بالرغم من أن جبهة "البوليساريو" الانفصالية كانت قد اتجهت نحو السرعة القصوى لتحييد موقف الاتحاد الأوروبي من اتفاق الصيد البحري، حتى لا يشمل منطقة الصحراء المغربية، فإن قادة أوروبا عازمون على توقيع البروتوكول الجديد مع احترام سيادة المغرب على صحرائه، مشددين على "ضرورة التوصل إلى اتفاق جدي قبل 14 يوليوز المقبل". وأجمع كبار قادة أوروبا، خلال اجتماع عقدته المفوضية الأوروبية بحر الأسبوع الماضي بشأن تقدم مفاوضات توقيع بروتوكول الصيد البحري، على ضرورة الإسراع بالتوصل إلى اتفاق ينهي حالة "البلوكاج" والانكباب على تفعيله. كما شكل لقاء المفوضية فرصة مواتية لإعلان موقفها من السيادة المغربية، التي تعتبر خطاً أحمر بالنسبة إلى الرباط. وفي السياق، عبّرت جبهة "البوليساريو" عن انزعاجها من رغبة المفوضية الأوروبية في إقحام الصحراء في البروتوكول المتعلق بالقطاع الفلاحي والصيد البحري الذي يجري التفاوض بشأنه مع المغرب؛ فقد أعرب المسمى محمد سيداتي، "الوزير الصحراوي المنتدب لأوروبا"، عن قلقه إزاء النية المعلنة للمفوضية الأوروبية بتوسيع نطاق تطبيق اتفاقيات الاتحاد الأوروبي والمغرب إلى الصحراء". وفي بيان صادر رداً على المناقشات التي احتضنتها المفوضية، حول حالة تقدم المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بشأن اتفاقيات المصادقة على البروتوكولات المتعلقة بالقواعد الأصلية، في اتفاق الشراكة واتفاق الصيد البحري، قال المسؤول الانفصالي: "إننا نسجل بقلق النية المعبر عنها خلال النقاش من طرف ممثلي المفوضية بتوسيع كل من اتفاق الشراكة وتحرير المنتجات الزراعية واتفاق الصيد البحري مع المغرب ليضُمَّ الصحراء". وفي الوقت الذي طالبت فيه عدد من الدول الأوروبية بالإسراع في توقيع البروتوكول الجديد الخاص بالاتفاق البحري، مع الأخذ بعين الاعتبار سيادة المغرب على صحرائه، قال القيادي الانفصالي إن "من الجلي أن الإجراءات المرتقبة ترمي إلى التحايل على قرارات محكمة العدل الأوروبية"، مبرزاً أنه "في نهاية شهر فبراير خلصت محكمة العدل الأوروبية إلى أن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا ينطبق على الصحراء". وفي رسائل تهدف إلى تمويه أعضاء المفوضية الأوروبية ودفعهم إلى اتخاذ قرارات تخدم مصلحة التنظيم الانفصالي، ندّد سيداتي بما سماه "الموقف المتعالي بل المحتقر لممثلي المفوضية الأوروبية إزاء محكمة العدل الأوروبية"، معرباً عن "أسفه للمصطلحات المستعملة من طرف ممثلي المفوضية". وقد استعمل موظفو المفوضية مصطلحات تتماشى مع الطرح المغربي ك"أقاليم" عوض "أراضي الصحراء الغربية المحتلة"؛ وهي مصطلحات اعتبرها المسؤول الانفصالي تتناقض مع لوائح الأممالمتحدة وتبين احتقارها لوضع الصحراء كأراض غير مستقلة خاضعة لمسار تصفية استعمار تقوده الأممالمتحدة. وحرص الأوروبيون على استعمال عبارة "السكان المحليين" بدل "شعب الصحراء الغربية" لتأتي متناغمة مع مبادئ الرباط، التي تتشبث بطرح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، لإنهاء النزاع في الصحراء؛ فيما اعتبر المسؤول في "البوليساريو" توظيف هذه المصطلحات "محاولة تشويه الحقيقة وتهميش الممثلين الشرعيين لشعب الصحراء وهي الجبهة". يشار إلى أن الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كانت قد صادقت دون أيّ اعتراض على الدخول في مفاوضات مع الرباط من أجل الشروع في تجديد اتفاق الصيد الحالي الذي سينتهي في يوليوز المقبل، عكس ما سعت إليه جبهة البوليساريو الانفصالية. وينص التفويض الجديد، الصادر من أعلى هيئة تقريرية للاتحاد الأوروبي، على أن المياه الواقعة قبالة سواحل الصحراء المغربية ستشملها الشراكة في مجال الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وكان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، قال، في تصريح سابق لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن تفويض المجلس الأوروبي اليوم يُؤكد ما سبق أن أعلنه المغرب منذ بداية صدور قرار محكمة العدل الأوروبية، وأن "لا شيء في حكم محكمة العدل الأوروبية يضع شرعية المغرب في عقد اتفاقات مع الاتحاد الأوروبي في المحك، حتى لو تعلق الأمر بشمل الصحراء المغربية".