دخلت حملة المقاطعة التي استهدفت ثلاث شركات رئيسية منتجة للماء والحليب والوقود محطة فارقة في عُمرها بعدما تسببت في الإطاحة بالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، إثر مشاركته في وقفة احتجاجية أمام مقر مؤسسة دستورية للتنديد باستمرار المقاطعة، لكن يبدو من خلال ردود فعل عدد من النشطاء والمواطنين أن "التضحية" برأس لحسن الداودي تبقى غير كافية ما دامت الحكومة مستمرة في تجاهلها لمطلب مراجعة الأسعار وحماية القدرة الشرائية. أغلب المعلقين من قراء ومتتبعي هسبريس، الذين علقوا على موضوع تقدم الداودي رسمياً بطلب إعفائه من منصبه الوزاري خلال اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، اعتبروا أن الإطاحة بالوزير ليست سبباً مُقنعاً للعدول عن حملة المقاطعة المتواصلة منذ 48 يوماً. وكتب معلق يحمل اسم "يوسف": "هذه الحكومة برهنت عن عدم كفاءتها، وإذا استمرت في تهاونها ستأخذ حزبها معها إلى الهاوية، من الأفضل لها أن تستقيل من مهامها لتحفظ القليل مما بقي من ماء وجهها. أما الشركات المقاطعة فهي الأخرى برهنت عن عدم اهتمامها لا بالمستهلك ولا بعمالها ولا بعملائها. أتمنى أن يخرج قانونا المستهلك والمنافسة إلى حيز التنفيذ لنتمكن من مقاضاة كل غشاش ومتهاون ومحتكر". بينما دعا معلق آخر رئيس الحكومة إلى التقدم بطلب إلى الملك محمد السادس قصد تقديم استقالة جماعية تضامناً مع "الوزير المحتج". وقال قارئ اختار لنفسه اسم "hier": "شفتو المداويخ علاش قادين وا زيدو شدو الزكير معانا. الخطة الثلاثية مستمرة ولن تحيد عن مسارها إلا بتحقيق المطالب. #مقاطعون". وانتقد أغلب القُراء المعلقين عدم قيام الحكومة بخطوات ملموسة تجاوباً مع مطالب المقاطعين مقابل تجندها للدفاع عن طرف واحد، وقال معلق يُدعى "محسن": "الإعفاء لازم أن يطال كل الوزراء والحكومة الفاشلة... هذا هو طلب الشعب للملك نصره الله وحفظه". وأورد آخر: "ستسقطون واحدا واحدا كأوراق الخريف.. عاش الشعب". وحول وقع إعفاء الداودي على المقاطعة، يرى عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن سلوك الاستقالة غير ناتج عن حملة المقاطعة بشكلها المباشر، وإنما نتيجة مشاركته في وقفة احتجاجية عمالية أمام مؤسسة البرلمان الدستورية. وأوضح أدمينو، في تصريح لهسبريس، أن إعفاء الوزير "أعطى شُحنة معنوية جديدة للمقاطعين للاستمرار في الحملة"، مشيراً إلى أن "أسباب احتجاج المغاربة على غلاء الأسعار مازالت قائمة إلى حين قيام الحكومة بإجراءات لها وقع على المعيش اليومي للمواطنين". وكان حزب العدالة والتنمية، القائد للائتلاف الحكومي، أكد أن مشاركة الوزير لحسن الداودي في وقفة احتجاجية مع عمال شركة "سنطرال" كانت تصرفاً غير مناسب لأنه وزير، وفيها تقدير مجانب للصواب. وأشار سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في تصريح للصحافة عقب اجتماع استثنائي لقيادة التنظيم مساء الأربعاء، إلى أن "طلب الداودي الإعفاء من مهمته الوزارية يفيد بأنه تحمل المسؤولية، وأراد أن يمحو أثر المشاركة". وقال نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية تعليقاً على مغادرة الداودي للحكومة: "لن ننسى فضله وبلاءه في الحزب والأمة"، واستبعد أن يؤثر الأمر على حكومة سعد العثماني وعلى حزب العدالة والتنمية، نافياً أن يكون "البيجيدي" رضخ لضغط "فيسبوك"، بل لاقتناعه بأن ما قام به الداودي "عمل غير مناسب".