تنتمي هند شراحيل إلى مواليد مدينة مراكش، بينما ترعرعها تأرجح بين "عاصمة النخيل" ومدينة الوليدية، خاصة أنها ولجت التعليم الابتدائي في مراكش قبل أن تستكمل أقسامه في الحاضرة القصية عنها بزهاء 200 كيلومتر. أنهت هند تعليمها الإعدادي في الوليدية كي تعاود قصد "عاصمة المرابطين" للحصول على شهادة الباكالوريا، والتحقت بجامعة القاضي عياض في مرحلة التعليم العالي، ثم المعهد العالي للتدبير والمعلوميات للظفر بدراية في هذين المجالين. "لم أذق طعم العطالة لأن دخولي ESGI، وحلولي بين العشرة الأوائل في دفعة تخرجي، جعلني أنال مواكبة إدارة المؤسسة في البحث عن عمل، فالتحقت بالقسم التجاري الذي يخص شركة للحديد والصلب، مكلفة بالفوترة ومصلحة الزبناء، بعد 4 أشهر من انتهاء تكويني"، تقول شراحيل. حضور الهجرة تقرّ هند بأن حلم الهجرة، مثل باقي أبناء جيلها، كان حاضرا لديها منذ وصولها المرحلة الثانوية من التعليم، لكنه ارتبط على الدوام بالوجهة الأوروبية، وكل مساعي تحقيقه لم تنجح في ذلك. توجهت شراحيل إلى سلطنة عُمان بحلول سنة 2013، ملبية دعوة أختها التي سبقتها إلى هذا البلد الخليجي بنية التعرف على المنطقة، لكنها زاوجت رحلتها السياحية بتقديم نسخ من نهج سيرتها إلى مؤسسات في مسقط. وعن هذه الخطوة، تقول المغربية نفسها: "استدعتني أكثر من جهة لإجراء مقابلات ما قبل التشغيل، وبالتالي اتخذت قراري باللجوء إلى تجربة هجرة قادرة على إكسابي خبرة دولية". اعتياد على مسقط احتاجت هند شراحيل إلى ما يكفيها من الزمن كي تعتاد على إيقاع الحياة في العاصمة العُمانية، خاصة أن ما ألفته في مراكش، وسط مقامها بالحيز الشعبي من المدينة، يختلف كثيرا عن المُعاش في مسقط. ساهمت في تأقلم الوافدة الجديدة أختها التي سبقتها إلى الاشتغال في السلطنة، مقدمة إليها ما يكفي كي تضبط نوعية العادات والتقاليد في عُمان، وموازاة ذلك بالتعرف على المدينة التي تستقران بها. "المجتمع العماني يتسم بالطيبوبة، لهم استعداد فطري للانفتاح على الجميع بلا حزازات، وبالتالي لم تكن لدي عراقيل في اعتياد الناس بقدر ما لزم الأمر الاستئناس بإيقاع الحياة وحده"، تعلن هند. أخت هند غادرت عُمان نحو تجربة مهنية خارجها؛ ما دفع لاحقتها في السلطنة إلى التعامل مع هذا المستجد بالانخراط في أنشطة إضافية، خالقة لنفسها هوايات أبرزها المطالعة باللغة الإنجليزية. في المشفى أقبلت "ابنة مراكش" على العمل، بعد مدة قصيرة من وصولها إلى عُمان، وسط أحد المستشفيات الخاصة الكبرى في البلاد ضمن الفريق المتخصص في الاستقبال وخدمة الفوترة؛ ثابتة في هذا الحيز المهني عاما واحدا. "حظيت بترقية غيرت موقعي العملي في هذا المستشفى، وبالتالي تطورت التزاماتي بعدما نقلت نحو الطواقم الإدارية، وأوكلت إليّ مهام لاتخاذ قرارات تدبيرية في قسم الولادات والأطفال"، تكشف هند. وتعلن شراحيل، من خلال تقييمها لهذه المرحلة التي استغرقت ثلاث سنوات من الزمن، أنها اكتسبت خبرة عملية أوسع من تلك التي استجمعتها في المغرب، وبقيت تبحث دوما عن فرص لخوض تجارب مهنية تعلي منسوب هذه الخبرة. جهة حكومية لجأت المنتمية إلى صف "مغاربة العالم" إلى تغيير عملها الإداري في المشفى العُماني الخاص بعدما اجتازت مباراة التحاق بشغل بديل تحرص على ربطه ب"جهة حكومية"، اعتبارا لحساسية هذه الإدارة. وتفسر المغربية عينها بقولها: "رصدت الإعلان عن المباراة في عدد من الجرائد الورقية، ثم قدمت ترشيحي مثل باقي أصحاب الملفات المنتمين إلى جنسيات متعددة، وقد تم اختياري لنيل هذه الوظيفة التي أعتز بها". من جهة أخرى، ترى شراحيل أن مسارها في موقعها المهني الحالي، الذي تخطى عامين من العطاء، يبقى متميزا بالنسبة إليها، وواعدا بتطور يغني حياتها العملية بما ينعكس إيجابا على ألقها الشخصي. هوس دراسي تجاهر هند برضاها تجاه ما حققته في مسار الهجرة الذي اتخذته، مؤكدة غياب ندمها عن أي خطوة قامت بها في هذا الإطار، ومصرة على أنها اتخذت القرار الصائب بالاستقرار في سلطنة عُمان. كما تزيد الشابة المراكشية، من جهة أخرى، أن طموحاتها تبقى أكبر ممّا وصلت إليه، مراهنة على البذل المهني بما يتيح التطور في "الجهة الحكومية" التي تعمل لصالحها حاليا في مسقط. "أريد أن أعود إلى التعليم العالي من جديد، وأولى خطواتي تتصل بالإقبال على مَاستر قبل المرور إلى الدكتوراه، خاصة أن كل الظروف قد أضحت مواتية لهذه المرحلة التي تشغلني حد الهوس"، تردف شراحيل. دراسة وأساس تشدد المستقرة في سلطنة عُمان على وجوب الإقبال على الدراسة من طرف الشباب المغاربة أينما كانوا، سواء داخل الوطن أو خارجه، وتثير الانتباه إلى أن هجرة المتعلمين تبقى أقرب إلى النجاحات من غيرهم. وتعود هند إلى ما مرت به، مستعرضة شريط حياتها أمام عينيها، قبل أن تعتبر تعلم الفرنسية أمرا مانحا للتميز ل"مغاربة العالم"، وتذكر أن الأساس المتين يرتبط بإتقان اللغة الإنجليزية لما لها من مكانة في المعاملات الدولية. "لقد ساعدتني دراستي للإنجليزية في المغرب ضمن مساري كمهاجرة، بل أرتكز عليها في مشواري العملي وما يفرزه من التزامات يومية، وكل العالم على وعي بأنها تتوسط مؤشرات النجاح"، تختم هند شراحيل.