بعد التحذير المغربي الذي جاء حازماً هذه المرة مؤكداً أنه لن يقف مكتوف الأيدي إزاء التوغلات العسكرية في المنطقة العازلة بالصحراء المغربية، عمدت جبهة البوليساريو إلى استعراض جانب من قواتها العسكرية من لدن ما يُسمى "جيش التحرير الشعبي الصحراوي"؛ غير أن الصور التي تناقلتها الآلة الدعائية للتنظيم أظهرت افتقار "الجنود الصحراويين" لقدرات حربية عالية ولمعدات عسكرية متطورة. وأشرف إبراهيم غالي، زعيم الانفصاليين، بمدرسة "الشهيد الولي العسكرية" على تخرج دفعة جديدة من "مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي"، بحضور كبار قادة الجبهة الذين وجّهوا تعليمات عسكرية إلى الشباب الذين يتم تجنيدهم في مخميات تندوف بالرغم من صغر سنهم، كما أظهرت ذلك الصور المنتشرة بشكل لافت على عدد من وسائل الإعلام ذاتها. وحاولت ميليشيات البوليساريو، خلال الاستعراض العسكري، الترويج لجاهزية وحداتها القتالية لشن هجمات ضد الجيش المغربي في حالة تطور الأوضاع، حيث أبرز المشرف على تدريب هؤلاء الشباب "نوعية التكوين العسكري والعلمي الذي تلقته الدفعة والمساير للمتطلبات الحديثة". وقال القيادي الانفصالي، في كلمة بالمناسبة، إن "الأطر العسكرية تلقت دروساً على حب الوطن والعمل الدؤوب على المحافظة على الأمن والاستقرار حتى تحرير الوطن واستكمال السيادة، ونصائح من أجل رفع التحديات من خلال التفاني والإخلاص في خدمة الوطن كل من موقع عمله". وأورد المتحدث أن الدفعة المتخرجة تلقت تكويناً عسكرياً في فن "القتال المتلاحم" و"الكوكسول" وحركات بدون سلاح، إضافة إلى الرماية بالذخيرة الحية بسلاح كلاشينكوف وبيكاتي. محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، يرى أن مقارنة قدرات الجيش المغربي مع مقاتلي البوليساريو لا تستقيم بتاتاً؛ لأن الأخير يسوّق لخدعة وأكذوبة اسمها "جيش الصحراء"، مؤكداً أن "ميليشيات الجبهة غير المدربة لا يُمكن لها أن تصمد لحظة واحدة من عمر الحرب أمام القوات المغربية"، مضيفاً أن المقارنة يجب أن تكون مع الجيش الجزائري. وأوضح الخبير في الشؤون الأمنية، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجيوش النظامية تتميز بحسن القيادة والتأطير العسكري العالي والخبرة في مجالات الحرب، ولفت إلى أن الجيش الجزائري نقطة ضعفه هو غياب القيادة العسكرية المحنكة. وأشار بنحمو إلى أن الجيش المغربي يتمتع بقدرات قتالية في جميع المجالات التي تدور فيها الحرب، سواء البرية أو البحرية أو الجوية، بالإضافة إلى "القدرة الكبيرة على تجميع عدد من المعلومات حول العدو، والتي تعززت باقتناء الرباط لقمر صناعي مغربي قلب المعادلة ليس فقط مع الجزائر، بل مع إسبانيا التي تعتبر قوة كبيرة". وأضاف رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن "الجيش المغربي هو نظامي وأحد الجيوش الأقوى في القارة الإفريقية، بقيادة وتأطير عاليين من درجة عالمية وخبرة كبيرة ومهنية فائقة وقدرات قتالية رفيعة وعتاد دفاعي وحربي ذكيين". ويتوفر المغرب، حسب الخبير الأمني، على أسلحة متطورة وعالية الدقة؛ "لأنه لا يكدس خردة السلاح كما تقوم مجموعة من الدول، بل يقتني العتاد الحربي في إطار إستراتيجية متكاملة". وحول التفوق العسكري المغربي الجزائري، يُشير الباحث إلى أن التوازنات الإستراتيجية بالمنطقة تذهب إلى صالح المغرب في العديد من الجوانب؛ "من قبيل نوعية السلاح، والتأطير، ثم النقطة المهمة وهي قناعة الدفاع عن عدالة قضية الوحدة الترابية". من جهة ثانية، أورد محمد بنحمو أن "الاستخبارات الجزائرية تقوم، خلال الأيام الأخيرة، بأنشطة مكثفة من أجل استقدام مرتزقة من منطقة الساحل الصحراوي إلى مخيمات تندوف؛ وهو الأسلوب نفسه القديم الجديد الذي اعتمدت عليه الجزائر إبان بداية النزاع مع المغرب".