على غرار حملة "خليه يريب"، الداعية إلى مقاطعة ثلاثة منتجات استهلاكية رئيسية تهم الماء والحليب ومشتقاته والوقود، والتي يبدو أنها حقَّقت بعضاً من أهدافها، بعدما أبْدَتْ الحكومة تفهمها لمطالبة المقاطعين بتخفيض الأسعار، أطلق نشطاء مغاربة "هاشتاغ" جديدا يحمل اسم "خليها تحماض"، في إشارة إلى مقاطعة "الحريرة"، التي لا تكاد تخلو منها موائد الأسر المغربية خلال شهر رمضان ويرجع الواقفون وراء حملة "خليها تحماض" إطلاقهم هذا "الهاشتاغ" إلى ارتفاع ثمن الحمص، الذي بلغ مستويات قياسية مع أول أيام شهر رمضان، خاصة في المدن الكبرى للمملكة، ما دفع عددا من الأسر المغربية المعوزة إلى الاستغناء عن تحضير "الحريرة"، التي تعتبر مادة رئيسية لدى المغاربة خلال "شهر الصيام". ودعا نشطاء "المقاطعة"، الذين اهتدوا إلى إطلاق حملة "خليها تحماض"، في إشارة إلى مقاطعة "الحريرة"، الحكومة إلى تفعيل ما وعدت به قبل أيام بخصوص تتبع الأسعار ومراقبة المنافسة، مطالبين إياها بالتدخل من أجل تخفيض أسعار بعض المنتجات الحيوية والضرورية في شهر رمضان، وفي مقدمتها مادة الحمص. وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، طمأن المغاربة حول وضعية تموين السوق الوطنية ومستوى أسعار المواد الأساسية، خاصة تلك التي يكثر عليها الطلب خلال هذا الشهر، الذي يشهد أحياناً زيادات خيالية في أثمان بعض المنتجات، إلا أن عددا من الأسر المغربية فوجئت بارتفاع صاروخي لأسعار بعض المواد التي يكثر عليها الطلب خلال شهر رمضان، خاصة الحمص الذي تجاوز سعره في السوق الوطنية 30 درهما. وفي وقت يُعتبر مادة أساسية لتحضير "الحريرة"، وصل سعر الحمص في بعض المدن المغربية إلى 40 درهما للكيلوغرام الواحد؛ فيما تجاوز سعره 30 درهما للكيلوغرام في بعض أسواق المملكة، بعدما كان ثمنه لا يتعدى 12 درهما قبل أسابيع، وهو ما دفع عددا من النشطاء المغاربة إلى مقاطعته على غرار باقي المنتجات الاستهلاكية المشمولة بحملة "خليه يريب". وكان لفتيت أكد أن "الوضعية العامة للتموين والأسعار تتسم بعرض وافر ومتنوع يستجيب لجميع الحاجيات، لاسيما من المواد والمنتجات الأكثر استهلاكا خلال رمضان". ويعزو المهنيون ارتفاع ثمن الحمص والعدس إلى تكاليف الإنتاج الباهظة، والتي تجعل هامش ربح الفلاحين ضعيفا، كما أن المضاربات في أسواق الجملة تجعل ثمن بيعه للعموم يرتفع نسبياً، إذ إن الطلب المتزايد على القطاني خلال شهر رمضان في مقابل قلة العرض كان سبباً مباشراً في هذا الارتفاع في السعر. وفي السياق ذاته، يرجع المحلل الاقتصادي عمر الكتاني ارتفاع سعر الحمص والعدس إلى ضعف رقابة الحكومة والسلطات المختصة، إذ إن "السياسة الاقتصادية التي تتبعها الدولة في هذا المجال، والتي تقوم على اقتصاد السوق وتحريره، أثّرت بشكل سلبي على سعر بعض المواد الاستهلاكية، خاصة في ظل احتكار بعض الشركات للسوق الوطنية"، حسب تعبيره. ويوضح الخبير الاقتصادي أن "مسؤولية الدولة في تحديد الأسعار وضبط توازنها تبقى قائمة"، قبل أن يعود إلى "الظرفية الاقتصادية الدولية وتوازنات سعر البترول الذي يتحكم في باقي أسعار المواد الأخرى". وأورد الكتاني أن "حكومة العثماني لا تملك تصوراً واضحا لتبني سياسة "احترازية" قصد محاربة الاحتكار الاقتصادي"، وزاد: "حتى المبادرات الحكومية الحالية تبقى متجاوزة لأنه ليس هناك توازن ما بين هامش الربح التي تحققه الشركات الكبرى وعوائد النفع على المواطن البسيط".