متحف التراث الثقافي اليهودي بالدارالبيضاء هو المتحف الوحيد في العالم الذي يهتم بالثقافة المغربية في رافدها اليهودي، والمتحف الوحيد في العالم العربي الذي يهتم بالمكون العبري. وبالرغم من تفرده على المستوى العالمي وغنى معروضاته، تبقى العلامات المؤشرة على مكان وجود المتحف اليهودي غائبة. هسبريس التقت زهور رحيحيل، محافظة المتحف، وسألتها عن معروضاته، ومدى الإقبال على زيارته، ومميزات الشخصية المغربية، والصعوبات التي تواجه التوعية بروافدها.. ما هو متحف التراث الثقافي اليهودي؟ متحف التراث الثقافي اليهودي المغربي هو فضاء ثقافي يهتم بالحفاظ على التراث الثقافي اليهودي للمغرب وصيانته. وقد جرى تأسيس هذا المتحف سنة 1997 بمبادرة خاصة من مجلس الجماعات اليهودية المغربية، ومن مجموعة من المسؤولين بهاته الجماعة مثل السيد سيرج بيرديغو، وجاك طوليدانو، وشمعون ليفي، وبوريس طوليدانو. هذه هي الشخصيات المهمة التي تبنت منذ البداية فكرة تأسيس فضاء ثقافي من أجل التعريف بالثقافة اليهودية المغربية، وخصوصا تعريف المغاربة المسلمين بما قامت به الجماعة اليهودية في تاريخ المغرب، وأيضا للتعريف بهذا التراث بالخصوص لمجموعة من اليهود المغاربة الذين يقطنون في الخارج؛ لأنه هناك مجموعة من المناسبات التي من خلالها يرجع العديد من اليهود المغاربة الذين يقطنون في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا وفي أماكن أخرى عبر العالم، لزيارة المغرب حيث يرجعون لإقامة ما يسمى بال"الموسم اليهودي" أو الهيلولة التي تكون مناسبة لزيارة الأضرحة وقبور الأولياء اليهود والحاخامات الكبار، وأيضا الاحتفال بمجموعة من الأعياد الدينية الكبرى. لدى المتحف أيضا وظيفة بيداغوجية كالمدرسة ووسائل الإعلام في التعريف بقضية أو ثقافة أو حدث؛ لأن الثقافة اليهودية لا تدرس في المناهج المدرسية شأنها في ذلك شأن مجموعة من الأمور التي تهم الثقافة المغربية والتاريخ المغربي. واليهود المغاربة الذين يقطنون في هذه البلاد جاءتهم هذه الفكرة لكي لا ننسى هذا الإرث، فكما نعرف أن تصدير الدستور الجديد للمملكة المغربية لسنة 2011 ينص ويعطي تعريفا فريدا من نوعه وله أهميته التاريخية بحيث إنه يعرف أن للمغرب هوية ثقافية متعددة تنهل من مجموعة من الروافد؛ الرافد الأهم والأساسي هو الرافد الأمازيغي مما يعني أن المغاربة كلهم أمازيغ. وبالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة من الروافد التي أغنت الرافد الأساسي الأمازيغي، فهناك الرافد العربي الإسلامي والرافد العبري أو اليهودي بالإضافة إلى الرافد الإفريقي بما أننا ننتمي إلى القارة الإفريقية، وهناك أيضا الرافد المتوسطي، والرافد الأندلسي، وهذا يعني أنها ثقافة فريدة من نوعها وثقافة جد غنية. واليوم من مسؤولية جميع المغاربة المحافظة على هذا التنوع الثقافي، وأيضا على مجموعة من المؤسسات التعليمية أو المتاحف أو وسائل الإعلام أن تقوم بمجهود من أجل التعريف بهذه الأشياء التي تميز تاريخنا وحضارتنا وتنوعنا الثقافي. ما الأنشطة التي يقوم بها هذا المتحف؟ قبل الحديث عن الأنشطة يجب القول إن هذا المتحف هو الوحيد من نوعه في العالم العربي، وهذا شيء مهم أود أن أذكر به؛ لأن هذا بمثابة مفخرة بالنسبة للمغاربة. وأشدد على هذا، لأن هناك مجموعة من المتاحف عبر العالم متخصصة في الحضارة والثقافة اليهودية. وكما نعرف، في الدول العربية والإسلامية هناك إرث يهودي أو عبري جد غني؛ لكن مع إحداث دولة إسرائيل جميع هذه الجماعات اليهودية التي كانت تقطن في ما مضى في مجموعة من الدول العربية والإسلامية في المغرب والجزائر وتونس و مصر واليمن والعراق في إيران بعد هجرتها أو تهجيرها ليست هناك ولو دولة عربية واحدة تهتم بثقافتها اليهودية. المغرب ينفرد بالحفاظ على هذا الإرث العبري الذي يعتبر مكونا من مكونات الثقافة والشخصية المغربية؛ وهذا كما قلت مفخرة للمغاربة لأن الكثير من الناس حين يأتون للمغرب يقولون إن هناك متحفا يهوديا مغربيا. وما أريد أن أركز عليه هو أن جميع المتاحف اليهودية في العالم هي متاحف يهودية أوروبية أو أمريكية وتهتم بالتعريف بالتراث اليهودي للعالم الغربي ولا تقوم بمجهود في التعريف بإرثنا في العالم العربي أو الإسلامي أو الإرث اليهودي الأمازيغي.. إذن، نحن ننفرد بهذه الخاصية، فنحن المتحف الوحيد في العالم الذي يهتم بتراث ينتمي إلى الحضارة العربية الإسلامية؛ لأننا نتوفر على إرث عبري أو يهودي ولكنه نتاج تاريخ وحضارة معينة عربية إسلامية ولا يجب أن ننسى هذا. ومن هذا المنطلق، يدافع المتحف عن هذه الخاصية، وهذا شيء جميل جدا. وبخصوص الأنشطة التي يقوم بها المتحف، احتفلنا مؤخرا بمرور عشرين سنة على تأسيس هذه المؤسسة المتحفية. وخلال عشرين عاما، قمنا بمجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية التي تُعرف بمجموعة من الأشياء يعود الفضل في التعريف بها إلى المتحف تخص الثقافة والإرث اليهودي في المغرب. مثلا حاولنا تنظيم مجموعة من التقاليد والاحتفالات والعادات التي كانت مشتركة بين اليهود والمسلمين في المغرب، مثل الاحتفال بعيد "ميمونة". وهذا المتحف كان له الفضل في إعادة إحياء هذه الثقافة. كما ننظم أيضا في نهاية عيد الفصح أو نهاية "بيصاح"، ونوجه الدعوة إلى العديد من المثقفين وأصدقاء المتحف من المسلمين واليهود المغاربة لكي نشترك في هذا العيد في المتحف. قمنا أيضا بتنظيم مجموعة من اللقاءات حول مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تحكي تاريخ اليهود المغاربة والتي تعرف بالثقافة اليهودية المغربية. وقمنا، مثلا، بمجموعة من الأنشطة حول مجموعة من الكتب والإصدارات والمنشورات التي تخص الثقافة اليهودية المغربية. كما نظمنا مجموعة من الأيام الثقافية حول مجموعة من المواضيع التي تخص الثقافة اليهودية المغربية، مثلا في شهر رمضان من كل سنة نقوم بتنظيم مائدة إفطار ندعو إليها مجموعة من اليهود والمسلمين المغاربة، أي أننا نقدم الدعوة إلى مجموعة من اليهود والمسلمين ليشاركوا الأعياد في ما بينهم لنشارك العيد اليهودي ونشارك العيد المسلم. وانفتحنا أيضا على مجموعة من المؤسسات الثقافية الأخرى مع مجلس المدينة مع مجموعة من الوزارات، ونظمنا مجموعة من المعارض في مجموعة من الجامعات المغربية وفي مجموعة من المدن المغربية حول اليهودية المغربية وحول المتحف وحول ما هو التراث الثقافي اليهودي المغربي، وأيضا في الخارج، في الولاياتالمتحدةالأمريكية في فرنسا وبلجيكا وألمانيا أي في مجموعة من الدول الأوروبية من وقت إلى آخر نقوم بتنظيم مجموعة من الأيام الثقافية حول اليهودية المغربية، أو حول الثقافة اليهودية المغربية. ما هي المعروضات المميزة في هذا المتحف؟ في هذا المتحف نعرض كل ما هو مغربي يهودي، وكل تحفة تخص الممارسة الدينية اليهودية في المغرب وممارسة الدين اليهودي على الطريقة المغربية، ونعرض مجموعة من اللقى تخص العادات والأعياد اليهودية ونعرض أيضا القفطان لأنه موروث مشترك بين المرأة المسلمة والمرأة اليهودية مع بعض الاختلافات البسيطة، ونعرض أيضا الحلي التقليدية الأمازيغية لأنها ليست بمسلمة أو يهودية بل تستعملها كل النساء المغربيات الأمازيغيات. والشيء المميز بالنسبة إلى هذا المتحف هو أننا نعرض نموذجا لبيعات أو أماكن الصلاة المغربية الأصيلة التي كانت رائجة في أواخر القرن ال18م، أيضا نعرض لأسفار التوراة التي كُتبت ونقلت بالمغرب، حيث كان المغرب معروفا بمجموعة من المدارس الدينية التي تكون كبار الحاخامات، وهذا إرث كبير يجب أن نفتخر به؛ لأنه اليوم في أمريكا اللاتينية وحتى في أوروبا في جميع أماكن الصلاة والبيعات يمكنك أن تصادف أن كبير الحاخامات هو من أصول مغربية، لأن المغرب كان يتوفر على مدارس دينية عتيقة في التكوين العبري. وكما رأيتم هناك معرض مؤقت ومعرض دائم، في المعرض المؤقت في هذه الشهور نعرض صورا فوتوغرافية لمصور كندي حول المواقع التاريخية اليهودية في المغرب. ويجب أن تعلم أنه قبل سنة 1997 لم يكن هناك حديث عن مواقع أثرية يهودية في المغرب، لكن بعد إحداث المتحف أصبح هناك حديث عن وجود مواقع تاريخية يهودية أو عبرية على غرار المواقع الفينيقية أو الرومانية أو الإسلامية. وحين نتحدث عن المواقع الأثرية اليهودية في المغرب نتحدث عن الملاحات أي الأحياء اليهودية بالمغرب، والبيعات أو "الجوامع داليهود"، وهناك أيضا المقابر اليهودية التي تعد بالمئات وهي موجودة في مختلف المناطق المغربية، وهناك أيضا الأضرحة والسادات أو قبور الحاخامات أو الصديقين اليهود في المغرب، فنتوفر على 625 قبرا لأولياء صالحين يهود. وبمساعدة من الملك محمد السادس والحكومة المغربية، قامت الجماعة اليهودية المغربية بترميم حوالي 162 مقبرة يهودية، وهذا شيء فريد من نوعه في العالم بأسره؛ لأن بلدا عربيا إسلاميا مثل المغرب يهتم بالإرث الثقافي اليهودي وصيانة وترميم أماكن الصلاة والمقابر، وهذه هي الخصوصية المغربية. ولنا مشاريع في المستقبل لترميم مجموعة من أماكن الصلاة أو المعابد اليهودية في مناطق متعددة من المغرب. قبل إنشاء المتحف في 1997، لم يكن هناك حديث عن تراث ثقافي يهودي مغربي، والآن أصبح الجميع يتداولون حوله في مجموعة من الجمعيات والجامعات المغربية، وما أريد قوله هو أن الفضل يرجع إلى هذه المؤسسة المتحفية التي أحدثتها الجماعة اليهودية المغربية. ولاحظنا أنه في عشرين أو الخمس عشرة سنة الأخيرة وبفضل إنشاء المتحف، أصبح هناك اهتمام كبير من لدن المغاربة وخاصة الباحثين والطلبة الجامعيين المغاربة؛ لأنه في كل الجامعات تقريبا هناك قسم متخصص في التراث الثقافي المغربي بصفة عامة وهناك مجموعة من الطلبة المغاربة ينجزون مجموعة من الأبحاث حول المكون اليهودي، والتراث اليهودي المغربي. هل يحظى المتحف بإقبال؟ لدينا إقبال خصوصا من لدن المغاربة الباحثين والطلبة الجامعيين بالخصوص، وأيضا من لدن السياح الأجانب.. ومعروف أن جل المتاحف المغربية يزورها السياح الأجانب، وتقوم كذلك بعض المدارس المغربية والفرنسية والأمريكية واليهودية في الدارالبيضاء بزيارة المتحف. ما أريد قوله هو أنه في المغرب لدينا حاجة جد ماسة لإحداث المتاحف، فبالرغم من وجود متاحف فإنها قليلة، وهناك ضرورة لإنشاء المتاحف في كل المدن والمناطق والجهات المغربية، بالنسبة إلي كل حي يجب أن يتوفر على متحف خاص لأن كل حي له تاريخه الخاص. كيف يحاول المتحف الوصول إلى الشباب المغاربة المسلمين لتعريفهم على التراث اليهودي؟ كي يتعرف المغاربة المسلمون على الثقافة اليهودية المغربية يلزم تكثيف المجهودات والعمل، خصوصا مع وزارة التربية الوطنية ومع المؤسسات التعليمية.. وبالنسبة إلينا المتحف فضاء مفتوح في وجه الجميع. وفي إدارات المدارس التي تتوفر على مصلحة بيداغوجية يجب أن تنظم مجموعة من الزيارات للمتاحف من أجل التعريف بالمآثر والمعالم التاريخية للمغرب، لأنه مع الأسف نرى أن أولادنا يعرفون المعالم التاريخية للخارج، وحين أسأل مجموعة من أطفال المدارس الذين يزورون المتحف: هل سبق لكم أن زرتم متحفا؟ يكون الجواب بنعم، وعندما أسألهم: أين؟ في فرنسا في إيطاليا في إسبانيا في الولاياتالمتحدة، لكن حين تسألهم هل سبق أن زرت متحفا مغربيا يقولون: وهل هناك متاحف في المغرب؟ إذن، المدارس ورجال ونساء التعليم يجب أن ينظموا مجموعة من الأنشطة في هذا الإطار، وزيارات للمتاحف لأنه في الدارالبيضاء مثلا هناك 3 متاحف مهمة يجب على أبناء المدينة أن يعرفوها، كما يجب أيضا الانفتاح على مجموعة من المدن الأخرى. هل للمغاربة وعي برافد ثقافتهم اليهودي؟ "أنا شوف المغاربة كيعجيوني" لأنني مغربية، وللمغاربة وعي كبير بالمقارنة مع مجموعة من الشعوب الأخرى بالعكس مثلا حين أكون في بحث ميداني في منطقة أو مدينة في المغرب، حين يعرف الناس أنني أسأل أو أبحث عن موقع أثري يهودي أو معبد يهودي أو حي يهودي، يبادرون إلى استفساري هل أحتاج إرشادا؟ ما لاحظته أن كل ناحية أو مدينة أو جهة حين أذهب إليها في إطار الأبحاث الميدانية التي أقوم بها في إطار مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي أو في إطار المتحف أن هناك اهتماما من طرف المغاربة، وأن عندهم شغفا، وحب استطلاع، وفضولا، ومحبة للمعرفة. وبالأخص أغلب المغاربة الذين يأتون إلى المتحف ألاحظ أن لهم كلهم ذاكرة حية، حيث يحكي لك مثلا أن جده أو جدته أو أمه أو أباه كان لهم أصدقاء يهود أو أن المهنة التي يمارسها تعلمها من يهودي، "كاين هناك واحد الاهتمام"، فالمغاربة عندهم حب الاكتشاف وحب الاستطلاع. ولاحظنا أن الشباب يطرح الكثير من الأسئلة حول الموضوع اليهودي من قبيل: أين يوجد اليهود في المغرب؟ هل هناك الآن يهود في المغرب؟ لماذا ذهب اليهود من المغرب؟ هذه مجموعة من التساؤلات التي نحاول أن نجيب عنها، وننظم معارض وأمسيات وأنشطة ثقافية حول هذه الأشياء التي تخص المسألة اليهودية في المغرب. كيف يتلقى المتحف التقارير الدولية التي تتحدث عن تسامح المغرب دينيا تارة، وعن عدم التسامح بين الروافد المتعددة تارة أخرى؟ كل تقرير يحكي ما يريد، لأن كل تقرير يكون الشخص الذي ينسجه عنده إيديولوجيا وراء إنجاز التقرير والجهة التي توجد وراء هذا التقرير.. وأنا مغربية مسلمة بحكم اشتغالي في متحف الثقافة اليهودية المغربية أقول بالعكس إننا في أخلاقنا وتربيتنا وتاريخنا وذاكرتنا الجماعية كمغاربة أننا أُناس مسالمون، ونتعايش مع الآخر بالأخص عندما يتعلق الأمر بيهودي يعيش معنا في نفس المجتمع، وبالأخص عندما نكون نحن الاثنين مسلمين ويهودا نتقاسم نفس الثقافة التي هي الثقافة المغربية، ويجمعنا بلد واحد، وحضارتنا التي نشترك فيها، لأن الحضارة والثقافة شيء قوي جدا ويجمع الناس وهذا الشيء المهم عندنا في هذا البلد ويجب أن نكون مفتخرين به. أما العنصرية فتوجد في العالم بأسره، ولكن هذا ليس من شأننا كمغاربة لأنه كان عندنا دائما تعايش بين المسلمين واليهود، وبالعكس نحن من المخول لنا أن نعطي دروسا للآخر ومجموعة من الأبحاث أشادت بهذا الشيء. وما يجب أن نقوله مثلا لنكمل في هذا التعايش الذي يتميز به تربيتنا وأخلاقنا وحياتنا اليومية والروح المغربية هو أن ندرس هذا في المدارس والجمعيات، وأن نُريه في البرامج التلفزيونية والإذاعية؛ لأنه مع ما يقع في الإنترنت وما يتم نشره فيه يجب أن نوضح للأطفال في المدارس وهذه الأجيال الصاعدة أنه ليس أي شيء يتم نشره في الأنترنيت صحيح.. وبالعكس كمغاربة يجب أن نكون مفتخرين بحضارتنا وثقافتنا وبالإرث المتعدد الذي يكون شخصيتنا، وبهويتنا الثقافية المتعددة. وما أقوله كمحافظة متحف وكخريجة المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث هو أنني أطلب أن يكون عندنا وعي كبير، بالأخص عند مجموعة من الجهات المسؤولة بضرورة إنشاء متاحف متعددة وبكثرة وفي جميع المناطق المغربية؛ لأنه عندنا تاريخ كبير ولكن المغاربة مع الأسف يجهلون أهميته. إذن، اليوم المسؤولية على عاتق جميع المسؤولين وجميع المغاربة، ومن عنده إمكانية ولو بسيطة عليه إنشاء متحف، لأنه كما نبني مدرسة ومسجدا يجب أن نبني متحفا؛ لأن الثقافة في ظل العولمة أصبحت في خطر ويجب أن نحافظ على خصوصيات ومميزات ثقافتنا وتاريخنا وحضارتنا لأنها جد غنية، ويجب علينا التعريف بها عند الأجيال الصاعدة، وهذه مسألة أصبحت جد مستعجلة. ما الذي يمثله لك شمعون ليفي؟ شمعون ليفي إنسان فريد من نوعه كان وطنيا كبيرا ومناضلا كبيرا، ونحن الآن نتكلم ونقول إنه يجب أن تكون بادرة وأن على عاتق كل منا مسؤولية، فهذا السيد لم يكن عنده شيء وكان أستاذا جامعيا متقاعدا، ولكن بما أنه مناضل سياسي كبير ومعروف جاءته فكرة أن ينشئ متحفا، وكان يقول إن "اليهود ذهبوا لكن هذا لا يعني أن مكانهم سيبقى فارغا ويجب أن نذكر دائما أن اليهود كانوا في هذا البلد لكي لا ننساهم". إذن، هو إنسان مثقف مناضل، ولم تكن عنده الإمكانات المادية من أجل فتح متحف، ولكن مع ذلك ناضل من أجل إحداث هذا المتحف، والمتحف اليوم في عمره 20 سنة، وشمعون ليفي رحمه الله توفي في سنة 2011 والمتحف لا يزال قائما، وأقول كمسلمة إن عندنا مسألة الصدقة الجارية، وشمعون ليفي رحمه الله قام بصدقة جارية؛ لأن العديدين يزورون المتحف ويتعلمون منه الكثير حول التاريخ والحضارة والثقافة اليهودية المغربية ويترحمون على روحه. من عنده إمكانات فلينشئ متاحف لأن المتحف مثل مدرسة. ويجب أن نشرح للأطفال والمغاربة والأجيال الصاعدة اليوم أهمية تاريخهم وأهمية دينهم وأهمية ثقافتهم وما خصوصيات المغاربة ونجعلهم ليكونوا فخورين بها؛ لأنه عندنا في بعض الأحيان بعض الناس غير مفتخرين بمغربيتهم و"ماتايعجبنيش الحال"، واليهود المغاربة الذين اشتغلت معهم كلهم عندهم "تامغرابيت" كبيرة وقوية كثيرا، ولأنهم يحسون بأنهم من هذا البلد قاموا بالكثير لصيانة الثقافة اليهودية المغربية والحفاظ عليها.