في خطوة هي الأولى من نوعها بأكاديمية جهة درعة تافيلالت للتربية والتكوين، تمكن لحسن شاكيري البالغ من العمر تسع وستين سنة من اجتياز الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا ضمن فئة المترشحين الأحرار بثانوية بومالن دادس التابعة للمديرية الإقليمية لتنغير، بعد مغادرته فصول الدراسة منذ سنة 1967، ليعود إليها من جديد وكله أمل وعزم وطموح لنيل الشهادة وتسجيل نفسه في الجامعة (شعبة علم الاجتماع)، وبذلك يطبق المعني بالأمر الحكمة الشهيرة: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد". لحسن شاكيري، القاطن بدوار إمي نوراك التابع لجماعة امسمرير، اختار شعبة الآداب لاجتياز الامتحان الوطني لنيل شهادة الباكالوريا ضمن فئة الأحرار، وكله أمل للحصول على نقطة مشرفة، ليتمكن من متابعة دراسته الجامعية في الكلية متعددة التخصصات بمدينة الرشيدية، لقربها من تنغير، كونه لم يعد "قادرا على قطع مسافات طويلة للدراسة بأكادير أو مراكش، في هذه المحطة من العمر"، يقول شاكيري في تصريح لهسبريس. وذكر المسن، الذي يبلغ من العمر تسعا وستين سنة، أنه غادر المغرب في اتجاه فرنسا أواخر الثمانينات، واشتغل هناك لمدة تسع سنوات، وولج معهدا متخصصا في إصلاح السيارات، مشيرا إلى أنه كان مستقرا بمنطقة قرب الحدود الفرنسية الألمانية؛ وفيها تعلم اللغة الألمانية، التي اختارها كلغة ثانية في الامتحان الوطني، موضحا أنه بعد تسع سنوات قرر العودة إلى الوطن، واشتغل في مجموعة من المناجم المعدنية، كمكلف بإصلاح وصيانة الإنارة، ثم بعدها في شركات أخرى للأشغال العمومية، إلى أن وصل سن التقاعد، وفق تعبيره. ولفت المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الفقر والظروف المادية لعائلته لم تسعفه في متابعة دراسته بثانوية بومالن دادس التي غادرها سنة 1967؛ لكن حلم الدراسة والحصول على البكالوريا كان يراوده دائما، فقرر بعد تقاعده تحقيقه، مشيرا إلى أنه كان يداوم قراءة الكتب والمجلات والجرائد، وكان شغوفا بالقراءة، معتبرا نفسه "معلم نفسه"، مستدركا: "أريد، من خلال تجربتي هاته، أن أكسر مخاوف الشباب في هذه الامتحانات والعمل بالجد والطموح لبلوغ مبتغاهم"، يقول لحسن شاكيري. "ليس هدفي من الحصول على شهادة البكالوريا أو شهادة الإجازة هو العمل، كوني متقاعدا، بل هدفي الأسمى هو تشجيع الشباب على متابعة دراستهم"، يقول لحسن شاكيري، الذي اعتبر نفسه "الراعي الذي يسبق الماشية وتأتي خلفه تباعا"، مشددا على "أن العلم لا حدود له ولا سن له"، مشيرا إلى أن الفقر وقلة ذات اليد تقفان في وجه شباب المنطقة ويجعلونهم يغادرون فصول الدراسة، ملتمسا من الجهات المسؤولة "تبني مخطط اجتماعي يأخذ بأيدي التلاميذ والتلميذات التي تعاني عائلاتهم الفقر والهشاشة لمساعدتهم على الاستمرار في العطاء والتميز الدراسي"، وفق تعبيره. الحسين أوعلوان، مدير ثانوية بومالن دادس، أكد أن لحسن شاكيري يعد المترشح الأكبر سنا ضمن المترشحين الأحرار بأكاديمية درعة تافيلالت، موضحا أن له طموح ورغبة في الحصول على شهادة البكالوريا التي كانت منذ صغره حلمه الذي لم يحققه بالنظر إلى أنه غادر أرض الوطن للعمل بالمهجر؛ لكنه بعد تقاعده قرر تحقيق حلمه، واجتاز امتحانات نيل شهادة نهاية الدروس الإعدادية. وأشار أوعلوان إلى أن المترشح ذاته "سبق له أن تقدم، منذ أربع سنوات، إلى الثانوية حاملا معه الشهادة المدرسية المستوى الثاني إعدادي لسنة 1968، وأخبر الإدارة بأنه يريد اجتياز امتحانات الباكالوريا، وتم اجتياز امتحانات نهاية الدروس الإعدادية وحصل عليها بنقطة مشرفة، وانتظر مدة إلى أن أصبح له الحق في اجتياز امتحانات الباكالوريا خلال هذه السنة"، يقول المسؤول التربوي ذاته. ولفت المتحدث، في تصريح لهسبريس، إلى أن تجربة لحسن شاكيري يجب استغلالها من لدن التلاميذ المقبلين على اجتياز امتحانات الدورة الاستدراكية، والتلاميذ المقبلين على اجتياز الامتحانات المقبلة للبكالوريا عموما، من أجل الاجتهاد ونيل نقط مشرفة. وشدد المسؤول التربوي ذاته على أن "هذه التجربة دليل على أن التعليم ليس له سن محدد، ويمكن لأي التعلم ونيل شواهد دراسية بميزات مشرفة"، مختتما "نشكر لحسن شاكيري الذي سيبقى نموذجا يحتذى به في ثانوية بومالن دادس، بالخصوص بأكاديمية درعة تافيلالت".