سنحاول في هذه الورقة أن نسلط بعض الضوء على هذا الموضوع: الفاعل الاجتماعي كسلطة للتغيير في مقابل العميل أو الوكيل. ومن الناحية التاريخية قد ظهر مفهوم الفاعل في ثمانينيات القرن الماضي 1980 حيث ساد مفهوم الوكيل أو العميل في فترة سابقة. ويحيل مفهوم الوكيل او العميل على منظور حتمي ونجده حاضرا في أعمال بورديو مثلا. الوكيل أو العميل ليس له أي دور داخل الفعل الاجتماعي سوى انه يخضع لتأثير قوالب جاهزة وسابقة عليه و يرزخ تحت سيطرة اجتماعية وثقافية و رمزية يمارسها عليه الحقل والرمز والهابتوس. بينما مفهوم الفاعل أو مقاربة الفاعل فإنه من المسلم به أن وضعية الفعل بالنسبة له هي أولية وأساسية ويعتمد على استراتيجيات لبلوغ أهدافه. ونجد التصورات النظرية حول هذا الزوج المفهومي الفاعل والعميل، توزعت على ثلاث زوايا للنظر: الأولى شكلت تمهيدا للتفكير فيه وهي المقاربة التفهمية التي كان ماكس فيبر رائدها. والثانية هي المقاربة التقليدية الموضوعية التي تبلورت مع دوركهايم. أما الثالثة فهي المقاربة التفاعلية التي انتشرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية مع مدرسة شيكاغو. أولا منظور الفهم: إنه المنظور الذي يسعى إلى فهم المعنى الذي يضعه الأفراد لأفعالهم. إن هدف العمل السوسيولوجي هو أن يجعل السلوكات جلية وملموسة مع إضفاء طابع العقلانية على الفاعل.لذلك فإن هذا التياريعتبر أن موضوع السوسيولوجيا الأساسي هو الفعل الفردي و أن الفهم ينصب على فعل الفرد من أجل تحديد المعنى الكامن فيه. وهنا نجد ماكس فيبر يعرف السوسيولوجيا باعتبارها سوسيولوجيا للفهم أي العلم الذي يستهدف الفهم انطلاقا من تأويل الفعل الاجتماعي. ومن ثم التفسير السببي لحدوث ذلك الفعل ولنتائجه. وما يقصده فيبر بالفعل هو السلوك البشري الذي يودعه الفاعل أو الفاعلون معنى ذاتيا. ويمكن أن نقول أن فيبر هنا يعد بحق رائد الفردانية، وقد نسير إلى الحد أن Raymond Boudon استضاء بأعمال فيبر في هذا البعد الذاتي لنحت مبدأ الفردانية المنهجية Individualisme méthodologique . أما المنظور الثاني وهو منظور التقليد الوضعي. إن هذا المنظور الوضعي يعود إلى دوركهايم كأحد المؤسسين خاصة في كتابه قواعد منهج علم الاجتماع الذي صدر سنة 1895، وعلى غرار المنظور الكلياني فإنه لا يهتم بالفرد إلا في حدود أن سلوكه يحمل أثر المؤسسات الاجتماعية. إننا لا نفكر على مستوى الفرد و لكن على مستوى المجتمع، إن الاهتمام ينصب على الحوامل الجماعية لوجود المجموعة ( المؤسسة،المدرسة، الذاكرة الجماعية ل Halbwachs نظام التبادل Mauss ) وأيضا سيرورات التنشئة الاجتماعية، إنه في هذا التقليد نستعمل أكثر مفهوم العميل Agent كموجه سلبي يحكمه ما هو جمعي. الوكيل أو العميل يتحدد عبر الطريقة التي تَرَسَّخ فيها الجماعي في الفرد في أشكال فعله و تفكيره، إنها إشكالية الاستدخال incorporation كما نجد مفهوم التضامن الذي يعد مفهوما مفتاحا بالنسبة لدوركهايم وأما عند بورديو Pierre Boudieuيحضر مفهوم الهابيتوس الذي يحدد فيه الفرد استسلامه نحو السابق عليه وينقاد لسلطانه. إن بورديو من خلال هذا يعمل على تشريح الوضع الاجتماعي لكنه لا يعتبر الفاعل قادرا على تجاوز هذه المحددات التي تشرط وجوده و تتحكم فيه. يمكن أن نلاحظ على السوسيولوجيا الكلاسيكية تطرح فيها فكرة للفرد أي أن مكانة الفاعل الاجتماعي كانت غائبة ؛و قد ركزت كل اهتمامها على المجتمع. وذلك بسبب سيادة الإتجاه الوظيفي المحافظ على السوسيولوجيا وقتئذ. و هنا ننتبه إلى الملاحظة الأتية: الواقع أنه كلما كثر الحديث عن المجتمع بقدر ما يقل الحديث عن الفاعلين الاجتماعيين. ونحيل هنا إلى أن التفكير في الفاعل الاجتماعي الذي نحن بصدد الحديث عنه، كان منطلقه مع Alain Touraine(1982) Mouvements sociaux d'aujourd'hui : acteurs et analystes حيث اختلف المنظور ليبدأ التفكير في الوحدة المشكلة للمجتمع؛ وهو ما يستدعي تفسير الأسباب وراء ذلك.الذي يرجع الوضع فيه إلى تظافر عدة عوامل منها على سبيل المثال بروز الفردانية و الحرية ( التفكير البراغماتي) في أبهى تجلياتها كما أن الفرد أصبح يعي دوره في التغيير فلا يمكن أن نكتفي بالمبادئ العامة وحدها التي تؤسس لفكرة الكل من أجل الثبات وحده، بل وجب التفكير مع الفرد و الذات ومنطق الأنا بذل مبدأ النحن الجمعي، لذلك فإن موضوع السوسيولوجيا قد كف أن يكون المجتمع لكي يصبح السلوكات والعلاقات الاجتماعية. المنظور الثالث: الاتجاه التفاعلي. استفاد المنظور التفاعلي من إسهامات مباشرة في أروبا على يد Simmel G صاحب كتابThe Metropolis and Mental Life 1903 ، وقد ظهر هذا المنظور في الولاياتالمتحدةالأمريكية كتيار يأخذ بعين الاعتبار البعد الرمزي للتفاعلات بين المجموعات و الأفراد لتحليل ظواهر ذات بعد فردي و جماعي ، فهنا وحدة القياس الأساسية ليس هو الفاعل، لكن وضعية التفاعل. و بالخصوص face to face . الفاعل يتشكل تدريجيا داخل عملية التفاعل و أثناءها ، كما يمكن أن تحضر في هذا المنظور استراتيجية أو منهجية فعالة، لكنها تعود إلى سياق معين وليس إلى خصائصها الأساسية؛ نحن نعير اهتماما إلى تطورها في سيرورة التفاعل. وما نلمسه هنا أن أطروحة الانتقال من العميل إلى الفاعل، قد مرت عبر المنظورات: التفهمية، الموضوعية والتفاعلية. وهي هنا تفصح عن فكرة تستند في تشكيلها إلى مسار هذه المنظورات المتدرجة على كونها تتقاطع و تغذي بعضها البعض بدون أن تعيد التاريخ، وجدير بنا أن نبحث عن عتبات الانتقال من مقاربة إلى أخرى. لذلك نطرح هذا السؤال المشروع: ما هي العوامل التي تبرر القول بالفاعل؟ وهنا يمكن الحديث عن عوامل أربعة، مرتبطة فيما بينها لتقديم تبرير حول عودة الفاعل. أولا الموقف من رفض الحتمية: وعلى الخصوص تضآل قوة التفسير لبعض المتغيرات الكبرى، وعدم قدرتها على استيعاب بعض المواضيع هي ما يبرر الاهتمام باستقلالية سلوك الفاعل، يجب القول انه حتى تحت الاكراهات القاهرة فالفاعل يملك هامش التصرف و الفعل ضمن حدود اختياراته، وأن مهمة التحليل هي فهم هامش المناروة هذا، إن هذا الموقف يقع ضمن سياق ثقافي محدد و هو أفول و تراجع المقاربات البنيوية والماركسية، و كذلك تعميم واختراق الاقتصاد الجزئي Micro- économie لمجال العلوم الانسانية. العامل الثاني هو نظري أي عودة المقاربات الميكروسوسيولوجية التي تفرضها مواضيع البحث. ولكن خصوصا مع تنامي الحذر تجاه التفسيرات الشمولية والعمودية على صعيد المجتمع. أيضا فيما يخص المواضيع Thématiques التي هي أساسا المُوجه لعودة مفهوم الفاعل وضرورة تحليل التغير الاجتماعي، إن الدافع وراء ذلك كان نظريا، حيث أن النظريات المهيمنة ركزت على إعادة انتاج الأنظمة ولم تهتم بتحولاتها، كما استلهمت من الملاحظة المباشرة المستمدة من الواقع ما يمكن الحديث عنه في إطار ظهور طفرات مهمة في المجتمع خصوصا تراجع البنيات التقليدية على مستوى المجتمع وبداية تشكل تمايزات distinctions داخله. الرغبة في الاهتمام بالصراعات التي تركتها المقاربة الاندماجية -التي تسعى عبر آلياتها إلى تماهي الخاص وإذابته فيما هو عام وشمولي وهو ما يعطي الانطباع بالوحدة والانسجام- جانبا، أو أنها لم تدرسها إلا كفشل اجتماعي. إننا نجد هذه الاهتمامات في مجموع المواضيع السوسيولوجية، لكن سؤال الفاعل يتواجد خاصة في ثلاث ميادين: الفاعل على مستوى التنظيمات: إن الفضل يعود إلى سوسيولوجيا التنظيمات و خاصة تلك الخطوة التي تتطلب الدخول لتفكيك آلية الفعل الداخلي لهؤلاء الفاعلين الجماعيين Acteurs collectifs و عدم اعتبارهم فقط كليات مستقلة. لكن بالأحرى العودة إلى مستوى الفاعلين الفرديين والجماعات الفرعية التي تُكون المؤسسة أو المقاولة. إن هذه السوسيولوجيا تهتم بشروط تحسين العمل التنظيمي كأحد أهدافها. وهو هدف بعيد عن مرمى السوسيولوجيا النقدية. يمكن أن نقول أن سوسيولوجيا التنظيمات انطلقت من البحث عن الفارق في مستوى أداء التنظيم و بين الأداء الحقيقي على سبيل المثال في هيكلة التنظيم والتوزيع الحقيقي للسلطة. تحت تأثير Crozier كان الاهتمام بمفهوم السلطة التي يمارسها أعضاء التنظيم، وكذا الاهتمام بمختلف الاستراتيجيات التي يستخدمونها في هذا السياق. فمفهوم النسق هنا يدل على أنه محصلة نتاج أو مجموع الاستراتيجيات كأنها ترتيبات أخذت في البروز وهي ليست بالضرورة شكلانية. في المستوى الذي يملك فيه الفاعلون هذه القابلية للتدخل في إطار الفعل، فقد تحول الاهتمام إلى مستوى إنتاج القوانين الجماعية من خلال مفهوم التعديل la régulation ، لا يتعلق الامر بتوضيح أو إزالة الغموض عن أداء المؤسسة أو بإعادة إدخال الأهداف الفردية للفاعل بل بالتساؤل حول شروط الفعل الجماعي و التعاون من خلال التفاوض و إنتاج القواعد و إعادة الثقة للفاعلين داخل المؤسسة. أي أن ما يهم هو هذا الجانب، حيث يكتسب الفرد سلطة تساعده بالقدر الكافي للتحكم في الرهانات و التحديات التي تواجهه. يعتبر Crozier أن الرهان والتحكم في منطقة اللايقين Zone d'incertitude هو ما يجعل الفاعل يتخذ استراتيجيات يصنع من خلالها السلطة pouvoir ، إذن السلطة ليست رأسية بالضرورة أي ترتبط بالمُدَبِّر ورب العمل فقط بل يتم التحكم فيها كلما أثّر الفاعل عبر منطقة اللايقينZone d'incertitude في الفاعلين الآخرين . تيار الاختيار العقلاني إن ظاهرة اجتماعية تفسر عبر تجميع السلوكات الفردية، مثلا ما يعتبره Raymond Boudon بالأثار غير المتوقعة، مثلا حيث أن خروج المستخدمين من العمل صوب بيوتهم على الساعة السادسة، كسلوك فرداني يؤدي إلى ازدحام الطرقات ويسبب اختناقا في المرور. ينبني منظور الاختيار العقلاني على مفهوم الإنسان الاقتصادي homoeconomicus أي الفاعل الذي يستطيع المزاوجة بين المصالح والعقلانية، أي بين العقلانية و الأداتية. إن نظرية الاختيار العقلاني تعتبر على أن الناس هم عقلانيون وتصدر عنهم أفعال حسب ما يرونه أنه أكثر الوسائل فعالية لتحقيق أهدافهم، أي المعادلة المستمرة لخيارات الوسائل في مقابل خيار الغايات ثم الاختيار بينها لما يمكن أن يجلب مصلحة أو يدفع ضررا. تحليل الأثر غير المتوقع للأفعال نعني به الآثار الناتجة عن تجميع السلوكات الفردية لكنها غير متوقعة في حساب الافراد. إن هذه الأفعال ليست دائما سلبية بل إيجابية ومفيدة، فبعضها يكبح الفعل وبعضها يشجعه لكن ما يجمعها أن نتائجها لا تكون دائما ملائمة لمقاصدها الأولى. إن الظواهر الاجتماعية ناتجة عن التصرفات الفردية التي تعطي نتائج لا تكون بالضرورة تلك التي يتوقعها الفاعلون وهي ما يسميه Raymond Boudon بالآثار غير المتوقعة. تعميق دراسة السلوك خاصة تشكيل الخيارات وعقلانية الفاعلين: الفردانية المنهجية لا تأخذ بعين الاعتبار الانتقادات التي وجهت لها بخصوص لا تاريخيتها أو نظرتها اللااجتماعية (بمعنى انها أضحت مقاربة سيكولوجية بدل اهتمامها موضوع علم الاجتماع ). لكن اهتمت بالانتقادات التي وجهت لها حول حدود العقلانية، الذي يمكن أن تتطور إلى صنفين: 1 بخصوص الفردانية المنهجية فالامتدادات تحرك علوم المعرفة وطريقة تحليل المعلومات. 2 فيما يخص التحليل الاستراتيجي حيث لم يعد المشكل هو تعقيد المعلومات ولكن اللايقين بخصوص سلوكات وخصائص الغير. فالتفكير يتوجه نحو أدوات اللعب أو الأدوار. مهما قال أصحاب هذا التوجه فإنه يستلهمون نظرية فيبرweber إنهم في الواقع بعيدون عن المنطق التفهمي بما أن بناء أسس منطق الفعل يتم في إطار وفي حدود عقلانية يحددها الفاعل، و من أهم النقط التي شكلت أساس نجاحها نجد : الانبهار بالنمذجة.( اعتمد فيبر لتفسير الفعل الاجتماعي على أنماط الفعل التي يقسمها حسب درجات:النمط المثالي الموجه بالعواطف والوجدان و النمط المثالي الموجه بالتقاليد، النمط المثالي الموجه بأهداف عقلية، و النمط المثالي الموجه بالقيم) كشف النقاب عن الدوافع الحقيقة للفعل. إمكانية التفكير في التغيير الاجتماعي بعيدا عن كل حتمية وكل طواعية: في المستوى الذي تكون فيه السيرورات الاجتماعية تنتج عن الأثر غير المتوقع . سوسيولوجيا الفعل: اهتم Alain Touraine بحقل سوسيولوجيا الفعل، والذي يدرس المجموعات الاجتماعية، وهي في حالة صراع من أجل فرض أو على الأقل الدفاع عن بعض التصورات ذات بعد تاريخي. إن مفهوم الصراع ليس مقتصرا مجاله على السياسة وحدها ؛ وإنما يمكن أن يمتد إلى مجالات أخرى (الحركات النسائية، الحركات الأيكولوجية وحركات المجتمع المدني..) و التي اخذت بطريقة عشوائية قضية الحركات العمالية. وهنا نحتاج إلى تفسير مظاهر هذه الامتدادات المعاصرة التي ساهمت في بلورة مفهوم الفاعل: إن مفهوم الفاعل تم الاختلاف حوله لأنه يتضمن دلالات مختلفة، غير أن الامتدادات الراهنة ليست ذات طبيعة ثورية لكنها تسمح بإضاءة استعمالات المفهوم الممكنة، ويمكن توزيعها على ثلاث أبعاد مختلفة لكي تتضح صورة الاستعمال التي نقصده من ورائه. من حيث: 1 خصائص الفاعلين 2 مسألة الفعل الجماعي 3منطق الفعل 1 خصائص الفاعلين: يتميز الفاعل الاجتماعي بأنه لم يعد ينحصر في بعد واحد ذو دلالة ماركسية ترتبط بالطبقة والصراع الطبقي الذي يحرك التغيير فقط، بل توزع مفهوم الفاعل، حتى لا يبقى لصيقا بمدلول معين؛ وحتى لا يبقى محصورا في فهم معين أي على الشخص أو الجماعة التي تجمع بين يديها كل خيوط اللعبة وتتحكم في الافراد، أو ذلك الشخص المدبر الذي يوجد في القمة على رأس الهرم ويكون متحكما في اتخاذ القرارات المصيرية. بل إن مفهوم الفاعل أصبح موزعا في كل ثنايا وانتماءات المجتمع. وهو ما أعطاه بعدا أوسع فلم يعد يرتبط بالتراتبية الاجتماعية (العبد والسيد/ المهيمن والمهيمن عليه) لكن خصائصه تلامس أشكال الحياة والانتماءات بل والهوية أيضا. فالفاعل له أدوار متعددة حسب المواقع التي يتحرك فيها وانتماءاته التي تحدد وجوده. وهذا ما يسمح بالحديث عن مفهوم القيادة في تفاعل مع أحداث الحياة اليومية والمعيش المشترك. إشكالية الفعل الجماعي إن الامتدادات تحضر في هذا البعد من خلال ملاحظة ما يقع داخل حدود وأسوار التنظيمات (علاقة الوصل بين المقاولة والسوق، وبين الإدارة والعموم) من نشر وتجديد وانسيابية الحركة. فالسؤال المركزي في النهاية هو العلاقة بين الجماعي و الفردي، فالسؤال يجرنا إلى تركيز التحليل حول الفاعلين الحقيقيين الذين يعملون على التنسيق بين مختلف المجموعات: ناطق رسمي مترجم، مؤول أو مقرر....و غيرهم. إن المفهوم الأساسي هنا هو التوسط، ما يفسر لنا أن البنيات والمجموعات والمؤسسات ما هي إلا حاملة للأثر، لكن هذه الاثار هي مجرد وسائط تمر عبر وسطاء. إن الفاعلين هنا هم أيضا actant فاعل/مفعول الذي يشمل الافراد/ وأيضا يشمل الأشياء والرموز/ وقد يشمل أيضا الأشياء والرموز معا. منطق الفعل ما يهم منطق الفعل هو أننا لا نهتم كثيرا بشرح الخطاطات أو المبادئ بقدر ما نهتم بهيكلتها من خلال مجموعة من القواعد، يتعلق الامر بكيف يبرر الفاعلون أفعالهم واختياراتهم و سلوكاتهم ؟و كيف يجعلونها مستقلة و واضحة؟ إنها مقاربة تعلي من شأن الفاعل فردا ومجموعة، وهي بالتأكيد غاية لا تتأتى إلا بتعاظم أدوار المجتمع المدني وتخليق الحياة وتوسيع أفق المبادئ وترسيخ جدوى أدوار الفاعلين في الحياة، سواء الفاعل الذي نفهمه بشكل نووي ونترجمه بالفرد (الأنا)أو في شكل أكثر عددا عبر الجمع (نحن الذي يسارع من أجل الاعتراف). نقصد من ذلك فهم سؤال أصبح ملحا مع تنامي الفضاء العمومي، وقد وجدناه، ذا أهمية في فهم ميكانيزمات التحول والانتقال في فترات تعد امتحانا صعبا لمبادئ حقوق الإنسان. كيف نستطيع الانتقال من الأدوار المزيفة إلى الأدوار الحقيقية للفاعل؟ إن الحديث عن الفاعل هو نقلة نوعية نحو مجتمع المسؤوليات في مقابل مجتمع الطاعة والولاء والجمود. إنه تغيير كيفي في تشكيل الوعي بالذات من إنسان الاعتقاد إلى إنسان الاقتناع والمسؤولية. يفرض علينا كل ذلك استعدادا يقوم أولا على فهم جديد وجذري لمسارات التنشئة الاجتماعية وسبر مؤسساتها. * باحث في مجال السوسيولوجيا والتحولات المجتمعية