في العاصمة الرباط كانت ولادة إسماعيل الخرباتي، سنة 1974، وبها تدرج دراسيا حتى الوصول إلى الطور الجامعي، مختارا التخصص في العلوم الاقتصادية خلال هذه المرحلة. ويقول الخرباتي: "نلت شهادة الإجازة من جامعة محمد الخامس، وخضت فترات تجريب مهني بعدد من الشركات، بينها مقاولة أبي، ثم تحركت نحو أكادير للعمل كمستخدم لمدة عادلت 3 سنوات". بحلول سنة 2003 قرر إسماعيل تغيير الأجواء بحثا عن مردود مالي أعلى لجهده الوظيفي، مع الإقبال على بيئة بديلة تتيح التطور الشخصي والعملي بوتيرة أسرع من السائدة على مستوى المغرب. تغيير إلى عُمان لم يتأثر "ابن الرباط" بمصادقة أشخاص هاجسهم الأول الهجرة، كاشفا أن تنقله للعيش خارج الوطن جاء ضمن عرض قدمته له أخته المستقرة في سلطنة عُمان، ورغبة منه في تغيير إيقاعه المهني. "كنت ضد الهجرة إلى أقصى الحدود، لكن انكماش سوق العمل في المغرب، على مستوى الرواتب الشهرية التي أراها غير ملائمة، دفعني إلى التغيّر والإقدام على التجريب في مسقط"، يسرد إسماعيل. ويضيف الخرباتي أن وصوله إلى السلطنة شهد اشتغاله مع الشركة نفسها التي يعمل معها حاليا، مستفيدا من تكوين معمّق لضبط الإيقاع المهني، وحاظيا بترقيات محفّزة على دفع العطاء صوب التنامي. ضبط المدارك ينفي المغربي ذاته أن يكون لاقى مشاكل اندماج في بلد استقباله، مشددا على أن العناية التي أحيط بها أسريا، من خلال أخته وحرصها عليه، جعلته مرتاحا من الناحية الشخصية بنسبة كبيرة. ويسترسل إسماعيل: "الصعوبات كانت متمثلة في درجات الحرارة المرتفعة وإعاقتها لتدبير الوقت الثالث، زيادة على التعاطي مع مجتمع يتسم بتعدد المشارب العرقية والثقافية، ومحاولة الانسجام مع كل هذا". أما على صعيد الاشتغال فإن الخرباتي، ذا التكوين الاقتصادي المالي، أقبل على ضبط المدارك التي يستلزمها التموقع المهني في شركة متخصصة في التشييدات والمواد الكيميائية الخاصة بتقوية البنايات، كما حرص على تقوية مستواه في اللغة الإنجليزية. التقنيات والتسويق يتموقع المنتمي إلى صف "مغاربة العالم"، في الوقت الراهن، على رأس قسم التقنيات والتسويق بالمؤسسة التي يشتغل فيها، مباشرا مهامه من مقرها الرئيس في العاصمة العُمانية مسقط. ترتبط مهام إسماعيل، في الحيز الميداني، بتسويق خدمات المؤسسة وإقناع زبناء جدد بالتعامل معها من خلال أوراش تشييد، بعموم أحجامها، وتتبع تقييم العملاء للخدمات المقدمة لهم في هذا الإطار. مشاريع ضخمة عديدة تتصل بنهج السيرة المهنية للخرباتي في سلطنة عُمان، مركَّزة في تدخلات ضمن إنشاء البنيات التحتية للدولة، آخرها منشأة سدّية عمل على توريد كل حاجياتها من الخرسانة الملائمة. انتظارات من الغد "ككل مغربي يقيم خارج وطنه، لا أحمل طموحات غير العودة إلى المغرب في نهاية المطاف..وأتمنى أن تكون الأبواب مفتوحة أمامي حين الإقدام على هذه الخطوة"، يقول مكتسب الخبرة في ميدان المال والأعمال. ويرى إسماعيل أنه متحصل على تجربة يمكن أن تفيد البلاد، شريطة نيل تشجيع من أجل نقلها إلى الشباب، من جهة، والقطع مع كل ممارسة من شأنها تقوية مساعي الراغبين في الاحتكار، من جهة ثانية. كما يوضح الخرباتي أنه يرى نفسه، مستقبلا، مقدما على استثمار إمكانياته المالية والمهارية في بيئته الأصلية، مساهما بما أوتي من جهد، إلى جوار باقي المغاربة، في الإعلاء من التنمية المنشودة مغربيا. أساس التألق يعتصر المستقر في مسقط عصارة اختباره للهجرة كي يعلن أن كل متحلّ بالعزيمة "مشروع ناجح"؛ مشددا على أن "باقي الخصال يمكن تنميتها عن طريق الممارسة المؤسسة على روح العزيمة". كما يعتبر المغربي عينه أن فرض الذات خارج الوطن الأصل يبقى محكوما، على المستوى الزمني، بالفترة التي يستغرقها المهاجر لتقوية شخصيته بالاندماج في حيز العيش الذي اختاره. "أعرف مجموعة من المغاربة أثبتوا تميزهم في الخارج، بالغين ذلك بغير قليل من العزيمة التي جعلتهم يتخطون العراقيل..وأنصح كل مهاجر جديد على اتخاذ أحد الفالحين قدوة له، متذكرا إياه لتقوية العزيمة ورفض الهزيمة"، يختم إسماعيل الخرباتي.