أعلنت تنظيمات يسارية بالمغرب عن انخراطها القوي في الإضراب العام الذي دعت إليه نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يوم الأربعاء المقبل، تخليداً لذكرى انتفاضة 20 يونيو 1981، المعروفة بإضراب "شهداء الكوميرا"، الذي جاء رداً على قرار الدولة الزيارة في أسعار مواد غذائية أساسية. ووجهت كل من فيدرالية اليسار (الاشتراكي الموحد، والمؤتمر الوطني الاتحادي، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي)، وحزب النهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، و"أطاك المغرب" والجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، نداءً مشتركاً تدعو فيه عموم الموظفين والعمال في القطاع العام والخاص إلى المشاركة المكثفة في الإضراب العام الأسبوع المقبل. ودعت الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية الموقعة على النداء إلى "مواجهة الهجمة الشرسة وغير المسبوقة على المكتسبات الاجتماعية وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، ومواجهة جشع الرأسمال والاحتكارات وما أنتجته من غلاء للأسعار". وشدد المصدر ذاته، في النداء الذي عممه، على "مواجهة التبعية للرأسمال وتحالف السلطة والمال والتوجهات النيوليبرالية المتوحشة التي أجهزت على الخدمات العمومية من تعليم وصحة وسكن وشغل لائق وعمقت الفوارق الطبقية والمجالية"، مؤكدا على ضرورة "تحقيق التكامل بين الحراك الشعبي والاحتجاجات الاجتماعية وحركة مقاطعون الحضارية، من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية". نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، دقت ناقوس الخطر حول ما وصفته ب"التراجعات الخطيرة التي تعرفها البلاد على جميع المستويات"، وقالت إن هناك مؤشرات واقعية تؤكد "الوضعية المتأزمة" من قبيل استمرار تصنيف المغرب في آخر الصف في مؤشر التنمية البشرية، وارتفاع معدل البطالة لدى الشباب في المدن إلى 45 في المائة. وأوضحت القيادية اليسارية، ضمن تصريح لهسبريس، أن المغرب خلال السنوات الأخيرة "يشهد في كل يوم تقريباً احتجاجات شعبية لا تنقطع تطالب بالعيش والكرامة وتنتفض ضد غلاء المعيشة والأسعار، وهو ما تجسد أيضاً من خلال حملة المقاطعة الحضارية التي دقت ناقوس الخطر بشتى الأشكال والتعبيرات". وأكدت المتحدثة أن "الفساد صار يدب في عروق الدولة حتى صار من ضمن البنية الاقتصادية لبلادنا"، محذرة من ظاهرة الاحتكار وتراكم الثروات في يد فئة قليلة واتساع الفوارق الطبقية. وأبرزت أن "الحكومة ماضية في ضرب الحقوق والمكتسبات الاجتماعية، من قبيل الإجهاز على التقاعد وتجميد الأجور ورفع الأسعار"؛ معتبرة أن "إضراب 20 يونيو جاء ليدعو الحكومة إلى الإجابة على المطالب العاجلة". ودعت زعيمة PSU إلى فتح حوار وطني بين مختلف مكونات المجتمع لسن "تعاقد اجتماعي جديد يطوي صفحة القمع والاعتقالات ويُقدم أجوبة سياسية واقتصادية واجتماعية، وليس الاستمرار في السياسات نفسها التي ملّ منها المغاربة". وجواباً على سؤال لهسبريس حول موقفها من ارتفاع أصوات تُطالب بإسقاط الحكومة وتحرك فريق حزب الأصالة والمعاصرة بالبرلمان من أجل التوقيع على ملتمس الرقابة، استغربت منيب من التحركات التي يقوم بها "البام" في هذه الفترة قائلة: "كيف يُعقل أن يُطالب حزب إداري بإسقاط الحكومة؟!"، قبل أن تُجيب: "بطبيعة الحال هذه حكومة لا تحكم لأن بلادنا لم تشهد حكومة بمعناها الحقيقي من غير حكومة عبد الله إبراهيم". واستطردت منيب: "نحن في حاجة إلى إصلاح الحقل السياسي برمته وإسقاط الأحزاب الإدارية ومراجعة قانون الأحزاب وميثاق الانتخابات ونمط الاقتراع وتسجيل المغاربة على أساس البطاقة الوطنية وخلق انفراج سياسي بإطلاق سراح جميع المعتقلين لبناء الثقة، وليس فقط الاكتفاء بإسقاط الحكومة لإزالة شخص وتعويضه بآخر". وأضافت: "حكومة العثماني وغيرها تُطبق فقط التعليمات الداخلية والخارجية والجميع يعلم ذلك، ويتم استغلالها بضعفها وقلة أطرها؛ لذلك نجدها تتساهل كثيرا لضرب حقوق المغاربة وحرياتهم، وهو ما يجعلها حكومة لا شعبية، وعليهم أن يقدموا استقالتهم إذا أعطيت لهم تعليمات ضد مصلحة الشعب المغربي".