عبر برلمانيون عن رفضهم محاكمة رجال ونساء الإعلام بمقتضيات القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر الذي ينظم المهنة؛ وذلك خلال مناقشة القانون القاضي بتغيير وتتميم القانون المتعلق بالصحافة والنشر، الثلاثاء، بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بحضور وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج. وأجل البرلمانيون المشروع الذي تعتبره الحكومة "يهدف إلى تعزيز المبادئ المتعلقة بشروط ممارسة الصحافة"، إلى غاية تنظيم يوم دراسي يحضره المهنيون والأوساط المعنية لتسليط الضوء على المستجدات التي جاء بها وتفكيك المفاهيم التي تبدو غامضة، من قبيل محاكمة صحافيين بتهمة الإشادة بالإرهاب. حنان رحاب، عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أكدت أن تهريب بعض مقتضيات الصحافة والنشر نحو القانون الجنائي يستلزم نقاشا مستفيضا بحضور وزيري العدل والاتصال، والتدقيق في مفاهيم الإشادة بالإرهاب التي يمكن أن تجر صحافيين إلى المتابعة. وقالت رحاب: "لا يمكن أن نشرع لمحاكمة صحافي بالقانون الجنائي دون أن نبسط المفاهيم، أو نحاكمه بناء على تعريفات فضفاضة غير محددة يمكن أن تكون مستقبلا سيفا يسلط على رقاب صحافيين وصحافيات". وأوردت النائبة البرلمانية أن "المواقع الإلكترونية باتت اليوم مستهدفة أمام هذا القانون، ولا يمكن التراجع عن حرية التعبير والصحافة". بدوره، قال محسن موفيدي، عن فريق حزب العدالة والتنمية، إن التعديلات التي أدخلت على مشروع قانون الصحافة والنشر "تضم أمورا مقلقة، خصوصا أن نقل بعض المواد إلى القانون الجنائي يثير الكثير من التخوفات حول مستقبل حرية الإعلام". ويرى موفيدي أن ترك الباب مفتوحاً أمام التأويلات، خصوصا في القضايا المتعلقة بالإرهاب والإشادة به، "قد يكون مدخلا قانونيا لمحاكمة الإعلاميين وتقييد حرية الصحافة ببلادنا"، قائلا في تصريح لهسبريس: "الصحافي يمكن أن يقع في أخطاء غير متعمدة وليس بنية الإشادة بالإرهاب، فهل سنعاقب هذا الشخص مباشرة بالإحالة على القانون الجنائي؟"، مستدركاً: "هذا أمر غير معقول وغير مقبول". العضو في لجنة التعليم والثقافة والاتصال وجه اتهامات إلى وزارة الداخلية بالوقوف وراء المضايقات التي تطال الصحافة، مورداً: "نحن نعرف أن وزارة الاتصال غير مسؤولة وحدها على التجاوزات التي تقع، لكن الحكومة تتحمل مسؤوليتها، خصوصا وزارة الداخلية". ردا على هذه الانتقادات، شدد وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، على أن المشروع الجديد لا يمكن له أن يلغي المكتسبات التي جاء بها دستور المغرب المرتبطة أساسا بالحقوق والحريات والحق في الإبداع، المنصوص عليها في المادتين 22 و23. وفي استعراضه للنقاط الايجابية التي تضمنها النص، قال المسؤول الحكومي في تصريح لهسبريس: "المشروع يسعى إلى استثناء المطبوعات الدورية الإدارية أو العلمية، سواء كانت على حامل ورقي أو إلكتروني، من شرط التوفر على صفة مدير للنشر قصد تشجيع المطبوعات العلمية والأكاديمية". وأضاف الوزير أن "القانون الحالي ينص على ضرورة توفر مدير النشر على شهادة الإجازة أو ما يعادلها، لكن في المشروع الجديد، وفي إطار الملاءمة، توصلنا بمراسلات تفيد بأن هناك مدراء نشر لا يتوفرون على هذا المستوى الدراسي، لكن لديهم أقدمية مهمة تبلغ عشر سنوات وهي مدة كافية تعادل الإجازة لكي تحصل على بطاقة الصحافي المهني". هامش حرية الصحافة في تزايد مستمر بالمغرب، بحسب الوزير الأعرج، الذي أورد أن "الإحصائيات الأخيرة إلى حدود دجنبر 2017 بينت أن 656 موقعا إخباريا قام بملاءمة وضعيته الإدارية، وهو خط تصاعدي مهم". وأكد وزير الاتصال أن الحكومة تسعى إلى تعزيز الطابع المؤسساتي للمقاولات الإعلامية الإلكترونية، من خلال الترسانة القانونية لتنظيم القطاع والدعم على المستويين البشري والمالي.