أجواءُ توتّر جديد بين الحكومة والمركزيات النقابية تلوح في الأفق، بعد إعلان سعد الدين العثماني عزم حكومته على الشروع في تفعيل العرض الذي قدمته إلى النقابات العمالية، خلال جلسات الحوار الاجتماعي، حتى ولو لم يتم توقيع أي اتفاق معها. العثماني قال، في اجتماع اللجنة الوطنية لحزب العدالة والتنمية، يوم السبت الماضي، إن الحكومة عازمة على تطبيق جزء من العرض الذي قدمته إلى المركزيات النقابية، وستنزّله في ميزانية السنة المقبلة، حتى في حال عدم توقيع اتفاق مع النقابات. وكانت الحكومة قد عرضت على النقابات العمالية زيادة في الأجور بقيمة 300 درهم صافية، بالنسبة إلى موظفي القطاع العام، المرتّبين ما بين السلم ال6 وال10؛ غير أنّ النقابات رفضت هذا العرض، معتبرة أنه لا يستجيب لتطلعاتها، وطالبت الحكومة بالمزيد. ويبدو أنَّ عزم الحكومة تطبيق جزء من العرض الذي قدمته إلى النقابات، دون الوصول إلى توقيع اتفاق معها، سيوتّر العلاقة بين الطرفين. وقال علال بلعربي، القيادي في نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن "جوابنا على رئيس الحكومة هو الإضراب العام الذي سنخوضه الشهر المقبل". الكونفدرالية الديمقراطية للشغل دعت إلى إضراب عام يوم 20 يونيو، كردّ على العرض الحكومي، الذي وصفه بلعربي ب"الهزيل"، وأردف قائلا: "نحن نرفض هذا العرض رفضا باتا، وإذا كنّا سنقبل زيادة ثلاثة دراهم في اليوم في أجور الموظفين؛ فنحن، إذن، لسنا حركة نقابية". وبالرغم من تأكيد سعد الدين العثماني على عزم حكومته تطبيق جزء من عرضها للنقابات العمالية، فإنه حاوَل، خلال حلوله ضيفا على الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسات العامة في مجلس النواب اليوم الاثنين، ترْك جسر الحوار بين الحكومة والنقابات ممدودا. وقال العثماني إنَّ جولات الحوار الاجتماعي، وإنْ لم تُؤدّ إلى اتفاق، "تمخضت عنها مجموعة من النتائج التي نعتبرها إيجابية"، منوّها ب"الجو الإيجابي والمسؤول الذي طبع جلسات الحوار، والذي يعكس الجدية والإرادة المشتركة لمختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين في بلورة توافقات توازن بين مصالح الشغيلة والحفاظ على صحة وتنافسية اقتصادنا الوطني. وفي خضمّ توسع الهوّة بين النقابات العمالية المعنية بالحوار الاجتماعي والحكومة، ترك العثماني باب الحوار مواربا، إذ قال أمام البرلمانيين في مجلس النواب إن "الحكومة متشبثة بالاستمرار في الحوار الاجتماعي مع كافة الفرقاء، وأن بابها لا يزال مفتوحا، بحكم أن هناك بعض النقاط ما زالت تحتاج إلى نقاش"، دون أن يحدد طبيعة هذه "النقاط". في المقابل، قال علال بلعربي إنَّ على الحكومة أن تعيد النظر في العرض الذي قدمته للمركزيات النقابية، إذا أرادت أن ينجح الحوار الاجتماعي، موضحا "إذا فشل الحوار فهذا راجع إلى غياب الوعي الاجتماعي والسياسي لدى الحكومة؛ لأن العرض الذي قدمته لا يتلاءم والوضع الصعب جدّا على المستوى المعيشي للطبقة العاملة"، وتابع "الزيادة التي اقترحتْها الحكومة في أجور الموظفين هي إهانة لهم".