أنهى، صباح اليوم الخميس، لحسن شاكيري الذي يبلغ من العمر 69 سنة، آخر مواد الامتحان الوطني لنيل شهادة الباكلوريا ضمن فئة المترشحين الأحرار، بثانوية بومالن دادس، بإقليم تنغير، والتي انقطع عن الدراسة بها منذ سنة 1967 ليعود إليها من بوابة المترشحين الأحرار وكله أمل وعزم أن يحقق حلمه في ولوج شعبة علم الاجتماع بالجامعة. جريدة "العمق" ربطت الاتصال ب"عمي لحسن" كما يحلو لأبناء قريته "إمي نوارك" بجماعة أمسمرير أن ينادوه احتراما ومحبة له، حيث أكد أن الفقر والظروف المادية لعائلته لم تسعفه في متابعة دراسته بثانوية بومالن دادس والتي غادرها سنة 1967. وأشار شاكيري أن انقطاعه عن الدراسة لم يمنعه من مواصلة هوايته في المطالعة، حيث كان مواظبا حد الهوس على قراءة الجرائد والمجلات والروايات، فيومه لا يمر دون أن يقرأ كتابا، مضيفا أنه بعد أن قضى 3 سنوات في العمل بمنجم الفضة بإميضر قرر الهجرة إلى فرنسا، وهناك التقى بصديقه الفرنسي الذي شجعه فيما بعد على قراءة الكتب الفرنسية، "فكنت أقرأ كتبا في السياسة والمجتمع والاقتصاد .."، يضيف "عمي لحسن". ويحكي شاكيري في حديثه لجريدة "العمق" أنه عاد أواخر سنة 1982 من فرنسا وعمل في شركة لاستغلال المناجم بضواحي تنغير، مشيرا أن أحد أبناء بلدته نصحه بأن يستكمل دراسته ويسجل اسمه ضمن المترشحين الأحرار لاجتياز امتحانات الباكلوريا، وهي الفكرة التي ظلت تراوده، غير أنه قرر أن يساعد أبناءه الثلاثة في استكمال دراستهم، ويتفرغ بعد ذلك لتحقيق حلمه. "بعد أن حصلت على التقاعد تفرغت للعمل في الحقول، وكنت أملأ فراغي أيضا بمطالعة بعض الكتب والجرائد"، يضيف لحسن شاكيري، الذي أوضح أنه قصد منذ سنوات ثانوية بومالن دادس التي درس بها، من أجل الاستفسار عن الوثائق التي ستمكنه من اجتياز امتحان الباكلوريا فئة المترشحين الأحرار، غير أنه اصطدم بضرورة أن يجتاز امتحان نيل شهادة الإعدادي. وتمكن "عمي لحسن" بعد ذلك من نيل شهادة الإعدادي ضمن فئة المترشحين الأحرار سنة 2014، لينتظر لأربع سنوات كي يتقدم بملفه لاجتياز الامتحان الوطني لنيل شهادة الباكلوريا. وحول كيفية استعداده للامتحانات، قال المتحدث ذاته، إنه كان يراجع الدروس بمفرده، ودون مساعدة أحد، مشيرا إلى أن "ما يدرسه تلاميذ مستوى الباكلوريا أغلبه عشته أو قرأت عنه أو سمعت، كما هو الحال بالنسبة لمادة الاجتماعيات، كما أنني أطالع بعض الكتب التي كان يدرس بها أبنائي". ويقول شاكيري: "لا أجد صعوبة في اللغة الفرنسية، فقد قرأت كثيرا لفولتير، وأيضا مادة التربية الإسلامية، وما أجد فيه صعوبة كبيرة هي مادة الرياضيات، ولن أحصل فيها على نقطة جيدة، أما اللغة الأجنبية الثانية فقد اخترت اللغة الألمانية لكوني درستها لفترة عندما كنت مهاجرا بفرنسا". ويشير أكبر مسن يجتاز امتحانات الباكلوريا في المغرب هذه السنة، أن التلاميذ تفاجأوا بدخوله للامتحان برزته وجلبابه التقليدي ظنا منهم أنه أخطأ الوجهة، مضيفا: "دردشة معهم قليلا وكانوا متحمسين ليسمعوا قصتي، وقال لي أحدهم ساخرا لم يعد هناك أي مبرر للكسالى". ويتمنى شاكيري أن يتابع دراسته في شعبة علم الاجتماع أو اللغة الفرنسية إن تمكن من نيل شهادة الباكلوريا، غير أنه عبر عن أمله في أن تكون هذه الشعب في الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية لقربها من "أمسمرير" ولكونه غير قادر على قطع مسافات طويلة في هذا العمر للدراسة بأكادي راو مراكش.