول عيد الفطر تشهد بعض الأسواق المعروفة بحواضر سوس ومراكزها (سوق الثلاثاء بإنزكان، سوق الأحدبأكادير...) حركة تجارية دؤوبة، تحتل فيها تجارة الملابس التقليدية الصدارة، إذ تتقاطر الأسر السوسية عليها وأعينها على ما استجدّ في عالم الأزياء التقليدية للرجال كما النساء؛ أما الأطفال فيعلو محياهم الشوق أملا في الظفر بكسوة تليق بأهمية الحدث الديني، إذ غالبا ما يتلقون وعودا من آبائهم باقتناء أجمل الثياب، لتُمكّنهم من البروز بمظهر المُحتفلين بين أقرانهم يوم عيد الفطر. الرواج التجاري في الأسواق الشعبية الخاصة بالملابس يوازيه انتعاش في الأروقة والمحلات والحوانيت التي تعرض كل المكونات الضرورية للمائدة السوسية في يوم "عيد رْمضان"، كما يحلو للبعض أن يسميه: فواكه جافة، بهارات، توابل، مكسرات، برقوق وعنب مجففين وتمور وغيرها، كلها مواد تنال القسط الأوفر من لائحة التبضع الخاصة بهذا العيد في مناطق سوس؛ والشاهد على ذلك حجم التدفق البشري في فضاءات العرض داخل تلك الأسواق والاختناقات المرورية التي يعرفها محيط تلك الفضاءات قبيل هذا العيد الديني. فطور بلدي في عدد من قرى وبوادي سوس لازالت النساء أول من يستيقظ في صباح عيد الفطر؛ وذلك لدورهن المحوري في إعداد وجبة الفطور، التي لا تستقيم في هذه المناطق إلا بخبز "تفرنوت"، الذي يتطلب إمكانيات لا تتوفر إلا في البوادي، كالحطب وفرن "تفارنوت"؛ هذا بالإضافة إلى زيت أركان والعسل الأصيل، فضلا عن السمن البلدي؛ وكلها من المأكولات التي غدت لا محيد عنها في موائد الإفطار الصباحية ليوم العيد، التي يلتئم أفراد الأسرة حولها ضمن أجواء عائلية لا تتكرر إلا لماما. كما يتم الحرص على توزيع "الفطرة" على المحتاجين قبل صلاة العيد، وذلك لمن لم يتمكن من ذلك قبلا. "أمغرا" بعد الصلاة وعلى غرار باقي مناطق المغرب، وباقي الأقطار الإسلامية، تشرع أفواج المصلين مباشرة بعد تناول الفطور في التقاطر على مصلّياتها لأداء صلاة العيد، وتبادل التهاني والمتمنيات في أجواء يطبعها الإخاء والتسامح؛ كما يتجدّد اللقاء بين الأهالي وأبناء المنطقة المغتربين بالمدن المغربية أو خارج الوطن. وعند الانتهاء من مراسيم صلاة العيد، التي لا تختلف عن بقية ربوع المغرب، يقصد المصلون مساجد الدوار؛ وذلك ضمن أفواج بشرية تهلل وتسبح وتكبر طيلة طريقها صوب بيت الله، الذي يشهد تناول وجبة "أمغرا"، إذ يتنافس أهل البلدة في إحضار الخبز ومختلف أنواع الزيوت أو الزبدة أو السمن، فيتناوب الجميع على تذوقها، ممزوجة بدرس في الوعظ والإرشاد، قبل أن تُستغل الفرصة لتداول القبيلة حول عدد من الشؤون التي تخصها، ليتم الختم بالدعاء وإكرام الإمام. العيد شحنة نفسية محمد الفقير، مستشار اجتماعي اعتبر ضمن تصريح لهسبريس أن الأجواء الاحتفالية بمناسبة عيد الفطر، أو "العيد الصغير" كما يصطلح عليه بعموم منطقة سوس، تتميز بعودة عدد من أبناء المنطقة المشتغلين بمختلف مناطق المغرب وخارجه، وزاد: "كما أن الطقوس الاحتفالية تختلف ما بين عادات ساكنة الجبال "أدرار" والقاطنين بالسهل "أزغار". والتميز يظهر في نوعية المأكولات التي تؤثث موائد هذه المناسبة الدينية". ومن العادات المتأصلة في عدد من مناطق سوس، وفقا للمتحدّث ذاته، ما يصطلح عليه ب"عصيدة الفاطر" أو "عصيدة الجامع"؛ "وهي طقس احتفالي ملزم للعائلات التي تزوج أحد أبنائها الذكور في الفترة الفاصلة ما بين عيد الفطر السابق والحالي، إذ يقوم بإعدادها وإحضارها إلى المساجد، حيث يتم تناولها بعد صلاة الفجر وأيضا بعد صلاة العيد بالمصلى"، مردفا: "يرمز هذا الطقس الاحتفالي في الثقافة الجماعية إلى الدعاء إلى الله لمباركة الزواج ورزق الزوجين الذرية الصالحة". أضاف المتحدّث أن من المظاهر الاحتفالية في البوادي والقرى تجمع العائلات في احتفالات ليلية للتعبير عن الفرح بقدوم العيد، ومباركة أيامه التي يصطلح عليها ب"العواشر"، مختتما: "العيد في مناطق سوس لا يختلف عن بقية مناطق المغرب من حيث حمله رمزية للتضامن الاجتماعي، بجانب الشحنة النفسية المقترنة بالفرح والسرور؛ أما يميزه فيظهر في هوية اللباس المحلي وبعض العادات ونوعية الأطباق".