قالت يسرى أبورابي، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الدولية بالرباط، إن الانضمام المرتقب للمغرب إلى المجموعة الاقتصادية "سيدياو" سينتج عنه تحول في الهوية الوطنية بفضل الاندماج الإقليمي في هذا التكتل. وأوضحت أبورابي، خلال ندوة دولية نظمت بأبيدجان حول "رهانات انضمام المغرب إلى سيدياو"، من تنظيم معهد أماديوس، أن هذا الانضمام بمثابة فرصة حقيقية لإحداث تحول في الهوية المغربية، وأضافت: "هذا التحول يأتي ليس لأن الهوية الوطنية الحالية ليست غنية بما فيه الكفاية، لكن لأنها وطنية فقط". وأشارت الأستاذة الجامعية، في الندوة التي حضرها عدد من المسؤولين الإيفواريين والمغاربة، إلى أن "النظام المعولم يجعل من التحول في هويات الدول، أو ما يعرف أيضاً ب «syncrétisme strategique»، بمثابة هدف سياسي عقلاني، وفي بعض الأحيان ضرورياً من أجل استمرار وبقاء تلك الدول". وأوردت المتحدثة، في معرض مداخلتها، أن قادة المغرب كانوا منذ زمن يبحثون عن الاعتراف بالهوية المتعددة وتنميتها، وزادت موضحة: "منذ تولي محمد الملك محمد السادس الحكم سعى إلى تعريف هوية المغرب بكونها متعددة، وليست منحصرة فقط في العربية والإسلام؛ والأمر نفسه بالنسبة للملك الحسن الثاني والملك محمد الخامس..هذا الأخير كان صاحب فكرة أن المغرب يجب أن يعتبر كصلة وصل بين الشرق والغرب". وإذا كان السعي إلى الاعتراف بخصوصية الهوية المغربية المتعددة منذ زمن بمثابة هدف سياسي للدولة، ونجحت في الجمع بين الموروث الشرقي والغربي في الهوية الوطنية، إلا أن البعد القاري والهوية الإفريقية للمغرب بقيت ضعيفة جداً، حسب يسرى أبورابي. ولفتت الأستاذة الجامعية إلى أن "السياسة الإفريقية الجديدة التي دشنها الملك محمد السادس في السنوات العشر الماضية أعطت دفعة قوية لمسلسل "أفرقة" الهوية الوطنية"، لكنها أشارت إلى أن "الدولة لا يمكنها الوصول لوحدها إلى هذا المسعى"، معتبرةً أن المجتمع المغربي لا يمكن أن يحتضن هذه الهوية الجديدة بهدوء وبشكل كامل دون اندماج إقليمي. واعتبرت المتحدثة أن التحول في هوية أي دولة مشروط بالضرورة بعوامل خارجية وداخلية أيضاً، وقالت إن "العامل الخارجي الذي ساهم في هذا الأمر بالنسبة للمغرب كان هو الربيع العربي، الذي دفع المملكة إلى تغيير الدستور؛ وبالتالي كان فرصة وصدفة أيضاً لإعادة صياغة الهوية الوطنية بتبني الهوية الإفريقية دون أن تكون ضمن مطالب الشارع المغربي". وسيتيح انضمام المغرب إلى "سيدياو" بشكل كامل تحركاً حراً للأفراد وعملة موحدة مرتقبة، وبالتالي إحساس المغاربة أكثر بهذا الاندماج موازاة مع الإرادة السياسية للتوجه الإفريقي. ولاحظت أبورابي أن المغرب حين تبنى دستوراً جديداً سنة 2011 اعترف لأول مرة في تاريخه بالطابع الإفريقي لهويته، وأضافت: "هذا ليس كافياً..المغرب في حاجة إلى إفريقيا الغربية من أجل تحقيق هدف أفرقة africanisation الهوية الوطنية المغربية". وأشارت الأستاذة الجامعية ذاتها إلى أنه في حالة نجاح المغرب في الاندماج في مجموعة "سيدياو" فإن التأثير والتحول سيصبح قارياً، وسيكون البلد من الدول الأولى التي تكسر التقسيمات الجيوسياسية الشرقية، أي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وخلصت يسرى أبورابي إلى أن المغرب أمام فرصة في حالة انضمامه الكلي إلى مجموعة دول غرب إفريقيا، من أجل إعادة رسم تموقعه الجيوسياسي وفقاً لاختياراته، ليكون مصدر إلهام له في المستقبل، ولتحقيق نمو اقتصادي واجتماعي وسياسي في المنطقة. جدير بالذكر أن الندوة التي شاركت فيها يسرى أبورابي هي من تنظيم معهد أماديوس المغربي، وحضرها عشرات الإيفواريين، وعدد من المسؤولين المغاربة، على رأسهم عبد المالك الكتاني، سفير المغرب في أبيدجان، وتأتي في إطار ندوات بدأها في مارس الماضي، لفتح النقاش داخل دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا حول طلب المغرب.