في أجواء مُنْتَقِدَةٍ للعرض الحكومي الذي وُصِفَ ب"الهزيل" من قبل النقابات، احتفلت نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بذكرى عيد العمال الأممي، صباح اليوم الثلاثاء في ساحة باب الأحد بالعاصمة الرباط، بحضور العديد من القيادات الاستقلالية، أبرزها رئيس الحكومة السابق عباس الفاسي، والأمين العام الحالي نزار البركة، إضافة إلى النعمة ميارة، ورئيس المجلس الوطني للحزب، شيبة ماء العينين. وفي كلمته أمام الحشود المجتمعة، قال البركة إن "المغرب في حاجة ماسة إلى تعاقد اجتماعي جديد من أجل بلورة التصور التنموي الجديد الذي دعا إليه الملك محمد السادس"، مشددا على أن "الحكومة مطالبة بالتحلي بالمسؤولية في عرضها ومفاوضاتها، وكذلك أمام المواطنين الذين يعانون من غلاء الأسعار والمعيشة". وأضاف البركة أن "نقابة الاتحاد العام للشغالين كانت تطمح لأن يكون فاتح ماي يوما للاحتفال بنتائج الحوار الاجتماعي، عبر الزيادة الحقيقية في أجور الموظفين، ودعم الحد الأدنى لأجور موظفي القطاع الخاص، فضلا عن تعزيز حرية ممارسة العمل النقابي، وسَنِّ قوانين تَكْفَلُ كافة الحقوق للطبقة الشغيلة المغربية". وأورد الأمين العام لحزب الاستقلال أن "الحوار الاجتماعي هو تفاوض من أجل الوصول إلى تعاقد ومكاسب للطبقة الشغيلة، لكن في ظل غياب هذا التعاقد فلن يكون هناك حوار حقيقي"، مؤكدا أن حزبه يريد الوصول إلى حل بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، "لأن الوضع الذي وصلت إليه البلاد خطير، خصوصا خلال سنوات الست التي خلت". واستعرض البركة مجموعة من الأرقام التي تَكْشِفُ تردي وضعية الأسر المغربية؛ إذ سجل أن 33 في المائة من الأسر المغربية لا تستطيع أن تنهي شهرها دون اللجوء إلى الدين والسلف، مشيرا إلى "حدوث ارتفاع مهول في مديونية الأسر؛ لذلك بات من الضروري أن تتحرك الحكومة للرفع من الأجور بُغْيَةَ الحد من تقهقر الطبقة المتوسطة التي تتراجع يوما بعد يوم". وقارن البركة بين "حكومة عباس الفاسي، التي اعتبرها تاريخية بفضل اتفاق 26 أبريل، الذي زاد مبلغ 600 درهم لكل موظف، ورَفَعَ من الحد الأدنى للأجور في الوظيفة العمومية، وبين حكومة سعد الدين العثماني، التي ساهمت في الإجهاز على أجور العمال، ورفعت من نسب البطالة المستشرية"، على حد قوله. من جهته، قال النعمة ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن "الطبقة الشغيلة توجد في منعرج خطير، سمي بالحوار الاجتماعي، في حين إنه ليس سوى وعود زكاها خروج الحكومة بتصريح يوم أمس الاثنين بخصوص استمرار المفاوضات مع النقابات"، معبرا عن رفض مركزيته التأشير على اتفاق "يفضي إلى وفاة العمل النقابي بالمغرب". وأضاف ميارة في كلمته أن نقابة "الاتحاد العام للشغالين لن تقبل مخرجات الحوار الاجتماعي، سواء وقعت عنها الحكومة وحدها أو بمعية أطراف نقابية أخرى"، داعيا إلى "الحد من تسويف العمل النقابي، وحل الملفات العالقة، مثل صندوق المقاصة، وإصلاح الضرر الذي طال القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة المغربية بسبب السياسات الحكومية". واتهم ميارة حكومة العثماني بأنها ماضية في تزكية عمل "الموقف" الذي حاربته النقابات منذ عهد الاستعمار؛ وذلك بتدمريها للطبقة الوسطى، وجَرِّهَا نحو الفقر، مطالبا بتوفير فرص شغل لائقة داخل المصانع، ومؤسسات الانتاج المحترمة، التي "لن تتوفر إلا باحترام الأسس القانونية، وعلى رأسها مدونة الشغل"، على حد تعبيره. وأشار المتحدث ذاته إلى أن "العديد من المشتغلين في القطاع الخاص يعيشون أوضاعا مزرية"، خصوصا من يشتغلون في شركات المناولة والنظافة والحراسة، التي اعتبرها "مصيبة الشغيلة المغربية"، منتقدا غياب استراتيجية توفير فرص الشغل لدى الحكومة، التي وصفها ب"حكومة تصريف الأعمال وتسيير كل يوم من عمرها على حدة".