يعيش قطاع الصيدلة بالمغرب أزمة خانقة، دفعت المشتغلين في هذا القطاع إلى دقّ ناقوس الخطر، بعد تواتُر حالات إفلاس أصحاب الصيدليات. الصيادلة المغاربة دعوا الحكومة، خلال المعرض الدولي لصيادلة الجنوب، إلى التدخل من أجل وقف نزيف الصيدليات، جرّاء إفلاس أصحابها. الدكتور حمزة اكديرة، رئيس الهيئة الوطنية لصيادلة المغرب، قال إنَّ 3500 صيدلية في المغرب، من أصْل 11500 صيدلية، أفْلستْ، خلال السنوات القليلة الماضية. وعزا رئيس الهيئة الوطنية لصيادلة المغرب هذه الوضعية إلى مجموعة من الأسباب، وعلى رأسها غيابُ التغطية الصحية لجميع المغاربة. ويبلغ رقمُ معاملات سوق الأدوية في المغرب 12 مليار درهم؛ وهو رقم معاملات محدود، حسب اكديرة، تذهب 3 ملايير درهم منها إلى القطاع العام (مقتنيات المستشفيات العمومية وغيرها من المؤسسات الصحية التابعة للدولة...)، ويقتسم القطاع الخاص 9 ملايير درهم، وقال اكديرة إنَّ مدخول بعض الصيادلة لا يتعدى 4000 درهم في الشهر. وما زال تعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة، بإدخال المزاولين للمهن الحرّة ضمْن المشمولين بالتغطية، متعثرا. ويرى الصيادلة أنَّ تعميم التغطية الصحية يُعدّ من بين الحلول الكفيلة بإخراج القطاع الصيدلي من الأزمة الخانقة التي يتخبّط فيها، خاصّة أنَّ القدرة الشرائية لدى شريحة واسعة من المغاربة تحول بينها وبين شراء الأدوية. حمزة اكديرة أشار إلى سبب آخر من الأسباب التي أثّرت سلبا على الصيدليات، ويتعلق ببيْع جهات لا علاقة لها بمجال الصيدلة للأدوية مثل المصحات الخاصة، بالرغم من أنَّ القانون يفرض عليها ألّا تبيع سوى الأدوية التي يستعملها المريض أثناء مدّة علاجه داخل المصحة؛ لكنّ المصحات تبيع للمرضى حتى الأدوية التي يستعملونها في بيوتهم. وأشار اكديرة إلى أنَّ سوق الأدوية في المغرب تعاني من أشكال شتّى من الفوضى، من مظاهرها بيْع الأدوية في السوق السوداء؛ بالرغم من أنَّ المغرب وقع اتفاقية MEDICRIME، التي تنص على أنّ كل دواء يُصْرَف للمواطنين يجب أن يسلك مسلكه الطبيعي، وهو المرور من المختبر إلى شركة التوزيع، وصولا إلى الصيدلية، وهو ما لا يُطبّق في المغرب. عامل آخر يفاقم من أزمة الصيادلة المغاربة، على غرار باقي الصيادلة في العالم، ويتمثل في انتشار الأدوية المزورة، حيث تصل نسبة هذه الأدوية في السوق العالمية إلى 10 في المائة، وفي إفريقيا إلى ما بين 30 و50 في المائة. ومن المنتظر أنْ توقع الهيئة الوطنية لصيادلة المغرب، الأسبوع المقبل، اتفاقية شراكة وتعاون مع الإدارة العامة للجمارك من أجل حماية السوق المغربية من تسلّل الأدوية المزورة، وكذا المستلزمات الطبية المعقمة إليها والقادمة من الخارج. حمزة اكديرة يقترح عددا من الحلول لإخراج القطاع الصيدلي المغربي من الأزمة التي يتخبط فيها؛ منها تعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة، وتطبيق القانون 04/17 الذي يُعطي حق الامتياز للصيادلة فيما يتعلق ببيع المستلزمات الطبية المعقمة، والتي قال إنّ بيْعها يتّسم بفوضى عارمة، حيث تباع خارج الصيدليات، وتدخل إلى المغرب عن طريق التهريب. كما طالب بحماية حقّ امتياز الصيادلة في بيْع الأدوية، حفاظا على صحة المواطنين. رئيس الهيئة الوطنية لصيادلة المغرب دعا وزيرَ الصحة إلى تفعيل "دستور الأدوية" المعروف ب" pharmacopée"، والمعمول به في عدد من الدول المتقدمة؛ مشيرا إلى أنَّ الحسين الوردي، وزير الصحة السابق، شكّل لجنة وطنية من خبراء متخصصين، وضعت "دستورا للأدوية" مستنسخا من التجربة الفرنسية والأمريكية واليابانية؛ لكن لم يتمّ تفعيله إلى حدّ الآن، مضيفا "نطالبُ، بإلحاح، بتفعيل هذا الدستور".