أصبح إقبال المغاربة على الأداء الإلكتروني يتطور بشكل لافت في السنوات القليلة الماضية، وهو تطور تواكبه مؤسسات الدولة والبنوك بسعيها المتواصل إلى نزع الطابع المادي على عدد من الخدمات والإجراءات التي يكلف بعضها وقتاً كبيراً. ويتجلى هذا الإقبال الكبير من خلال أرقام صدرت مؤخراً عن المديرية العامة للضرائب حول أنشطة سنة 2017، حيث أوردت أن عمليات الأداء الإلكتروني لخدماتها بلغ السنة الماضية مليونا و554 ألفا و422 عملية، بزيادة نسبتها 513 في المائة مقارنة مع سنة 2016. تطور كبير ولافت حُقق في ظرف سنة واحدة، ارتفعت معه نسبة توجه المغاربة إلى أداء مختلف الضرائب إلكترونياً، سواء عبر تطبيقات الهواتف الذكية التي توفرها البنوك لزبنائها أم من خلال الموقع الرسمي الخاصة بالخدمة المطلوبة. وقد أسهمت التسهيلات الإجرائية غير المادية في أداء الضرائب في ارتفاع الأداءات التلقائية للمنخرطين بنسبة 139,1 مليار درهم، حيث ارتفعت سنة 2017 المداخيل المتأتية عبر الأداء الإلكتروني لتصل إلى 106,99 ملايير درهم بنسبة ارتفاع بلغت 29,6 في المائة مقارنة مع سنة 2016. وقد بدأت المديرية العامة للضرائب بالعمل بالأداء الإلكتروني منذ سنة 2015، وكان لهذه الخطوة أثر على الضريبة الخاصة السنوية على السيارات، حيث بلغت سنة 2017 مداخيلها إجمالية 2,3 مليار درهم، بزيادة نسبتها 6 في المائة مقارنة مع سنة 2016. ومقابل التطور الذي سجلته المديرية العامة للضرائب، تشهد العمليات الإلكترونية أيضاً الخاصة بالبنوك ارتفاعاً كبيراً، فقد باتت كل المؤسسات البنكية تسارع الزمن لإتاحة إمكانية أداء مختلف الفواتير في التطبيقات الموجهة إلى الزبناء، والتي تتيح أيضاً إدارة سهلة ويسيرة لحساباتهم البنكية. ولم تعد تقتصر هذه التطبيقات على تدبير الحساب البنكي، وإرسال الأموال واستلامها؛ بل باتت توفر خدمات أخرى، من قبيل أداء فواتير الماء والكهرباء الخاصة بجميع الوكالات المكلفة بتدبير هذا القطاع والهاتف والأنترنيت، وأداء رسوم "جواز" الخاص بالطرق السيارة. ويشير آخر تقرير لمركز النقديات، صدر بداية أبريل الماضي، إلى أن الأداء عر الإنترنيت بالمغرب حافظ على ارتفاعه المستمر في الفصل الأول من السنة الجارية، حيث سجل ارتفاعاً ب39 في المائة، خصوصاً فيما يخص بخدمات الحكومة الإلكترونية. وفي الأسابيع الماضية، شهد المغرب إطلاق خدمة الأداء عبر الهاتف، وبالرغم من أنه تأخر إخراجه إلى الوجود، فإن إطلاق هذه الخدمة سيسهم في تحول كبير في تعامل المغاربة مع الأداء اللامادي، حيث جرى إخراجه إلى حيز الوجود بعد عمل مشترك بين البنك المركزي والهيئة الوطنية لتقنين المواصلات والبنوك الرئيسية والفاعلين في مجال الاتصال. ويتيح الأداء بواسطة الهاتف المحمول للمستهلكين أداء مختلف المشتريات انطلاقاً من الهاتف النقال، حيث يتم احتساب قيمة هذه المعاملة سواء على البطاقة البنكية أم على فاتورة الفاعل أم على محفظة إلكترونية. ويعتبر الأداء عبر الهاتف المحمول آلية مبتكرة ذات مؤهلات تتجاوز المعيقات التي تواجه صيغ الأداء الالكتروني، وتعتبر بديلاً عملياً عنها في بعض المعاملات المالية، ومن شأن هذا النوع من الأداء أن يسهم في توسيع دائرة الأداءات الإلكترونية أكثر فأكثر. وسجل المغرب تأخراً في هذا المجال، خصوصاً أن دولا مثل غرب إفريقيا حققت تقدماً ملموساً في هذا المجال منذ سنوات، ويرى خبراء الفدرالية المغربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن هذا الوسيلة رهان مهم بالنسبة إلى المغرب ما دامت نسبة الولوج إلى الأنترنيت جيدة، إضافة إلى الاستعمال الكبير للهواتف الذكية بين شريحة واسعة من المغاربة. وحسب أرقام الفيدرالية التي تجمع العاملين في هذا المجال، فإن هذا الورش يحتاج استراتيجية من لدن الحكومة والفاعلين في القطاع، من أجل تقليص نسبة الأداء نقداً، والذي لا يزال يشكل 80 في المائة من مجال التجارة بالمغرب، بسبب ضُعف ولوج عدد من المواطنين خارج المدن الكبيرة إلى الخدمات المصرفية.